أخبار اليوم - من مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية إلى قراها تنفذ سلطات الاحتلال الإسرائيلي مخططها الأخطر لضم الضفة المحتلة عبر تدمير حواضن المقاومة، وإنهاء الوجود الفلسطيني في القرى ومعظم المناطق المصنفة (ج)، وسط واقع سياسي صعب في الضفة، وضعف شديد للسلطة في رام الله، بحسب خبراء. وشرع الاحتلال في حملة عسكرية ضد مخيمات شمال الضفة الغربية، انطلقت في ٢١ يناير الفائت من مخيم جنين، وامتدت لمخيمي نور شمس وطولكرم، وطالت عددًا من المخيمات الأخرى في محافظات الشمال.
وخلف العدوان المتواصل على المخيمات عشرات الشهداء والجرحى ونزوح أكثر من 4٠ ألف فلسطيني، وأدى كذلك إلى تدمير مئات المنازل ومباني المؤسسات والبنية التحتية، فيما يواصل جيش الاحتلال شق طرق جديدة في تلك المخيمات. بالتزامن مع الحملة على المخيمات، صادق مجلس الوزراء السياسي والأمني للاحتلال (الكابينت) على تحويل ١٣ بؤرة استيطانية إلى مستوطنات جديدة في الضفة الغربية، في خطوة تعكس توسيع النشاط الاستيطاني وتعزيز ما تسمى (السيادة الإسرائيلية) على الضفة، تحقيقا لمخطط وزير مالية الاحتلال بتسلئيل سموتريتش. ويرى خبراء أن ما تشهده مخيمات شمال الضفة، وشرعنة البؤر الاستيطانية، واعتداءات عصابات المستوطنين وقوات الاحتلال على سكان القرى، يهدف إلى تصفية قضية اللاجئين الفلسطينية إلى إنهاء الكيانية الفلسطينية وصولا لضم الضفة المحتلة.
الفشل في غزة يؤكد صلاح الخواجا المختص في شؤون الاستيطان، أن الاحتلال يصعد سياساته الاستيطانية وتدمير المخيمات في الضفة الغربية، بعد أن فشل في تحقيق أهدافه في غزة السياسية والعسكرية والأمنية خلال سنة ونصف السنة من حرب الإبادة التي ينفذها في القطاع. هذا الفشل أفقد المستوطنين الثقة بالمستوى السياسي والعسكري الإسرائيلي، لذلك يريدون تعويضه في الضفة في محاولة لكسر المعنوية الفلسطينية.
ويقول الخواجا لـ "فلسطين أون لاين"، استهداف الاحتلال المخيمات هو مشروع قديم وليس جديدا، باعتبارها الشاهد على النكبة. مشيرا إلى أن للحملة على المخيمات أكثر من بعد: الأول، إنهاء المخيم ورمزيته في حياة الفلسطيني، والإثقال على الأونروا التي لن تستطيع الاستحابة لاحتياجات الناس أمام التدمير الكبير في المخيمات. من حرب المخيمات إلى تصعيد السياسات الاستيطانية، يعتقد الخواجا بأن ما يجري هو تحطيم لمستقبل القرى والبلدات الفلسطينية في مناطق (ج) والتي يهدد الاحتلال بهدم قرابة مئة ألف منزل فيها، لتخلو من السكان الفلسطينيين وفق برنامج حكومة الاحتلال.
تهجير من القرى إلى المدن هل هناك مخطط لتهجير سكان قرى الضفة إلى مدنها، وهل ينجح الاحتلال في تنفيذه؟ يؤكد ذلك مراد السبع المختص في الشأن الإسرائيلي، مشيرا أن ما يجري في الضفة حاليا هو فرض (السيادة الإسرائيلية) بشكل سلس ومرن باستخدام الحرب الناعمة، ويدلل على ذلك بما يحدث من تغيرات جغرافية في الضفة، وإقامة البوابات الحديدية، حتى تحويل مدن الضفة إلى سجون كبيرة. ويقول السبع لـ "فلسطين أون لاين"، المستوطنات الآن تلاصق جدران منازل الفلسطينيين كما يحدث في قرى إم صفا وكوبر وبلدة دورا جنوب الخليل، وذلك يدفع المواطنين للانسحاب شيئا فشيئا أمام اعتداءات المستوطنين.
ويتابع، هذا التمدد الخفي سيؤدي في النهاية إلى تفريغ بعض القرى وتجميع المواطنين داخل المدن الرئيسية مثل رام الله، ونابلس، والخليل، لكي يخلق الاحتلال عاملا اقتصاديا صعبا يؤدي إلى هجرة داخلية من القرية إلى المدينة، والتي تتحول تلقائيا إلى هجرة خارجية. واقع ديمغرافي جديد تهندسه سلطات الاحتلال في الضفة يكون محجوزا في كانتونات مصغرة أو سجون صغيرة الحجم يتحكم الاحتلال في موعد دخول المواطنين إليها والخروج منها، وذلك عبر بوابات الاحتلال الحديدية المنتشرة بالمئات في الضفة، وفق السبع. ويذهب المختص بالشأن الإسرائيلي، إلى أن حرب الاحتلال على المخيمات يأتي ضمن مخططه الأكبر لحصر الفلسطينيين في كانتونات خالية من معاقل المقاومة التاريخية.
مخططات قديمة للتصفية ويضيف، حرب المخططات كان مخططا لها قبل ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، والاحتلال بحربه تلك يحاول القضاء على المقاومة في مخيمات الضفة، وإلغاء عنوان العودة الفلسطيني، وإلغاء القرارات الدولية المتعلقة بحق ملايين اللاجئين في العودة والتعويض. ويتوقع السبع، أن تطال حرب الاحتلال كل مخيمات الضفة الغربية الـ(١٩)، ولن يقتصر العدوان على مخيمات جنين وطولكرم، لكنهم كانوا في بدايات حملتهم، نظرا لقوة المقاومة الفلسطينية في تلك المخيمات، ولما تمثله من رمزية في أذهان الفلسطينيين خصوصا مخيم جنين وجولاته في مقارعة الاحتلال كما في عام ٢٠٠٢.
ويردف، الاحتلال سيعمل على اجتياح كل مخيمات الضفة، والغاء الاكتظاظ السكاني، ومحاولة دمج المخيمات لتصبح حارات في المدن الفلسطينية، مثلما يحدث حاليا من مخطط في مخيمات جنين وطولكرم. يقر السبع بضعف الحالة الفلسطينية عن مواجهة مخططات الاحتلال الخطيرة في الضفة، وذلك لأن الكيان الذي كان يفترض به منذ ٢٠ عاما أن يثبت هذه الوقائع الفلسطينية على الأرض، لم يعمل بشكل جيد.
ويكمل، الواقع في الضفة صعب مواجهته سياسيا حاليا، لأن السلطة ضعيفة جدا، وليس بها ثقة حتى من الأنظمة العربية المجاورة. أمام حالة التردي الفلسطيني في الضفة، يدعو الخواجا لضرورة تبني استراتيجية كفاحية ضد الاحتلال تستلهم من مختلف محطات النضال الفلسطيني، مع تأكيد أننا لسنا في مرحلة حل بل في صراع مع الاحتلال.
فلسطين أون لاين