ها نحن قد ودعنا شهر رمضان بعد ان أفرغه البعض من معانيه السامية، وبدلا من ان يكون شهرا للعبادة والتقشف والاحساس بالفقراء واصحاب الحاجات، صار عند شريحة واسعة يتصدرها سياسيون متسلقون إلى شهر لهدر النعمة وللسفه والاسراف، والنفاق الاجتماعي، والتكاذب السياسي. من خلال الولائم المصلحية التي انزلق اليها حتى سفراء دول تقتل المسلمين على الهوية في بلادها كما أنزلقت اليها شخصيات وشركات وأحزاب، استخدمت الولائم في رمضان للدعاية، ولتوهم القوة والانتشار، عندما حشدت في ولائمها، جموعا غفيرة ليس بينها رابط فكري او اجتماعي او ?نظيمي، وهي جموع لو دعي شخوصها الى لقاء حزبي، او نشاط فكري جاد لما حضرت اغلبيتهم الساحقة، فقد صار لدينا ساسة تجمعهم موائد الطعام وهدر النعمة وتفرقهم حلقات الفكر.
ان هذه الاحزاب التي تلجاء الى هذا النوع من ولائم هدر النعمة خاصة في رمضان، إنما تخدع نفسها بذلك قبل ان تخدع غيرها،وتمارس التضليل عندما تتحدث عن معناة اهل غزة وهي في القاعات الراقية، وتنسى معناة فقراء الاردن وهي تسترخي على الارائك الوثيرة في الفنادق الفخمة.
فهل يظن بعض الحزبيين في بلدنا ان هذه الولائم الباذخة تصرف الناس عن سؤالهم: اين مواقف هذه الاحزاب من قضايانا الوطنية والقومية، واين طروحاتهم لمعالجة معاناة المواطنين، واين برامجهم التنفيذية لذلك كله؟. وعن سؤالهم ايهم اولى ان تصرف هذه الاموال على موائد التكاذب اليساسي، وهدر النعمة ام على وجه من وجوه المسؤولية الاجتماعية، وما اكثرها في بلدنا، وما ابشع احجام الأثرياء عن المساهمة فيها؟.