هاشم باشا .. الى رحمة الله

mainThumb
هاشم باشا ..الى رحمة الله

23-03-2025 05:45 PM

printIcon



د. صبري ربيحات

في منتصف الثمانينيات كان الرائد هاشم القيسي احد اكثر ابناء الاجهزة الامنية حماسا وشبوبية وزهوا . كان اللواء ذياب يوسف محافظ الكرك حتى ١٩٨٤ قد اعيد للامن العام مديرا وقد جاء باثنين من خيرة ضباط الجهاز ليتوليا المواقع الرئيسية في إدارة مكافحة المخدرات التي تعرضت الى ظروف استدعت إجراء تغيرات جوهرية على كوادراها.

لقد شكل تولي الضابط الاسمر قليل الكلام و صاحب الملامح البدوية تحولا نوعيا في عمل الادارة حيث استدارت نحو الداخل معتمدة على ثلة من الرجال الذين عرفوا بالشجاعة والصدق والاقدام.

خلال فترة وجيزة وبدعم من اللواء ذياب يوسف الذي كان يقود الجهاز نحو مرحلة يكون فيها الجميع لصيقا بالواجبات الشرطية دون الالتفات كثيرا إلى القضايا والبرامج الجانبية التي يمكن ان تشتت الجهود وتهدر موارد الجهاز ، استطاع هاشم القيسي ونزيه الشرايدة وزملاؤهم ان يؤسسوا لمرحلة كانت إدارة المكافحة مؤسسة مميزة بين مثيلاتها في الاقليم والعالم .

لم يكن هاشم القيسي متعجرفا ولا استعلائيا او ثرثارا ومدعيا بل كان ضابطا احب المهنة واحترم القسم واعتز بشرف الخدمة .

في صيف ١٩٨٥ كنت ضابط شرطة برتبة نقيب وأثناء وجودي في عمان تقابلت مع هاشم بيك القيسي مدير مكافحة المخدرات ودعاني للإدارة مساء وقد كلفني بان اعد كتالوج لأنواع المخدرات باللغتين العربية والإنجليزية وفعلا استعنت بالطبيب العبد العكايلة الذي درس الطب باللغة العربية وامضينا عدة ايام لنخلص الى دليل ساعدنا في تخطيطه وتنسيقه عدد من المكلفين .

لقد كان هاشم القيسي قائدا يثق برفاقه كريما ووازنا ورزينا. خدم جهود مكافحة المخدرات والتزييف وبقي احد اهم فرسان العمل في هذا الميدان الذي يتطلب العمل فيه الى الفطنة والحذر والهدوء وقوة القلب وحسن إدارة الموارد ومعرفة كافية بما يعتمل في عقول وقلوب الناس وطريقة النفاذ الى ما وراء القصص الغطائية والتقارير التي يسطرها العملاء والمخبرين .

قبل عقدين من الزمن شاءت الأقدار ان اعاود اللقاء باللواء المتقاعد هاشم القيسي بعد ان اصبح نائبا في البرلمان واصبحت انا وزيرا للشؤون البرلمانية لقد ضم البرلمان عددا من قيادات الامن العام فكان اللواء المتقاعد هاشم القيسي واللواء المتقاعد غالب الزعبي واللواء المتقاعد عبدالله الهباهبة واللواء المتقاعد فخري إسكندر. ..

لقد كان هؤلاء الرجال يحملون في رحلة عملهم البرلماني مخزون من المعرفة بتاريخ البلاد وجغرافيتها وتركيبتها الاجتماعية والديمغرافية واسس قوتها ومنعتها واشكال التهديدات التي عرفها كل منهم بحسه الأمني ومن مخزونه المعرفي الذي يصعب ان تجد ما يوازبه.

اليوم يرحل هاشم القيسي ويرحل معه الصمت الوقور ويبقى في ذاكرتي وذاكرة كل الذين عملوا معه وعرفوه أثر المواقف والعطاء والسمت الحكيم الوقور لرجل احب الوطن أعطى له دون أن يتبجح او ينتظر من يقول له شكرا ...الرحمة لروحك يا باشا .. والعزاء لاسرتك وأهلك ومحبيك .