أخبار اليوم - في سباق مع الزمن، بدأ مزارعو محافظة جرش ببرامج حراثة الأراضي الزراعية التي نمت فيها مساحات واسعة من الأعشاب والحشائش، والتي تهدد مزروعاتهم بعد جفافها مباشرة، كونها بيئة خصبة لنشوب الحرائق بعد أول مرتفع جوي، وزيادة عدد المتنزهين وإشعال النيران بالقرب منها.
والحراثة هي الطريقة المثلى للتخلص من الأعشاب والحشائش في وقت مبكر وبسهولة قبل جفافها وصعوبة إزالتها، لا سيما أن تنظيفها بواسطة تراكتورات الحراثة أسهل وأسرع من تنظيفها يدويا، خصوصا في هذه الفترة، فضلا عن أن آلاف الدونمات تقوم الحيوانات بحراثتها في المناطق الوعرة والجبلية للحفاظ على الأشجار المزروعة.
وفي الوقت ذاته، يشكو المزارعون من نقص في تراكتورات الحراثة نظرا لزيادة الطلب عليها، وأغلبها من المحافظات القريبة، كون محافظة جرش لا يوجد فيها أعداد كافية من التراكتورات، مما رفع الطلب عليها ورفع أسعارها بنسبة لا تقل عن 40 %، حيث وصل سعر الحراثة لساعة واحدة إلى 17 دينارا، فيما كان لا يتجاوز 13 دينارا في السنوات السابقة.
وقال المزارع فارس بني عبده، إنه بدأ مبكرا العام الحالي بحراثة أراضيه الزراعية وتنظيفها من مساحات كبيرة من الأعشاب التي نمت فيها بسرعة، لا سيما أن هذه هي الطريقة الوحيدة لتنظيفها وحمايتها من الحشرات والقوارض، وأهم خطر، وهو نشوب الحرائق، كون مساحات واسعة من الأراضي المملوكة تعرضت للحرائق في السنوات السابقة بسبب الأعشاب والحشائش التي تجف بسرعة، وتكون بيئة خصبة للحرائق والأخطار المختلفة، كما أن الوصول إلى الأراضي وقطاف المحاصيل يصبح صعبا جدا في حال لم يتم تنظيف هذه الأعشاب وإزالتها والتخلص منها بأسرع وقت، خصوصا أن المحاصيل الزراعية ستبدأ بالإنتاج بعد أسابيع قليلة.
البحث عن تراكتور للحراثة دون جدوى
أما المزارع توفيق المقابلة، فيؤكد أنه يبذل جهودا مضنية منذ أسبوع في البحث عن تراكتور للحراثة ولكن دون جدوى، لا سيما أن عدد الجرارات المتوفرة في جرش متواضع، وأغلبها يعمل ضمن المساحات الكبيرة لضمان استمرارية عملهم عدة أسابيع متواصلة، ويتركون المساحات القليلة كونها لا تحتاج إلى وقت طويل، رغم أهمية إزالة الأعشاب والحشائش فيها خوفا على المحاصيل والأشجار من نشوب الحرائق.
وأضاف المقابلة، أن المزارعين يقومون بحجز التراكتورات والخيول التي تعمل بالحراثة مسبقا لضمان تنظيف أراضيهم في المواعيد المناسبة، إلا أنها تشهد طلبا متزايدا هذه الفترة، بسبب نمو مساحات واسعة من الأعشاب التي يصعب تنظيفها يدويا أو بواسطة المبيدات، ويجب أن يتم تنظيفها بواسطة التراكتورات أو الحيوانات، لا سيما أن تنظيفها يدويا يحتاج إلى أيد عاملة ومدة طويلة وأجور باهظة.
إلى ذلك، يطالب مزارعون في محافظة جرش، مديرية زراعتهم، بإعادة العمل في برنامج حراثة الأراضي الزراعية مجانا، للحد من نمو الأعشاب والحشائش التي يشكل انتشارها ونموها بيئة خصبة لنشوب الحرائق في الصيف المقبل، بخاصة في الأراضي الزراعية القريبة من الأحراش والغابات، والتي تتسبب باشتعال الحرائق هناك سنويا.
وأشاروا إلى أن مثل هذا الإجراء، سيخفف عن المزارعين تكاليف حراثة أراضيهم، ويسهم في الحد من حرائق الأشجار والغابات.
وقال المزارع أمجد الحراحشة، إن معظم مزارعهم في القرى والبلدات التابعة لبلدية النسيم قريبة من الغابات والأحراش، مشيرا إلى أن نمو الأعشاب والحشائش سيهدد الغابات المجاورة لها بالاحتراق، بخاصة أنهم غير قادرين على حراثة الأراضي الزراعية بسبب الظروف القاهرة التي يعيشونها، جراء عدم تمكنهم من تسويق منتجاتهم وانخفاض أسعارها، وأن تكاليف قطافها والعمل بها أدت إلى خسارتهم.
