أخبار اليوم - بدأت إدارة الرئيس دونالد ترامب حملة ضد الحوثيين في اليمن، في ما يقول المسؤولون العسكريون الأمريكيون إنها أول رصاصة في حملة ضد أرصدة الحركة الحوثية، وقد تستمر عدة أسابيع، وبخاصة أن أرصدة الحركة مدفونة تحت الأرض، فيما عبّر مسؤولون في الأمن القومي أن الحملة العسكرية قد تؤدي إلى خسارة الحركة السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي التي تحكمها.
وأشارت صحيفة “نيويورك تايمز”، في تقرير أعدّه أريك شميدت وجوناثان سوان، إلى أن سلسلة الغارات بدأت ضد سلسلة من عشرات الأهداف بالمناطق الواقعة تحت سيطرة الحركة التي تدعمها إيران في اليمن. وهي افتتاح لهجوم جديد ضد الحركة، كما يقول المسؤولون، ورسالة قوية لإيران، في وقت يحاول الرئيس دونالد ترامب إجبارها على صفقة تتعلق ببرنامجها النووي.
واجهت الاستخبارات الأمريكية صعوبة في الماضي في تحديد مواقع أنظمة أسلحة الحوثيين التي تنتجها الحركة في مصانع تحت الأرض ويهربونها من إيران
والسبت، تعرّضَ اليمن لهجمات جوية وبحرية، بعدما أمر الرئيس ترامب بضرب الدفاعات الجوية وأنظمة الصواريخ والمسيّرات التابعة للحركة، في محاولة لفتح الممرات الملاحية في البحر الأحمر التي عطّلها الحوثيون بهجماتهم، وتم استهداف أحد قادة الحوثيين.
وكانت إدارة بايدن قد شنت عدداً من الغارات الجوية ضد الحوثيين، لكنها فشلت في إعادة استقرار المنطقة. وقال المسؤولون إن الغارات هي أهم عمل عسكري تعلن عنه الإدارة الجديدة لترامب، وكانت تعني توجيه تحذير لإيران التي يريد ترامب توقيع صفقة معها ومنعها من الحصول على السلاح النووي، لكنه ترك الباب مفتوحاً أمام رفض إيران التفاوض مع أمريكا.
وكان ترامب واضحاً في تصريحاته على منصته “تروث سوشيال” التي أعلن فيها عن الغارات: “لإيران؛ يجب وقف الدعم للحوثيين حالاً، ولا تهدّدوا الشعب الأمريكي ورئيسه الذي حصل على أكبر تفويض في التاريخ الرئاسي أو ممرات الملاحة العالمية، ولو فعلتم، فعليكم الحذر، لأن أمريكا ستحاسبكم”.
وقال مسؤولون أمريكيون إن الغارات الجوية ضد ترسانة الحوثيين، المدفون جزء كبير منها عميقاً تحت الأرض، قد تستمر لعدة أسابيع، ويزداد نطاقها تبعاً لرد فعل الحوثيين.
وقد واجهت وكالات الاستخبارات الأمريكية صعوبة في الماضي في تحديد مواقع أنظمة أسلحة الحوثيين، التي تنتجها الحركة في مصانع تحت الأرض ويهربونها من إيران.
وقال مسؤولون أمريكيون إن بعض مساعدي الأمن القومي يرغبون في شن حملة أكثر عدوانية قد تؤدي إلى فقدان الحوثيين السيطرة على أجزاء كبيرة من شمال البلاد. لكن ترامب لم يصرح بعد بهذه الإستراتيجية، خوفاً من توريط الولايات المتحدة في صراع بالشرق الأوسط تعهد بتجنبه خلال حملته الانتخابية.
وأضافت الصحيفة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان يضغط على ترامب للسماح بعملية أمريكية- إسرائيلية مشتركة لتدمير منشآت الأسلحة النووية الإيرانية، مستغلاً فرصة انكشاف الدفاعات الجوية الإيرانية، بعد حملة قصف إسرائيلية في تشرين الأول/أكتوبر أدت إلى تفكيك بنية تحتية عسكرية حيوية. إلا أن ترامب، المتردد في الانجرار إلى حرب كبرى، صمد حتى الآن أمام ضغوط صقور إسرائيل والولايات المتحدة لاغتنام الفرصة لضرب المواقع النووية الإيرانية.
وتضامناً مع غزة، بعد هجوم “حماس” في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 وحرب إسرائيل على غزة، استهدف الحوثيون السفن التجارية المرتبطة بإسرائيل وتمر عبر البحر الأحمر، حيث استهدفوا أكثر من 100 سفينة.
