أخبار اليوم - أكد أستاذ علم الآثار والتراث والسياحة في الجامعة الهاشمية، الباحث الدكتور محمد وهيب، أن الزرقاء تحوي آثارا من عمق التاريخ تستحق تسليط الضوء عليها.
وبين وهيب، في تصريح لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) أن في الزرقاء نوعا فريدا من السياحة لا مثيل له في الشرق الأوسط، هو سياحة "مثلث الصيد"، والتي ترتكز على ثلاث محطات رئيسية، هي: المصايد الحجرية في الحلابات وقصير عمرة ومحمية الشومري.
وأوضح ان المصايد الحجرية تمتاز بشبكة من المصايد العملاقة التي تعود إلى ما قبل الميلاد بألفي عام، وبنيت لصيد غزال الريم الذي كان يجوب سهول الظليل وربوع الزرقاء، حيث تعتبر هذه المصايد تجسيدا لعبقرية الإنسان القديم في التكيف مع الطبيعة وإنشاء أنظمة صيد مستدامة.
وأشار إلى أن قصير عمرة، يعد تحفة معمارية وفنية تزين جدرانها رسوم "الفريسكو" النادرة، التي توثق لحظات الصيد وأنواع الحيوانات الصحراوية، وهو مدرج ضمن قائمة التراث العالمي منذ عام 1985، ويعد متحفاً حياً لتاريخ الصيد العربي القديم.
وبخصوص محمية الشومري بالأزرق، فإنها تعد نموذجًا حيًا لعودة الحياة البرية إلى طبيعتها، حيث أعيد توطين سلالات حيوانات كانت تجوب المنطقة في عصور سحيقة، لتصبح المحمية من أهم وجهات محبي الحياة البرية.
كما أشار وهيب الى العمائر الغامضة في عمق البادية، وهي مبان أثرية ما تزال تحير الباحثين وتستفز خيال المستكشفين، ووجهة لعشاق الغموض والأساطير، كما في سور الحلابات الممتد لتسعة كيلومترات كتحفة معمارية نادرة تروي قصصا منسية.
ولا تتوقف عجائب الزرقاء عند حدود الطبيعة، بل تمتد إلى التاريخ البشري العريق، حيث تحتضن امتداد "طريق الإيلاف القرشي"، الذي عبره النبي الكريم في قافلة خديجة بنت خويلد، وطريق "البخور" الذي امتد آلاف الكيلومترات بين حضارات العرب، وكان يعبرها "طريق تراجان الروماني" من شمال الأردن إلى جنوبه، الذي ما تزال أعمدته المائلة في بلدة الهاشمية شاهدة على عبق التاريخ.
ونوه الدكتور وهيب، إلى أن تاريخ الأردن زاخر بالحضارات التي تعاقبت على أرضه، حيث نشأت أقدم القرى الزراعية في خربة الودعة وعين غزال، وظهرت مدن العصر الحجري النحاسي في تليلات الغسول، وممالك مؤاب وعمون وأدوم في العصور الحديدية، أما قصر "عراق الأمير"، فيبقى منارة أثرية فريدة لا مثيل لها، مثلما تبقى البترا درة المعمار النبطي الخالد ووجهة لسياحة المعرفة والمغامرة والجمال.