أخبار اليوم - على الرغم من التزام الجانب الحكومي اليمني الصمت إزاء الضربات الأميركية؛ التي استهدفت مخابئ ومواقع عسكرية للجماعة الحوثية في صنعاء و5 محافظات، فإن ردود الفعل من قِبل الشارع والنشطاء السياسيين أظهرت تبايناً في المواقف بين مؤيد هذه الضربات وآخر يشكك في فاعليتها، لكن آراء هؤلاء تُجمع على تحميل الجماعة الحوثية المسؤولية عن استدعاء مثل هذه الضربات.
وفي حين كانت الضربات هذه المرة مفاجئة وغير متوقعة، فإنها أتت مغايرة لما عرفه اليمنيون من ضربات نفذتها المقاتلات الأميركية طيلة عام كامل رداً على الهجمات المتواصلة للحوثيين على حركة الملاحة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن.
وركزت الضربات الجديدة على استهداف مراكز للقيادة والسيطرة، وبعضها استهدف تجمعات لقيادات عسكرية، وثالثة على أجهزة المخابرات، وامتدت رقعة الاستهداف لتصل إلى مواقع تخزين الصواريخ والمسيّرات ومنصات إطلاقها في 6 من المحافظات، وكان لمحافظة صعدة، التي يختبئ فيها زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، النصيب الأكبر من الغارات.
ووسط تأكيد سكان في العاصمة اليمنية المختطفة من قبل الحوثيين أن قوة الانفجارات كانت من الشدة بحيث أشاعت حالة من الرعب غير المسبوق، وألحقت أضراراً في عدد من المساكن البعيدة عن المواقع المستهدفة في جنوب غربي المدينة، أظهر نشطاء في مناطق سيطرة الحكومة مواقف متناقضة تجاه تلك الغارات، ففي حين عبروا عن تعاطفهم مع المدنيين، فقد ساندوا «استهداف قادة الحوثيين الذين كانوا السبب في تشريد أكثر من 4 ملايين شخص بانقلابهم على السلطة الشرعية».
ويؤكد ناشط يمني يدعى «صالح» أن «بقاء سيطرة الحوثيين على صنعاء وتنفيذهم أجندات خارجية، سيجعل المدينة وبقية المحافظات في شمال البلاد عرضة للاستهداف»، ويقول إن «تجنيب المدنيين أي أضرار؛ سواء في تلك المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، وفي عموم البلاد، من أي عدوان خارجي يرتبط بالخلاص من الجماعة الحوثية؛ لأنها السبب الرئيسي الذي جلب البوارج وقاذفات القنابل».
جذر المشكلة
يرى نشطاء ومعلقون يمنيون أن «الدعم الإيراني لانقلاب الحوثيين على الدولة، هو جذر المشكلة، وبقاء الانقلاب يعني استدعاء مثل هذه الاعتداءات الخارجية»، ويجزمون بأن «تجنيب اليمنيين كل هذه الويلات مرتبط بتخلي الجماعة الحوثية عن المقامرة واستخدام المناطق التي تحت سيطرتها لتهديد مصالح العالم». ويصفون الحوثيين بأنهم «جماعة منفلتة، أسقطت الدولة، وقوضت قيم التعايش، وانتهكت كل شيء وقع تحت يدها»، ويقولون إنه «آن الأوان كي يتوقف كل هذا».
وكان الناشط السياسي، خالد بقلان، أكثر حدة في رده على الانتقادات التي وجهت للضربات، وقال إنه «لا عدو لليمنيين إلا الحوثي ومن يقف خلفه، وأي طرف دولي أو إقليمي أو محلي يواجه الحوثيين، فأنه معه»، ويضيف: «أنا لا أقبل تبرير أي موقف؛ لأن البلاد في حرب، ومن يتألم على الحوثي، فعليه أن يصطف معه بشكل واضح، دون مواربات أو خداع».
ويتفق معه في ذلك الناشط «هشام»، الذي يقطع بـ«عدم إمكانية وقف الصواريخ الأميركية بالدموع على الضحايا المدنيين ولا بالسخط، ولكن بتوجيه السلاح نحو جماعة الحوثي التي حولت المناطق التي تحت سيطرتها إلى مركز لنشر الإرهاب في عموم المنطقة».
ويقول إن الحوثيين قبلوا بـ«تأجير» صنعاء والمحافظات التي حولها؛ «لمصلحة طهران لتفتعل كل هذه الحرب وكل هذا الدمار»، ويؤكد أنه «باستعادة تلك المحافظات، فلن تكون هناك حاجة لأي دولة كي تقصف أي مكان في البلاد»، ويدلل على ذلك بأن «صنعاء لم تُقصف قبل سيطرة الحوثيين عليها»، ويجزم بأنها لن تُقصف بعد زوال هذه السيطرة.
ومع التشكيك في نجاح الضربات الجوية من دون تحرك بري، يرى ناشطون آخرون أن «هذه الضربات إذا نجحت في منع الحوثيين من استهداف إسرائيل وقيدت الهجمات على الملاحة في البحر الأحمر، فإنه عندها يمكن القول إن واشنطن حققت نجاحاً فعلياً؛ لأن نجاح العمليات العسكرية وفق رؤيتهم يحتاج إلى تحرك على الأرض، وذلك يتطلب تسليح القوات الحكومية وتوفير خطوط إمدادات، وهو ما لم يحدث حتى الآن».
ويذهب أحد النشطاء، ويُدعى «أنور»، إلى أن «عدم تنسيق واشنطن مع الأطراف الداخلية اليمنية لتنفيذ عمليات برية وبالتزامن مع استهداف الحوثيين بالقصف الجوي لن يؤدي إلى النتائج المرجوة؛ لأن (القصف بالتقسيط) سيكون بمثابة عرض لمساومتهم للتوقف عن تهديد المصالح الخارجية مقابل بقاء سيطرتهم على تلك المناطق».