أخبار اليوم - للعام الثاني على التوالي، تحل الذكرى السنوية ليوم الأرض الخالد، في ظل استمرار حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على فلسطين، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ووسط محاولات محمومة لاقتلاع الشعب الفلسطيني من أرض وطنه وتهجيره قسرا منها.
وتعود أحداث "يوم الأرض" إلى 30 آذار/ مارس 1976، بعد استيلاء سلطات الاحتلال الإسرائيلي على آلاف الدونمات من أراضي الفلسطينيين داخل أراضي عام 1948، وقد عم إضراب عام، ومسيرات من الجليل إلى النقب، واندلعت مواجهات أسفرت عن استشهاد ستة فلسطينيين، وإصابة واعتقال المئات.
وبعد 49 عاما، يواصل الشعب الفلسطيني في مختلف أماكن تواجده، نضاله المشروع من أجل نيل حريته واستقلاله وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وفقا لقرارات الشرعية الدولية، ومتمسكا بقضيته العادلة ومشروعه الوطني رغم كل المؤامرات والتحديات التي تستهدف أرضه ووجوده وهويته.
وأسفرت حرب الإبادة وعدوان الاحتلال المتواصل على شعبنا عن نزوح 1.9 مليون مواطن في قطاع غزة، وأكثر من 41 ألف مواطن من محافظتي جنين وطولكرم، خاصة مخيمات اللاجئين: جنين وطولكرم ونور شمس.
رفض التهجير
عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، رئيس دائرة التنظيمات الشعبية واصل أبو يوسف قال لـ"وفا": "في الذكرى الـ49 ليوم الأرض الخالد نستذكر عطاءات شعبنا في سبيل الدفاع عن أرضه أمام محاولات الاحتلال الاستيلاء عليها وفرض وقائع جديدة"، مؤكدا أن شعبنا اليوم متمسك بأرض الآباء والأجداد وبحقوقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين، ويرفض كل ما يتعلق بالتهجير.
وأشار إلى أن أحد أهداف حرب الإبادة الاستراتيجية هو التهجير، وأن التصريحات الأميركية حول تهجير أبناء شعبنا في قطاع غزة وما يقوم به الاحتلال لمحاولة تحقيق ذلك يأتي في سياق شطب القضية الفلسطينية برمتها، موضحا أن الاحتلال يحاول منذ سنوات توطين اللاجئين وتقويض حق العودة واستهداف وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، وبالتالي شطب حقوق شعبنا المتمثلة بثوابت منظمة التحرير، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ومنها حق عودة اللاجئين وحق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
وأكد أهمية الرفض الكلي للتهجير على المستويين الوطني والعربي، مشيدا بمواقف مصر والأردن والسعودية الحازمة، والتي عبر عنها مؤتمر القمة العربية الأخير الذي رفض التهجير وطرح خطة مصرية فلسطينية لإعادة الإعمار وتعزيز صمود شعبنا الفلسطيني.
وأوضح أن منظمة التحرير تؤكد على ثوابتها وقرارات الإجماع الوطني بالحل السياسي الذي يفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية وحق العودة للاجئين، كأساس للأمن والسلم والاستقرار في المنطقة ككل، مضيفا أنه بات مطلوبا اليوم أن يكون هناك تضافر لكل الجهود من أجل التصدي لمحاولات الاحتلال للسيطرة على الأرض، والتصدي أيضا لاعتداءات المستعمرين على المواطنين ومنازلهم وممتلكاتهم، وتحديدا في القرى والبلدات المحاصرة بالمستعمرات.
وتابع أن الأمر يتطلب أيضا صحوة المجتمع الدولي من أجل التأكيد على قرار 2334 الصادر عن مجلس الأمن الدولي الذي يعتبر أن كل الاستعمار الاستيطاني في الأرض الفلسطينية المحتلة غير شرعي وغير قانوني، وأنه آن الأوان للعودة إلى محكمة العدل الدولية التي أكدت عدم جواز بقاء الاحتلال ومستعمراته في كل الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967.
معركة البقاء والثبات
وفي سياق متصل، أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، رئيس دائرة شؤون اللاجئين أحمد أبو هولي، أن شعبنا سيواصل معركة البقاء والثبات على أرضه، في مواجهة الاستعمار والتهويد، والضم والتهجير القسري، وحماية حقه المشروع في العودة وتقرير المصير.
ودعا أبو هولي إلى ضرورة تصعيد المقاومة الشعبية ضد الاحتلال ومشاريعه الاستعمارية على الأرض الفلسطينية.
وأضاف أن "يوم الأرض شكّل علامة فارقة في تاريخ نضال شعبنا في أراضي عام 48، وفي الضفة الغربية، وغزة، وجسد وحدته، وتلاحمه، وعمق انتمائه الوطني لفلسطين، ورفضه المطلق للاستيلاء على ما تبقى من أرضه، وتأكيدا على وحدة الدم الفلسطيني الذي جسده الشهداء الذين ارتقوا في هذا اليوم الخالد".
وتابع: "تأتي ذكرى يوم الأرض الخالد الـ (49) وشعبنا الفلسطيني يواجه حرب الإبادة والتهجير والتجويع التي تشنها دولة الاحتلال في قطاع غزة، والعدوان العسكري الممنهج على مخيمات الضفة الغربية، وحربها المفتوحة على التجمعات البدوية في المناطق المصنفة (ب، ج) في محاولة بائسة لتهويدها وفرض السيادة عليها، كما يواجه مشاريع ومخططات تهجيره واسقاط حقه المشروع في العودة إلى دياره التي هجر منها عام 1948، في الوقت الذي لا يزال فيه المجتمع الدولي ينتهج سياسة الصمت أمام هذه الجرائم، ويعجز عن وقفها او توفير الحماية الدولية لشعبنا".
