أخبار اليوم - بغرفة صغيرة في المستشفى الأهلي العربي "المعمداني" وسط مدينة غزة، يرقد الشاب عمر الراعي وهو يصارع الألم والوقت لإنقاذ ساقه اليمنى التي أصيبت بشظية قذيفة إسرائيلية خلال حرب الإبادة على غزة. عمر (27 عامًا) كان يحلم بمستقبل مليء بالحركة والنشاط، وجد نفسه الآن محاصرًا بين جدران المستشفى، عاجزًا عن السفر لتلقي العلاج اللازم بسبب التحكم الإسرائيلي بمعابر قطاع غزة. يستذكر عمر اللحظة المروعة عند إصابته يوم 25 يناير/ كانون الثاني 2024، قائلاً: "كنت أتواجد قرب منزلي مع عدد من الشبان أيضًا في حي الزيتون جنوبي مدينة غزة، عندما أطلقت مدفعية جيش الاحتلال قذيفة صوبنا".
وأضاف لـ "فلسطين أون لاين": سقطت القذيفة بالقرب منا. شعرت بألم شديد في ساقي، وعندما نظرت إليها رأيت الدماء تسيل بغزارة". وتابع: "لم أكن أعرف إن كنت سأعيش أو أموت بعد الإصابة، لكنني كنت متأكدًا أن حياتي لن ترجع كما كانت. لقد نجوت بحياتي أنا وشقيقي من القصف الإسرائيلي في حين استشهد 18 شابًا. كانت مجزرة مروعة". بعد الإصابة، خضع عمر لسلسلة من عمليات جراحية أجراها له الأطباء في محاولة لإنقاذ ساقه وقد أتلفت شظية القذيفة مفصل الركبة بالكامل. ولاحقًا طرأت تداعيات صحية خطيرة على ساقه جعلتها مهددة بالبتر إن لم يتم تحويله إلى خارج غزة.
يقول عمر: إن الأطباء أخبروني أن ساقي بحاجة إلى زراعة عظم بعد استئصال أجزاء منه على إثر إصابتها بالتهابات حادة. الآن ساقي بحاجة إلى زراعة عظم، وهذا الأمر لا يتوفر في مستشفيات قطاع غزة". وأكمل: إنه رغم حصوله على تحويلة للعلاج خارج غزة، إلا أن الاحتلال يحول دون تمكيني من السفر، وكل يوم يمر عليَّ وأنا في غزة ليس في صالحي مطلقًا. يقول عمر: "أشعر أنني محاصر داخل جسدي وداخل غزة. كل يوم يمر يزيد من خطورة حالتي، ولا أعرف إن كنت سأتمكن من إنقاذ ساقي أم لا." يضيف: "الاحتلال لا يقتلنا فقط بالقنابل، بل يحاصرنا حتى ونحن نحاول العلاج. الجرحى لا يحتملون الحبس في غزة أكثر من ذلك، يجب فتح المعابر والسماح لنا بالسفر لإكمال علاجنا."
ورغم المعاناة التي تكبدها هذا الشاب منذ إصابته بشظية قذيفة مدفعية غيرت معالم حياته بالكامل، يبقى عمر محاطًا بالأمل. "أحلم بأن أتمكن من السفر والعلاج، وأن أعود إلى حياتي الطبيعية. لن أفقد الأمل مهما كانت الظروف." عائلة عمر بدورها تقف بجانب ابنها في هذه المحنة الصعبة، وعادة ما يحاول أفرادها التخفيف عنه ورفع معنوياته وهو ملقى على أسرَّة العلاج في المستشفى. بدوره، يقول الحكيم إبراهيم البسوس الذي يعمل في مستشفى المعمداني ويشرف على عدد من المصابين بنيران جيش الاحتلال: إن "إصابة عمر كانت بالغة الخطورة. الشظية تسببت في تهشم العظام والتهابات شديدة. نحاول بكل ما لدينا من إمكانيات، لكن حالته تحتاج إلى علاج متخصص خارج غزة."
فلسطين أون لاين