كيف يستخدم فريق ماسك الذكاء الاصطناعي لمراقبة " الحكومة الأميركية"؟

mainThumb
كيف يستخدم فريق ماسك الذكاء الاصطناعي لمراقبة " الحكومة الأميركية"؟

08-04-2025 03:13 PM

printIcon

أخبار اليوم - أبلغ مسؤولون في إدارة ترامب بعض موظفي الحكومة الأميركية أن فريق DOGE التقني التابع لإيلون ماسك يستخدم الذكاء الاصطناعي لمراقبة اتصالات إحدى الوكالات الفيدرالية، بهدف رصد أي مؤشرات على العداء تجاه الرئيس دونالد ترامب أو أجندته، بحسب ما أفاد به مصدران مطلعان على القضية.



ورغم أن معظم أنشطة "وزارة كفاءة الحكومة" التي يقودها ماسك لا تزال يكتنفها الغموض، إلا أن هذه المراقبة – في حال تأكدت – ستمثل استخدامًا استثنائيًا للتكنولوجيا في كشف "علامات الولاء أو عدمه" داخل مؤسسة حكومية تعاني أصلاً من عمليات تسريح جماعي وخفض شديد في التكاليف.


كما أفاد مصدر ثالث مطّلع أن فريق DOGE يستخدم تطبيق سيغنال (Signal) للتواصل الداخلي، ما قد يشكّل انتهاكًا لقواعد الاحتفاظ بالسجلات الفيدرالية، نظرًا لأن التطبيق يتيح حذف الرسائل تلقائيًا بعد فترة زمنية معينة.


وأضاف المصدر أن الفريق يستخدم بوت "Grok" للذكاء الاصطناعي – المنافس المرتقب لتشات جي بي تي والمملوك لماسك – بشكل مكثّف ضمن مساعيه لتقليص حجم الحكومة الفيدرالية. ولم تتمكن وكالة رويترز من تحديد الكيفية الدقيقة التي يُستخدم بها "Grok" في هذه المهمة.



البيت الأبيض وDOGE وماسك يلتزمون الصمت

لم يرد كل من البيت الأبيض، وفريق DOGE، وإيلون ماسك على طلبات التعليق من وكالة رويترز.

ويُعزز استخدام الذكاء الاصطناعي وتطبيق "سيغنال" من المخاوف المتزايدة لدى خبراء الأمن السيبراني وخبراء الأخلاقيات الحكومية، بشأن افتقار DOGE للشفافية، وإمكانية استخدام الملياردير ماسك أو إدارة ترامب للمعلومات التي يتم جمعها باستخدام الذكاء الاصطناعي لخدمة مصالحهم الشخصية، أو استهداف خصوم سياسيين.


وقالت كاثلين كلارك، خبيرة أخلاقيات العمل الحكومي في جامعة واشنطن بسانت لويس، إن استخدام DOGE لتطبيق سيغنال الذي يركّز على الخصوصية، يزيد من القلق المتصاعد بشأن ممارسات حماية البيانات، خصوصًا بعد أن تعرض مسؤولون كبار في إدارة ترامب الشهر الماضي لانتقادات حادة إثر ضمّ صحفي عن طريق الخطأ إلى محادثة جماعية حول خطط عسكرية عالية المستوى في اليمن.


وأضافت كلارك: "إذا كانوا يستخدمون تطبيق سيغنال ولا يقومون بنسخ كل الرسائل احتياطيًا ضمن السجلات الفيدرالية، فإنهم بذلك يتصرفون بشكل غير قانوني."


وأجرت رويترز مقابلات مع ما يقارب 20 شخصًا مطلعًا على عمليات DOGE، كما اطلعت على مئات الصفحات من الوثائق القضائية المتعلقة بدعاوى قانونية ترفض وصول DOGE إلى بيانات حكومية، ما يكشف عن استخدام غير تقليدي للتقنيات – خصوصًا الذكاء الاصطناعي – في المؤسسات الفيدرالية.


المراقبة تصل إلى وكالة حماية البيئة

في وكالة حماية البيئة الأميركية (EPA)، أبلغ بعض المديرين أن فريق ماسك بدأ بتطبيق الذكاء الاصطناعي لمراقبة العاملين، والبحث عن عبارات في الاتصالات قد تُعتبر عدائية تجاه ترامب أو ماسك، وفقًا لمصدرين مطلعين.

وتخضع الوكالة، التي تُشرف على قوانين مثل "قانون الهواء النظيف" وتهدف لحماية البيئة، لرقابة شديدة من إدارة ترامب. ومنذ يناير، تم إيقاف نحو 600 موظف عن العمل، وأُعلن عن خفض في ميزانيتها بنسبة 65%، ما قد يفرض تقليصًا أكبر في عدد العاملين.


وقال المصدران إن المسؤولين المعينين من قِبل ترامب أبلغوا مدراء الوكالة أن DOGE يراقب تطبيقات الاتصال مثل مايكروسوفت تيمز، المستخدم في الاجتماعات والمراسلات الداخلية. وأضاف مصدر ثالث: "قيل لنا إنهم يبحثون عن عبارات معادية لترامب أو ماسك."
ولم تتمكن رويترز من التحقق بشكل مستقل ما إذا تم بالفعل تنفيذ هذه الرقابة عبر الذكاء الاصطناعي.


وأوضح المصدران أن المسؤولين الفيدراليين قالوا إن DOGE يبحث عن موظفين لا تتماشى أعمالهم مع توجهات الإدارة. وقال أحد المديرين:
"احذروا ما تقولونه، وما تكتبونه، وما تفعلونه."


ولم ترد وكالة حماية البيئة على طلبات التعليق.