وقال أبو هولي: "واهم من يعتقد بأن شعبنا الفلسطيني سيفرط بأرضه ويقبل بالتهجير أو يراهن بأن اللاجئ الفلسطيني سيتخلى عن حقه العادل في العودة ويقبل بالتوطين"، مؤكدا أن إرادة وصمود شعبنا التي أسقطت مشروع تهويد الجليل عام 1976، ستنتصر في اسقاط مشروع التهجير لشعبنا الفلسطيني في الضفة الغربية وفي قطاع غزة المدمر، مشددا على ضرورة التلاحم الرسمي والشعبي، والالتفاف حول القضية الوطنية والتي عنوانها الرئيسي والأهم هو الأرض.
جريمة حرب
من جانبه، قال وزير العدل السابق، الخبير القانوني محمد الشلالدة إن سياسة التهجير القسري من قبل السلطة القائمة بالاحتلال ضد الشعب الفلسطيني تتناقض واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 حول الحماية القانونية للسكان المدنيين، حيث أن المادة 49 من الاتفاقية تحرّم نقل أو طرد أو ترحيل السكان أصحاب الأرض، وهو تحريم النقل الإجباري الفردي والجماعي، وكذلك ترحيل الأشخاص المحميين من أراضي محتلة الى أراضي دولة الاحتلال أو إلى أراضي دولة أخرى محتلة أو غير محتلة بغض النظر عن دواعيه، بمعنى أن هذه السياسة محظورة حظراً قانونياً في القانون الدولي الإنساني.
وأضاف أن ما يجري في الضفة وقطاع غزة من مذابح وجريمة الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية التي تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني تهدف في نهاية المطاف إلى تهجير السكان المدنيين، وذلك من أجل خلق أمر واقع والتوسع الاستعماري، منوهاً أن سياسة الاستعمار جريمة حرب يعاقب عليها القانون الدولي وفقاً لقرار الجمعية العامة ومجلس الأمن رقم 2334، وبالتالي مسؤولية الحماية القانونية للسكان المدنيين والأعيان المدنية في الأرض الفلسطينية المحتلة هي مسؤولية المجتمع الدولي ممثلا بالأمم المتحدة ومجلس الأمن عبر توفير الحماية القانونية للشعب الفلسطيني.
وأكد أن ما يجري في الأرض الفلسطينية المحتلة هو مسؤولية المجتمع الدولي، لأنه تهديد للأمن والسلم في العالم أجمع، وبالتالي هذه مسؤولية مجلس الأمن أن ينتقل من الفصل السادس إلى الفصل السابع لوضع آليات قانونية للمساءلة والمحاسبة وإرسال قوات طوارئ دولية لحماية الشعب الفلسطيني مما يتعرض له من أبشع الجرائم، وهي جريمة الإبادة الجماعية.
وأكد ضرورة مواصلة الحراك الذي تقوده منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، والحكومة الفلسطينية، لملاحقة الاحتلال قانونيا ومساءلته على جرائمه، وإنهاء عدوانه، والبناء على ما تحقق بصدور الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية وقرار الجمعية العامة بشأن انسحاب الاحتلال من الأرض الفلسطينية المحتلة ووضع جدول زمني خلال 12 شهرا لعقد مؤتمر دولي لحل القضية الفلسطينية حلا عادلا وشاملا وفق قرارات الشرعية الدولية.
كما أكد أنه لا بد من العمل على تفعيل الآليات القانونية والقضائية والسياسية والدبلوماسية من أجل تنشيط العملية السياسية التفاوضية لحصول الشعب الفلسطيني على حقه في تقرير المصير وإقامة دولته وفقا لقرارات الشرعية الدولية.
حلم يتجدد
وفي ورقة أصدرها في ذكرى يوم الأرض، قال مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" إن "الذكرى هي بمثابة حلم يتجدد نحو الدولة وحق تقرير المصير" إذ تحل ذكرى يوم الأرض في هذا العام الثاني على التوالي في ظل استمرار حرب الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، واستمرار سياسات التهجير والإبادة وهدم البيوت والاستيلاء على الأراضي وإقامة المستعمرات، فقد أصبحت كل أيام السنة في فلسطين هي يوم للأرض، فكل يوم هناك استيلاء على الأرض وتهجير ونزوح للمواطنين في نكبة ممتدة في حياة الشعب الفلسطيني".
وشدد المركز على أن الاستيلاء على الأراضي وإقامة المستعمرات تشكل جريمة فصل عنصري وتمرد على إرادة المجتمع الدولي، وهي تجلي واضح لتنكر الاحتلال لحقوق الشعب الفلسطيني في أرضه وحقه في الاستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته على ترابه الوطني، ودليل قاطع على رفض حكومة الاحتلال لأي مسار سياسي مستقبلي نحو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967م، وأن الحل الوحيد لدى حكومة الاحتلال هو الاستمرار في التطهير العرقي والتهجير القسري ونفي الشعب الفلسطيني من أرضه وتصفية قضيته.
وطالب مركز "شمس" مجلس الأمن الدولي، والجمعية العامة للأمم المتحدة، والأطراف الموقعة على اتفاقيات جنيف، والدول الأعضاء الموقعة على ميثاق روما، والأمين العام للأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والمقرر الخاص المعني بالحق في السكن، والمؤسسات كافة، بضرورة القيام بواجباتها القانونية والإنسانية والضغط على حكومة الاحتلال وإلزامها بوقف سياساتها العدوانية بالاستيلاء على الأراضي وإقامة المستعمرات في الأرض الفلسطينية المحتلة.