أخبار اليوم - اكتشف فريق من الباحثين الأمريكيين مادة جديدة قد تكون علاجاً فعالاً لمرض «الزهايمر» الذي يؤثر على الذاكرة والدماغ ويُغير من تصرفات الإنسان، وعادة ما يُصيب كبار السن، لكن المفاجأة في هذا الاكتشاف أن هذه المادة متوفرة تقريباً في أغلب المطابخ العربية وكثيراً ما يستخدمها الناس في طعامهم وشرابهم.
وحسب التقرير الذي نشرته جريدة «دايلي ميل» البريطانية، واطلعت عليه «القدس العربي»، فقد نجح العلماء في تحويل مُركّبٍ مُختبئ داخل مشروب «المريمية» وداخل توابل «إكليل الجبل» إلى علاجٍ جديدٍ قد يُعالج مرض الزهايمر.
ووجد العلماء أن حمض الكارنوسيك هو مُضادٌّ للأكسدة ذو خصائص مُضادة للالتهابات، وهو موجودٌ في كلا العشبتين، ويُمكن أن يُساهم في علاج مرض الزهايمر.
واكتشف فريقٌ من معهد سكريبس للأبحاث في كاليفورنيا بالولايات المتحدة طريقةً لتسخير هذا الحمض واستخدامه لخفض الالتهاب بشكلٍ ملحوظ في أدمغة الفئران، وهو مُحفّزٌ رئيسيٌّ لمرض الزهايمر.
ولم يُخفّف الدواء الذي ابتكره الفريق باستخدام حمض الكارنوسيك «diAcCA» الالتهاب فحسب، بل أعاد أيضاً عدداً صحياً من وصلات الخلايا العصبية في الدماغ التي تُعزّز التعلّم والذاكرة.
وعلاوةً على ذلك، قال العلماء إنّه بما أنّ حمض الكارنوسيك يُعتبر «آمناً» من قِبَل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، فإنّ هذا العلاج الجديد يُؤمَل أن يُسرّع من وتيرة التجارب السريرية، ليُطبّق على مرضى الزهايمر الحقيقيين في وقتٍ أقرب.
ويُعد مرض الزهايمر أكثر أشكال الخرف شيوعاً، وهي حالة تُعرف عموماً بتأثيرها على عقل وذكريات كبار السن. ويُعتبر الزهايمر أيضاً سادس سبب رئيسي للوفاة في الولايات المتحدة، وكان أكثر من 6.9 مليون أمريكي مصابين بهذا المرض في عام 2024.
ولا يعتقد الباحثون فقط أن هذا العلاج الجديد سيُنقذ الأرواح، بل من المرجح أن يُحقق ذلك دون التسبب في آثار جانبية كبيرة.
وكشفت الدراسة الجديدة، المنشورة في مجلة «Antioxidants» المتخصصة أن بروتين «diAcCA» لا يُنشَّط إلا بالالتهاب الذي يحاول مُكافحته.
وهذا يعني أن العلاج القائم على حمض الكارنوسيك لن يكون فعالاً إلا في مناطق الدماغ المُصابة بالالتهاب، ما يحد من أي آثار جانبية مُحتملة تُسببها الأدوية عادةً عند ملامستها للأنسجة السليمة، مثل أدوية السرطان.
وحتى الآن، كان من الصعب للغاية استخدام حمض الكارنوسيك كدواء أو مُكمل غذائي لأن هذا المُركب غير مستقر للغاية بحيث لا يُمكن استخدامه في شكله النقي، حسب ما يقول العلماء.
وابتكر فريق سكريبس مشتقاً من مركب إكليل الجبل والمريمية، قادر على الوصول إلى الأمعاء قبل تحلله. وبمجرد وصوله إلى هناك، يتحول «diAcCA» مجدداً إلى حمض الكارنوسيك، ويتم امتصاصه في مجرى الدم.