ماسك يبرّر المهمة... والديمقراطيون يحذّرون

ماسك قدّم DOGE على أنه مشروع تقني يهدف إلى تحسين كفاءة الحكومة الفيدرالية من خلال استهداف الهدر والاحتيال وسوء الاستخدام، مؤكدًا أن الهدف هو تقليص الإنفاق الحكومي بقيمة تريليون دولار، أي ما يعادل 15% من الميزانية السنوية للولايات المتحدة.

ورغم اتفاق كثيرين على أن أنظمة الحكومة الأميركية قديمة وتحتاج للتحديث، إلا أن الديمقراطيين يتهمون ماسك وترامب بـ"تطهير" الإدارات الحكومية من الموظفين المستقلين، واستبدالهم بولاءين قد يتغاضون عن الفساد.


حتى بعض الجمهوريين والمستقلين أعربوا عن قلقهم من تصرفات DOGE.


وقالت كلارك: "ما يحدث يبدو وكأنه إساءة استخدام للسلطة الحكومية بهدف قمع أو ردع أي خطاب لا يعجب رئيس الولايات المتحدة."


الذكاء الاصطناعي قد يُستبدل بالموظفين

وبحسب شخص مطلع، فإن ماسك كان قد اقترح العام الماضي – قبل انتخاب ترامب – أن يتم استبدال الموظفين الحكوميين بالذكاء الاصطناعي.


قال المصدر: "الفكرة كانت أن يتم استخدام بيانات الحكومة لبناء أذكى نظام ذكاء اصطناعي في العالم، يمكنه لاحقًا أداء المهام الحكومية."
لكن هذا المشروع الطموح سيتطلب تعليم الأنظمة الذكية كيفية أداء المهام التي ينفذها الموظفون الفيدراليون حاليًا.


يُذكر أن ماسك، بصفته موظفًا حكوميًا خاصًا (Special Government Employee)، يخضع لقوانين الأخلاقيات التي تحظر عليه المشاركة في أي نشاط حكومي يعود بالنفع عليه أو على شركاته.



أسئلة حول الشفافية

إلى جانب استخدام تطبيق "سيغنال"، كشف مصدر مطلع، نقلاً عن مسؤول حكومي، أن بعض موظفي فريق DOGE يتجاوزون إجراءات التدقيق الرسمي وتسلسل تسليم الوثائق الحكومية من خلال العمل بشكل متزامن على مستندات "جوجل دوكس" (Google Docs)، بدلًا من تداول نسخ فردية من المسودات.

وقال المصدر: "هناك عدة أشخاص يعملون في مستند جوجل واحد ويعدّلون عليه في الوقت نفسه." وأوضح أن هذا أحد الأسباب التي مكّنت DOGE من العمل بسرعة كبيرة.


وتقول إدارة ترامب إن DOGE، بوصفه ذراعًا لمكتب الرئيس التنفيذي، غير خاضع لقوانين الشفافية التي تتيح للجمهور الوصول إلى السجلات التي تنتجها الوكالات الحكومية.


لكن، واستنادًا إلى ما وُصف بـ"السرية غير المألوفة" لفريق DOGE، بما في ذلك استخدامه لتطبيق "سيغنال"، أصدر قاضٍ فيدرالي في 10 مارس أمرًا يُجبر الفريق على تسليم السجلات إلى منظمة "مواطنون من أجل المسؤولية والأخلاقيات في واشنطن" (CREW)، وهي جهة رقابية مختصة بالأخلاقيات، كانت قد رفعت دعوى للحصول على وثائق DOGE استنادًا إلى قانون حرية المعلومات الأميركي (FOIA).


لكن، ووفقًا لتصريحات المنظمة يوم الإثنين، لم يتم تسليم أي مستند حتى الآن.

ومع استمرار ماسك في ترسيخ فريق DOGE الشاب من المهندسين والمساعدين داخل البنية التحتية الرقمية للحكومة، ظهرت اتهامات في محاكمات متعددة تتهم DOGE بالعمل عمدًا في سرية تامة، وتطرح تساؤلات حول شرعية سلطة ماسك، أغنى رجل في العالم، في إعادة تشكيل الجهاز الحكومي الفيدرالي.


وبحسب مقابلات ووثائق قانونية، فرض موظفو DOGE رقابة إدارية مشددة في بعض الوكالات، وأبقوا الموظفين في الظل، بينما قاموا بتغييرات تشغيلية جوهرية.


إقصاء موظفين من قاعدة بيانات حساسة

عندما تولى فريق ماسك السيطرة على مكتب إدارة شؤون الموظفين (OPM) في أواخر يناير، منع موظفي الوكالة من الوصول إلى قاعدة بيانات تحتوي على معلومات شخصية حساسة لعشرات الملايين من الموظفين الفيدراليين الحاليين والسابقين، بحسب ما ورد في ملفات المحكمة وتقارير سابقة لرويترز.

يُعد هذا المكتب حجر الأساس في خطة الإدارة لتقليص حجم الحكومة، حيث يصدر توجيهات عامة تُعد بمثابة خارطة طريق لتقليص الخدمة المدنية.


ومنذ أواخر يناير، فقد أكثر من 100 موظف تقني في OPM الوصول إلى السحابة الإلكترونية التي تُخزن فيها تطبيقات رئيسية، وفقًا لما أكده مصدران مطلعان.


ولا يزال هناك شخصان فقط يمكنهما الوصول إلى النظام، أحدهما موظف حكومي دائم، والآخر هو غريغ هوغان، وهو مُعين سياسي سبق له العمل في شركة ناشئة متخصصة بالذكاء الاصطناعي، ويشغل حاليًا منصب رئيس قسم المعلومات في OPM.


وقد رفض هوغان الرد على طلبات التعليق.


- وكالات