أخبار اليوم - قال اللواء الركن المتقاعد عدنان أحمد الرقاد مدير عام المؤسسة الاقتصادية والاجتماعية للمتقاعدين العسكريين والمحاربين القدماء: عندما تلوح في الأفق ذكرى الكرامة، وعندما يحين موعد الفخر بها، فإننا نستحضر واحدة من أعظم صفحات المجد في تاريخ الأمة، تلك المعركة التي لم تكن مجرد مواجهة عسكرية، بل كانت ملحمة بطولية أظهرت للعالم أن الإرادة الصلبة أقوى من أي آلة حرب. ففي الحادي والعشرين من آذار عام 1968، وقف جنود الجيش العربي الأردني، متسلحين بالإيمان والعزيمة، ليدافعوا عن الأرض والكرامة، ويردّوا العدوان ببطولة سيظل التاريخ يذكرها بكل فخر واعتزاز.
لقد أثبتت هذه المعركة أن الأردن، رغم صغر حجمه، يحمل في جنباته إرادة لا تنكسر، وروحاً منذورة لأجل الوطن، وأن جنوده، بعقيدتهم الراسخة وإيمانهم بوطنهم، قادرون على مواجهة أي خطر.
وأضاف: لم يكن القتال مجرد معركة عسكرية، بل كان اختبارًا لكرامة أمة بأكملها، فكان الانتصار الذي أعاد للأمة ثقتها بنفسها، وأثبت أن الدماء الطاهرة قادرة على صنع المعجزات.
وبين الرقاد: كان قرار القتال نابعًا من إرادة حرة، ولم يكن الدفاع عن الأرض خيارًا، بل واجبًا مقدسًا، وهذا ما جسّده الجيش العربي الأردني وهو يواجه قوات العدو التي كانت تعتقد أن اجتياحها للأرض الأردنية سيكون مجرد نزهة عسكرية.
ولفت: في هذه الذكرى العزيزة، نستذكر بكل إجلال شهدائنا الأبرار، أولئك الذين حملوا أرواحهم على أكفّهم، وأثبتوا أن التضحية في سبيل الوطن هي أسمى درجات الفداء، امتزجت دماؤهم بتراب الوطن، فأصبحوا خالدين في ذاكرة الأردن، محفورين في وجدان كل من يؤمن بأن السيادة لا تُوهب، بل تُنتزع بثبات الرجال وإيمانهم بعدالة قضيتهم، ولم يكن استشهادهم مجرد لحظة في معركة، بل كان رسالة أبدية بأن الأردن لا يُهزم ما دام فيه رجال يؤمنون بأن الموت في سبيل الأرض شرف لا يضاهى.
ونوه: ونحن اليوم، متقاعدون عسكريون، نحمل هذا الإرث المليء بالعظمة، ونؤكد أننا ما زلنا على استعداد لنقدم أرواحنا فداءً للوطن، نؤمن بأن القسم الذي أديناه يوم ارتدينا البدلة العسكرية لا يُلغى بالتقاعد، بل يبقى عهدًا نحمله في قلوبنا إلى الأبد، وسنكون كما أرادنا سيد البلاد على يمينه، ويساره عندما يحتاجنا الوطن، وفي هذه المناسبة العزيزة على قلب كل أردني، نتوجه بأسمى آيات التهنئة والتبريك إلى جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، القائد الأعلى للقوات المسلحة، الذي يواصل مسيرة العز والكرامة، مستمدًا من إرث الراحل العظيم، جلالة الملك الحسين بن طلال، طيب الله ثراه، الذي قاد المعركة بحنكة وشجاعة، رافضًا وقف القتال حتى خرج آخر جندي معادٍ من أرض المعركة، ليؤكد للعالم أن الأردن لا يساوم على كرامته، ولا يقبل إلا بالنصر.
ونحن إذ نستذكر هذه المعركة الخالدة، نؤكد أن وقوفنا خلف القيادة الهاشمية الحكيمة بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ثابت لا يتزحزح، فهو الحامي لمسيرة الوطن، والساهر على عزته ورفعته، مستمرًا في بناء الجيش العربي وتعزيز قدرات قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية، التي كانت وما زالت درع الوطن وسيفه في وجه كل من تسوّل له نفسه المساس بأمنه واستقراره، فهي الحصن المنيع الذي يحمي الوطن، بسواعد رجاله الذين يواصلون الليل بالنهار، يذودون عن حماه، ويسهرون على أمن مواطنيه.
وختم: أن معركة الكرامة ليست مجرد ذكرى، بل هي درس خالد يُذكّرنا بأن هذا الوطن بُني بتضحيات الرجال، وأن الدفاع عنه واجب لا ينتهي واليوم، ونحن نستذكر هذه اللحظات العظيمة، نجدد العهد بأن نبقى أوفياء لمسيرة الشهداء، محافظين على إرثهم، متمسكين بالقيم التي دافعوا عنها، ومؤمنين بأن الأردن سيبقى قويًا بشعبه، شامخًا ببطولات جيشه، ومضيئًا بمسيرة قيادته الحكيمة. سلامٌ على أرواح الشهداء، وسلامٌ على كل من سار على دربهم، وحمى الله الأردن، أرضًا وقيادةً وشعبًا.
الدستور - محمود كريشان