أخبار اليوم - في مشهد مؤثر تهتز له القلوب وتدمع له العيون، جسّد الحاج عيسى سالم عوض العليوات العبادي أسمى معاني التسامح والعفو عند المقدرة، عندما أعلن عفوه الكامل عن الشاب المتسبب بوفاة ابنه الوحيد يوسف، في حادث سير مأساوي.
المرحوم يوسف، الذي كان في ريعان شبابه، ينتظر زفافه ويُعدّ قرة عين أهله وفلذة كبد والده، توفي إثر حادث سير أليم أثناء مرافقته لسائق المركبة. ورغم هول الفاجعة وعمق المصاب، قرر والد الفقيد أن يسمو على جراحه، ويقدم درسًا بليغًا في التسامح، فبادر إلى التوجه إلى المركز الأمني لإسقاط الحق الشخصي، ثم إلى المحكمة لتأكيد تنازله الكامل عن كافة الحقوق القانونية والمالية بحق السائق.
ولم يكتفِ العبادي بذلك، بل طالب بإطلاق سراح السائق فورًا، ليعود إلى أهله ويبيت بين والدَيه وإخوته، مُظهرًا شهامة قلّ نظيرها، وموقفًا إنسانيًا سيبقى محفورًا في ذاكرة المجتمع.
وقال العبادي إن ما فعله جاء إكرامًا لله تعالى ولرسوله الكريم، وتقديرًا لأعرافنا الإسلامية والعربية، ولعاداتنا الأردنية الأصيلة، مؤكدًا أن المروءة لا يجب أن تذهب بين الناس، وأن ابنه يوسف وأهله وعشيرته سيكونون قدوة تُحتذى في التسامح والعفو.
وتالياً نص البيان كما نشره والد الشاب يوسف:
> بسم الله الرحمن الرحيم
(والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)، وقال تعالى: (واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور).
صدق الله العظيم.
إلى كل من عرفني ومن عرف ابني يوسف ومن لم يعرفه، وكل من هو حي يُرزق، أشهد الله وأشهدكم يا من أنتم شهود الله في أرضه، بأني أنا "عيسى سالم عوض العليوات العبادي"، إكراماً لله تعالى ولرسوله الكريم ولمجتمعنا الأردني الواحد، ولعاداتنا الإسلامية العربية الأصيلة، وخصالنا العشائرية الحميدة، ولحق الجيرة، وإكراماً لعشيرة العليوات وعشيرة الشبلي وعشائر عباد وماحص عامة،
أشهدكم أني "عفوت عفواً تاماً عن الشخص المتسبب في وفاة ابني يوسف"، حيث كان المرحوم جالساً بجانبه أثناء قيادته للمركبة التي حصل بها حادث السير المؤسف، الذي أدى بجهالة فقيدي وحبيبي الشاب يوسف، وهو في ريعان شبابه وبانتظار زواجه.
وقد عفوتُه من كافة الالتزامات المالية، ووقفت في ثاني يوم العزاء بالتوجه إلى المركز الأمني والتنازل عن الحق الشخصي وكافة الحقوق المترتبة على السائق وذويه، ليقوموا بتكفيله وإخراجه من التوقيف، وإرجاعه إلى أهله ليبيت بين والديه وإخوته.
كما توجهت اليوم إلى المحكمة، وقمت بالإدلاء أمام الادعاء العام بذلك، وذلك إكراماً لله، ثم لرسوله الكريم، ثم لابني المحبوب يوسف، ولكي لا تذهب المروءة بين الناس، وليكون يوسف وأهله وعشيرته قدوة ونبراساً يُستضاء به في المجتمع، في ضرب أروع أمثلة التسامح والعفو عند المقدرة في حياتهم ومماتهم.
والله خير شاهداً، وهو أرحم الراحمين.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
والد الشاب يوسف
عيسى سالم العليوات العبادي