الخشية من خطر الحرائق
وبين أن الخطر المقبل هو الحرائق التي تهدد الغطاء النباتي في محافظة جرش، وتحديدا في القرى والبلدات القريبة من الغابات، كبلدتي سوف وساكب.
وتمنى الحراحشة على مديرية زراعة جرش حراثة الأراضي الزراعية القريبة من غاباتهم لحمايتها من الحرائق، لعدم إمكانية المزارعين ماليا حراثة أراضيهم، بخاصة أن مديرية الزراعة أوقفت حراثة الأراضي الزراعية مجانا للمزارعين منذ خمس سنوات.
وأوضح أن ترك الأراضي الزراعية من دون اهتمام، ومع كل تساقط للأمطار، يزيد من مساحة الأعشاب والحشائش، التي تؤثر على نوعية وجودة الثمر في الموسم المقبل، فضلا عن ضرورة تسميدها وتقليمها حاليا، وحاجتها لمزيد من المواد الزراعية لتغذية التربة والشجر.
وأوضح المزارع خالد العجوري، أنه عاجز هذا العام عن حراثة أرضه، لعدم قدرته المادية على دفع تكاليف الحراثة، ولن يستطيع خدمة أشجاره، نظرا لارتفاع التكاليف، وخاصة أعمال الحراثة، وتحتاج أرضه إلى أكثر من 500 دينار أجور حراثتها.
وناشد وزارة الزراعة بتوفير آليات لحراثة الأراضي الزراعية، بخاصة أن تركها من دون حراثة، ونمو أطنان من الأعشاب والحشائش فيها، يزيدان من خطورة اشتعال الحرائق في الصيف المقبل.
بدوره، قال الحراث محمد فريحات، إن العمل في الحراثة من المهن الزراعية القديمة الموسمية، التي يعتمد عملهم فيها على مواسم محددة، مما قلل من عدد العاملين فيها، وأصبح محدودا جدا، ولا يغطي المساحات الزراعية كافة، خاصة في هذا الوقت، الذي تحتاج فيه آلاف الدونمات إلى الحراثة.
وأوضح فريحات أن أسعار الحراثة مرتفعة، لزيادة الطلب على أعمالهم وقلة عدد العاملين فيها، وأجرة الساعة لا تقل عن 17 دينارا أو أكثر، خاصة في هذه الفترة.
ماذا تقول مديرية الزراعة؟
من جهتها، قالت مديرة زراعة جرش الدكتورة علا المحاسنة، إن المديرية كانت تنظم برنامج حراثة مجانيا للمزارعين قبل نحو عشر سنوات، ولكنه أوقف تماما، وإن المزارعين يحرثون أراضيهم الزراعية على نفقتهم الخاصة منذ سنوات، وما يزال عدد من العاملين في الخدمات الزراعية يمتلكون تراكتورات زراعية ويعملون على الحراثة مقابل أجر، ولكن بأعداد متواضعة.
وأوضحت أن مديرية الزراعة يتوفر فيها ثلاثة تراكتورات عاملة، تقوم بحراثة الأعشاب والحشائش في المواقع الحكومية والأراضي الحرجية، بهدف حمايتها من نشوب الحرائق بعد جفاف هذه الأعشاب مباشرة، وتقوم بتقديم خدمات الرش فقط للمزارعين من خلال هذه التراكتورات بعد تعرض أراضيهم للإصابة.
وأضافت أن الأراضي الزراعية بحاجة للحراثة ثلاث مرات في العام الواحد، وفي هذا الوقت بالتحديد، حيث يعد أهم وقت للحراثة للحد من نشوب حرائق الصيف وتعرض الأشجار المثمرة للضرر، وكذلك بعد انتهاء القطاف وقبل بدء تساقط الأمطار لضمان إشباع التربة بمياه المطر، والثانية مع بدء نمو الأعشاب والحشائش في هذه الفترة، حرصا على التخلص منها في الموعد المحدد والحد من نموها وتكاثرها قبل فصل الربيع. وتبقى تكاليف الحراثة مرتفعة مقارنة مع إنتاجية بعض الأراضي الزراعية، حيث لا تغطي الإنتاجية تكاليف هذه الحراثات.
ودعت المحاسنة، مزارعي المحافظة، إلى حراثة الأرض الزراعية في المواعيد المحددة، لضمان الحفاظ على جودة ونوعية المنتج الزراعي، خاصة وأن كل قطعة أرض بحاجة إلى حراثة حاليا، كون النموات العشبية كبيرة وبمساحات واسعة جدا وتحتاج إلى تنظيف.
الغد