كيف يستغل الاحتلال الاحتجاجات الأخيرة في غزة؟

mainThumb
كيف يستغل الاحتلال الاحتجاجات الأخيرة في غزة؟

29-03-2025 09:06 PM

printIcon

أخبار اليوم - على الرغم من حق الفلسطينيين في التظاهر والتعبير عن آرائهم المطالبة بوقف الحرب وتحسين الأوضاع المعيشية، فإن دولة الاحتلال الإسرائيلي لا تنظر إلى التظاهرات الأخيرة بوصفها مجرد احتجاجات شعبية، بل تسعى لاستغلالها لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية فشلت في تحقيقها على مدار عام ونصف العام من الحرب.

وسارعت دولة الاحتلال إلى توظيف التظاهرات التي انطلقت في غزة في الأيام الماضية في دعايتها، محاوِلةً تصويرها دليلًا على تآكل التأييد الشعبي للمقاومة، والترويج لروايتها بأن حكم غزة يواجه أزمة داخلية.

أكثر من ذلك، تحاول دولة الاحتلال، عبر أدواتها الإعلامية والاستخباراتية، الدفع باتجاه استثمار هذه التحركات لصالح أجندتها، بما في ذلك إضعاف المقاومة من الداخل وتهيئة الأجواء لفرض ترتيبات سياسية جديدة في مرحلة ما بعد الحرب.

يقول إبراهيم جابر، الخبير في الشأن الإسرائيلي لصحيفة "فلسطين": "(إسرائيل) رأت في التظاهرات التي خرجت في غزة فرصة ذهبية لمحاولة تحقيق أهدافها السياسية التي فشلت في تحقيقها عسكريًا".

وأوضح أن "منذ بداية الحرب، كانت (إسرائيل) تسعى لإضعاف المقاومة الفلسطينية، لكنها اصطدمت بواقع صعب على الأرض، فوجدت في هذه الاحتجاجات وسيلة جديدة للضغط والترويج لروايتها".

وأضاف أن قيادة حكومة الاحتلال الحالية، وعلى رأسها نتنياهو، سارعت إلى استغلال هذه التظاهرات من خلال تصويرها كدليل على انهيار التأييد الشعبي للمقاومة في غزة.

ويوضح جابر أن "(إسرائيل) لم تكتفِ بالمراقبة، بل سعت إلى تأجيج هذه الاحتجاجات عبر أدوات متعددة، من بينها الحملات الإعلامية والتواصل غير المباشر مع شخصيات داخل غزة، لدفعهم نحو تصعيد مطالبهم. هناك محاولات واضحة لدفع الأمور باتجاه انفجار داخلي يضعف الجبهة الفلسطينية من الداخل".

ويحذر جابر من أن "هذا الاستغلال الإسرائيلي يهدف إلى تحقيق ما لم تستطع (إسرائيل) فرضه بالقوة، مثل إحداث فراغ سياسي في غزة، وخلق حالة من الانقسام الداخلي قد تسهل فرض ترتيبات جديدة بعد الحرب".

وتابع: "حكومة الاحتلال تدرك أن استمرار هذه التظاهرات قد يمنحها مبررًا لتوسيع عملياتها العسكرية أو فرض وقائع جديدة على الأرض بحجة دعم الإرادة الشعبية ضد حماس".

ويختتم جابر بالقول: "التجربة التاريخية تُظهر أن (إسرائيل) لطالما استغلت الأزمات الداخلية الفلسطينية لصالحها، وهي تفعل ذلك اليوم عبر استثمار معاناة السكان في غزة وتوجيهها في الاتجاه الذي يخدم مصالحها الاستراتيجية".

تضليل العالم

يقول الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل لـ"فلسطين": إن "(إسرائيل) تحاول استغلال التظاهرات التي خرجت في غزة للمطالبة بإنهاء الحرب عبر تضليل الرأي العام العالمي، والترويج لهذه التحركات على أنها رفض شعبي لحكم حماس، وليس مجرد احتجاجات ضد الدمار والمعاناة التي سببها العدوان الإسرائيلي المستمر منذ عام ونصف".

وأشار عوكل إلى أن دولة الاحتلال تمتلك تاريخًا طويلًا في محاولات التأثير على الداخل الفلسطيني، "واليوم نشهد محاولات واضحة لحرف مسار هذه التظاهرات، ودفعها لتتحول من احتجاجات ضد الحرب إلى مطالبات بتغيير الحكم في غزة، وهو ما تسعى دولة الاحتلال لتحقيقه منذ بداية الحرب لكنها لم تستطع فرضه بالقوة العسكرية".

وأضاف: "ما يعزز هذه الفرضية هو الأنباء المتداولة حول اتصالات أجرتها (إسرائيل) مع أشخاص في بيت لاهيا، تطالبهم بالخروج إلى الشوارع وتنظيم احتجاجات، في محاولة لتوسيع نطاق التظاهرات وتوجيهها نحو أهداف تخدم المصالح الإسرائيلية".

ويشير عوكل إلى أن "هذه المحاولات تتزامن مع التصريحات التحريضية لوزير جيش الاحتلال يسرائيل كاتس، الذي دعا سكان غزة إلى التظاهر ضد حماس، في خطوة تعكس الرغبة الإسرائيلية في استخدام هذه الاحتجاجات كأداة ضغط سياسي، وخلق انقسامات داخلية تخدم استراتيجيتها في القطاع".

ويختتم عوكل بالقول: "إسرائيل تدرك أن استمرار الحرب لن يؤدي بالضرورة إلى تحقيق أهدافها، ولذلك تلجأ إلى أدوات غير عسكرية، مثل التحريض الإعلامي والتواصل غير المباشر مع بعض الشخصيات، لدفع الأمور نحو مسارات تخدم أجندتها السياسية والأمنية".