أخباراليوم - في ليلة من ليالي العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، كان الشاب الجريح إبراهيم سامي برهوم يرقد على سرير المرض في مستشفى ناصر بمدينة خان يونس، دون أن يعلم أن هذا السرير الذي لجأ إليه طلبًا للشفاء سيكون محطة استشهاده الأخيرة.
إبراهيم، الشاب الحافظ لكتاب الله، أصيب سابقًا في قصف إسرائيلي استهدف حيه، فنُقل إلى المستشفى أملاً في تلقي العلاج، لكن الغدر الإسرائيلي كان يتربص به حتى بين جدران المستشفى، حيث قصفت طائرات الاحتلال غرفته في قسم الجراحة ضمن مجمع ناصر الطبي جنوب القطاع.
كان المستشفى - رغم كونه ملاذًا للجرحى - هدفًا آخر للطائرات التي لا تميز بين طفل وعجوز في غزة. وفي لحظة مفاجئة، دوى انفجار عنيف هز أركان المكان، وتحولت غرفة إبراهيم إلى ساحة دمار، مع ألسنة نيران وأعمدة دخان تتصاعد في سماء المستشفى.
بحسب ما روى عامل النظافة أحمد الفقعاوي لصحيفة "فلسطين"، فإن الشظايا تطايرت والنيران اشتعلت بسرعة مخيفة، بينما ارتفعت أصوات صراخ الجرحى والكادر الطبي، في مشهد يجسد مأساة شعب تحت الحصار.
بين الأنقاض، وعلى سرير المرض المحترق، كان جسد إبراهيم قد فارق الحياة، وما زال في يده المحلول الطبي والإبرة التي كان يحتاجها للعلاج، دون أن يترك له الاحتلال فرصة لإكمال علاجه.
ويقول الفقعاوي: "لم يكن أحد يتصور أن تُقصف غرفة مرضى وجرحى، ولكن هذا الاحتلال المجرم لا يعرف حدودًا للجريمة".
ويضيف محمد برهوم، أحد أقارب الشهيد: "أصيب إبراهيم في الأيام الأولى للعدوان، وأجريت له عملية في يده، لكن القصف الإسرائيلي اغتاله وهو على سرير المرض".
كان الشهيد العشريني يستعد لتلاوة القرآن كاملًا في جلسة واحدة، لكن الإصابة ثم الاستشهاد حالا دون ذلك. وقد انضم إلى شقيقه التوأم محمد الذي استشهد أيضًا في العدوان الأخير.
لم يكن إبراهيم مجرد رقم في سجل الشهداء، بل كان شابًا مفعمًا بالحيوية، محبًا للخير، عاشقًا لوطنه، مؤمنًا بالتحرير، دون أن يعلم أن جسده سيكون شاهدًا على إجرام المحتل.
شُيعت جنازته في مشهد مهيب، حيث حمله الأهل والأحباء على الأكتاف، وهتفوا باسمه، مؤكدين أن دماء الشهداء ستظل شعلة للحرية.
ووصف الدكتور منير البرش، مدير عام وزارة الصحة، الاعتداء بأنه "جريمة حرب جديدة تضاف إلى سجل الانتهاكات الإسرائيلية"، مؤكدًا أنها "تنتهك صراحة القانون الدولي الإنساني الذي يحظر استهداف المنشآت الطبية".
وأوضح في بيانه أن "هذه الجريمة تعكس استهتارًا إسرائيليًا بحياة المدنيين، وتُعيق تقديم الخدمات الطبية المنقذة للحياة"، مشيرًا إلى أن القطاع الصحي يعاني أصلاً بسبب الحصار وإغلاق المعابر أمام المساعدات الإنسانية منذ 2 آذار/مارس الجاري.