أخبار اليوم - قالت صحيفة لوموند الفرنسية إنّه من خلال إنهاء وقف إطلاق النار، يكسب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الوقت في محاكمته بتهم الفساد ويعيد إلى الحكومة حزبا يمينيا متطرفا يمكن أن يساعده في تمرير التصويت على الميزانية في الكنيست.
واعتبرت الصحيفة الفرنسية أن الهجمات “المحدودة” التي نفذها الجيش الإسرائيلي ليست علامة على استئناف حرب مفتوحة، لكنها تشكل مرحلة جديدة في تصعيد الضغط على حماس، مما يسمح لنتنياهو الذي يواجه صعوبات في استعادة زمام الأمور على المستويات العسكرية والسياسية والنفسية.
وأضافت لوموند أن المفاوضات لتحرير الرهائن الإسرائيليين متوقفة منذ أن خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي عن إطار اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي؛ موضّحة أن الطرف الفلسطيني، من جهته، يريد العودة إلى الاتفاق، وخاصة إلى مرحلته الثانية، التي كان من المفترض أن تبدأ في 2 مارس/ آذار الجاري، والتي تسمح بإرساء هدوء دائم وانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة.
لكن في 2 مارس/آذار، علّقت الحكومة الإسرائيلية دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، مما أدى فعليا إلى انهيار الهدنة. وبعد أسبوع، أي في 9 مارس/ آذار الجاري، قُطع التيار الكهربائي عن محطة تحلية المياه. ثم في 18 مارس/ آذار الجاري، شَنّ الجيش الإسرائيلي هجوما مفاجئا لم يدم أكثر من عشر دقائق، وأدى إلى مقتل أكثر من 400 شخص، بينهم 170 طفلا و80 امرأة، وفقًا للدفاع المدني الفلسطيني.
يزعم الجيش الإسرائيلي أن الهجوم استهدف أهدافا عسكرية، وقد فوجئت حماس بالعملية. فبحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، ينوي الجيش الإسرائيلي الآن استهداف البنية التحتية المدنية والعسكرية لحماس، مع إبقاء الباب مفتوحا لاستئناف المفاوضات وفقا لشروط إسرائيل، أي دون الالتزام بوقف الحرب أو الانسحاب الكامل من غزة. هذه الاستراتيجية تهدف إلى إضعاف حماس دون القضاء عليها بالكامل، تتابع صحيفة لوموند.
وتنقل الصحيفة الفرنسية عن يعقوب عميدرور، المستشار السابق للأمن القومي لنتنياهو، أن الوضع لم يكن مقبولا، قائلا: “خلال أسابيع، كانت إسرائيل تتفاوض على تحرير الرهائن بينما كانت حماس تستغل الهدنة لإعادة بناء قوتها. كان لا بد من التحرك. الآن، سينتظر الجيش قليلا، وإذا استمرت المفاوضات في التعثر، سيتم تكثيف العمليات العسكرية”. وقد شدد نتنياهو يوم الثلاثاء على أن “المفاوضات ستجري فقط تحت النار”، معتبرا أن “الضغط العسكري” ضروري لتحرير الرهائن.
ومضت الصحيفة الفرنسية قائلة إنه رغم انهيار الهدنة، إلا أنه لم يتم إعلان حرب شاملة بعد، حيث لا توجد عملية برية واسعة النطاق، بل عمليات محدودة تهدف إلى الضغط على حماس. ومع ذلك، يشكك محللون عسكريون إسرائيليون في فعالية هذه الاستراتيجية، إذ لم يثبت أن الضغط العسكري يؤدي إلى إطلاق سراح الرهائن، بل قد يكون له تأثير معاكس.
من الناحية السياسية، تضيف لوموند، سمحت هذه التطورات لنتنياهو باستعادة زمام المبادرة. فقد ألغيت جلسة محاكمته بتهم الفساد، كما عاد إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي السابق، إلى الحكومة بعد انسحابه احتجاجا على الهدنة. وأيضا انضم أربعة نواب من حزبه “القوة اليهودية”، مما يضمن لنتنياهو دعما برلمانيا حاسما لتمرير ميزانية العام 2025.
تزامنا مع ذلك، أعلن نتنياهو عن إقالة رئيس جهاز الشاباك، رونين بار، في خطوة تهدف إلى تعزيز صورته كقائد قوي في مواجهة ما يسميه “الدولة العميقة”، رغم أن هذه الإقالة غير قانونية على الأرجح، توضح الصحيفة الفرنسية.
واعتبرت لوموند أنه باستئناف العمليات العسكرية جزئيا واستعادة السيطرة السياسية، يحاول نتنياهو كسب الوقت، لكن ثقة الإسرائيليين في قيادته تتراجع. ففي أكتوبر/ تشرين الأول عام 2023، اعتقد 92% من الإسرائيليين اليهود أن جيشهم سينتصر في الحرب، وفقًا لدراسة أجراها المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية في تل أبيب. وفي بداية 2024، انخفضت هذه النسبة إلى 72%، والآن بلغت 66% فقط، وفق لوموند.