وأشار البروفيسور ستيوارت ليبتون إلى أن الفئران التي استخدمها فريقه في تجاربهم امتصت حمض الكارنوسيك بنسبة 20 في المئة أكثر بهذه الطريقة مما كانت ستمتصه لو تناولت حمض الكارنوسيك في شكله النقي. وسمح هذا للمزيد من المركب بالمرور عبر الحاجز الدموي الدماغي وعلاج بؤر التهاب الدماغ المهددة للحياة.
وأضاف ليبتون أن هذا الدواء لا يُخلص الدماغ من العوامل المسببة لمرض الزهايمر فحسب، بل إن الفئران التي تناولته استعادت بسرعة المهارات الإدراكية التي يؤثر عليها الخرف.
وقال ليبتون: «أجرينا عدة اختبارات مختلفة للذاكرة، وقد تحسنت جميعها باستخدام الدواء». وأضاف: «لم يُبطئ الدواء تدهور الذاكرة فحسب، بل أعادها إلى حالتها الطبيعية تقريباً».
واستخدم الباحثون مجموعة من 45 فأراً، مُقسَّمة إلى مجموعات أصغر من سبعة أو ثمانية، حيث لم تكن هذه الفئران عادية، بل كانت فئرانًا من نوع «5xFAD»، مُهيأة لتطوير أعراض تُشبه أعراض مرض الزهايمر، بما في ذلك فقدان الذاكرة وتلف الدماغ، بحلول عمر خمسة أشهر تقريباً.
وبمجرد بلوغها هذا العمر، أعطاها الفريق دواءً يُسمى «diAcCA» أو دواءً وهمياً (زيت الزيتون) ثلاث مرات أسبوعياً لمدة ثلاثة أشهر، كما جرَّبوا ثلاث جرعات مختلفة – 10 أو 20 أو 50 ملليغراماً – لمعرفة أيها أنجح. وبعد ثلاثة أشهر، أخضع العلماء الفئران لسلسلة من الاختبارات المعرفية، وكان أحدها متاهة مائية، حيث سبحت الفئران في بركة للعثور على منصة مخفية يمكنها الوقوف عليها، وتبين أن قدرة الفئران السليمة على العثور عليها تتحسن بمرور الوقت، بينما تُعاني الفئران المصابة بمرض الزهايمر.
وأجرى الفريق أيضاً اختبار خوف، حيث تعلمت الفئران التجمد عند سماع صوت مرتبط بصدمة خفيفة، لاختبار ذاكرتها للحظات المرعبة.
ثم نظر الفريق داخل أدمغة الفئران باستخدام مجاهر خاصة لمعرفة ما إذا كان الدواء قد غيّر تراكمات اللويحات الضارة، أو التشابكات البروتينية، أو اتصالات خلايا الدماغ المرتبطة بمرض الزهايمر.
وكانت النتائج مذهلة، فقد سبحت الفئران التي عولجت بـ«diAcCA»، وخاصةً بجرعات أعلى، إلى المنصة بشكل أسرع وقضت وقتاً أطول في مكانها المعتاد، مما يدل على أنها تذكرت مكانها بشكل أفضل من فئران الزهايمر غير المعالجة.
وفي اختبار الخوف، تجمدت الفئران أكثر، مما يثبت أن ذاكرتها كانت أكثر حدة.
وتحت المجهر، بدت أدمغتها أكثر صحة أيضاً، حيث أظهرت عدداً أقل من اللويحات والتشابكات، واتصالات أكثر بخلايا الدماغ، والتهاباً أقل.
وأضاف الدكتور ليبتون: «من خلال مكافحة الالتهاب والإجهاد التأكسدي باستخدام مركب diAcCA هذا، قمنا بالفعل بزيادة عدد نقاط الاشتباك العصبي في الدماغ». وعلى الرغم من أن هذا ليس علاجاً نهائياً لمرض الزهايمر حتى الآن، إلا أن الباحثين متفائلون للغاية بأن ما اكتشفوه في أعشاب مطبخكم يمثل نقلة نوعية في علاج الخرف.
وأضاف الفريق أن «diAcCA» قد يُمكّن أيضاً من تحسين فعالية علاجات الزهايمر الحالية، وذلك من خلال القضاء على الالتهابات الإضافية حول الدماغ التي عادةً ما تُعيق فعاليتها.