وقد أوقف الحوثيون هجماتهم بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين “حماس” وإسرائيل في كانون الثاني/يناير، إلا أن الحركة أعلنت عن استئناف عملياتها ضد السفن التجارية، بعد إعادة إسرائيل فرض الحصار الكامل على غزة، هذا الشهر، ومنع دخول المساعدات الإنسانية إلى أكثر من مليوني نسمة.
وتقول الصحيفة إن هجمات الحركة الأخيرة أغضبت ترامب، وبخاصة بعد استهدافهم أف-16 التي كانت تحلق فوق البحر الأحمر وأخطأتها. واختفت مسيّرة من نوع أم كيو-9 في اليوم الذي أعلن فيه الحوثيون عن إسقاط واحدة.
نتنياهو كان يضغط على ترامب للسماح بعملية أمريكية- إسرائيلية مشتركة لتدمير منشآت الأسلحة النووية الإيرانية، مستغلاً فرصة انكشاف الدفاعات الجوية الإيرانية
وكتب ترامب على منصته “تروث سوشيال”: “إلى جميع الإرهابيين الحوثيين، انتهى وقتكم، ويجب أن تتوقف هجماتكم، بدءاً من اليوم”.
وضربت الغارات الأولى حياً في العاصمة صنعاء، يعتقد أن قادة الحوثيين يقيمون فيه، وبحسب قناة “المسيرة” ووزارة الصحة فقد قتلت الغارات تسعة أشخاص وجرحت تسعة آخرين.
وقال مسؤولون أمريكيون إن الضربات التي شنت يوم السبت جاءت نتيجة سلسلة من الاجتماعات عالية المستوى في البيت الأبيض، هذا الأسبوع، بين ترامب وكبار مساعديه للأمن القومي، بمن فيهم نائب الرئيس جيه دي فانس ووزير الخارجية ماركو روبيو ومايكل والتز، مستشار الرئيس للأمن القومي، ووزير الدفاع بيت هيغسيث، والجنرال مايكل إي. كوريلا، قائد القيادة المركزية للجيش. وقد وافق ترامب على الخطة يوم الجمعة.
وشنت الهجمات من بارجة هاري أس ترومان التي تمخر عباب مياه البحر الأحمر الشمالية، وكذا مقاتلات ومسيّرات انطلقت من القواعد الأمريكية المنتشرة في المنطقة.
وتصدّت إدارة بايدن للهجمات على سفن الشحن التجاري بعدة ضربات مضادة من قبل القوات العسكرية الأمريكية والبريطانية، وذلك في الفترة ما بين كانون الثاني/يناير وأيار/مايو الماضيين، حيث نفّذ جيشا البلدين ما لا يقلّ عن خمس ضربات مشتركة رئيسية ضد الحوثيين، رداً على استهداف الشحن البحري. إلا أن القيادة المركزية في الشرق الأوسط أعلنت، يوم السبت، أنها نفّذت الضربات دون مساعدة أي دولة أخرى.
وتعلق الصحيفة بأن الضربات التي تقودها الولايات المتحدة فشلت في ردعهم عن مهاجمة ممرات الشحن المتصلة بقناة السويس، والتي تعدّ حيوية للتجارة العالمية. واضطرت مئات السفن إلى اتخاذ طريق بديل طويل حول جنوب أفريقيا، ما أدى إلى ارتفاع التكاليف. وعلى الرغم من وقف إطلاق النار في غزة، إلا أن شركات الشحن البحري لا تزال تتجنّب إرسال حاوياتها إلى البحر الأحمر وتواصل الدوران حول مضيق الرجاء الصالح.
وحاولت إدارة بايدن تقليص قدرة الحوثيين على تهديد السفن التجارية والعسكرية دون قتل أعداد كبيرة من مقاتلي الحوثيين وقادتهم، الأمر الذي قد يؤدي إلى مزيد من الفوضى في حرب إقليمية متوسعة خشي المسؤولون أن تجر إيران إليها. وقد هدأت المخاوف من هذا الصراع الإقليمي الأوسع بشكل كبير في الأشهر التي تلت، بعد حرب إسرائيل مع “حزب الله” و”حماس” التي أضعفت أهم وكيلين مسلّحين لإيران في المنطقة، وتدمير جزء كبير من الدفاعات الجوية الإيرانية بسلسلة من الغارات الجوية العقابية، في الخريف الماضي، والتي تركت البلاد عرضة لهجوم مضاد إسرائيلي أكبر في حال ردت.
وقد أعطى ذلك ترامب مجالاً أكبر للقيام بهجوم قصف واسع ضد الحوثيين واستخدامه كتحذير للقادة الإيرانيين إذا رفضوا المحادثات التي تركز على برنامج طهران النووي. ومن غير الواضح كيف ستنجح حملة قصف متجددة ضد الحوثيين حيث فشلت الجهود العسكرية السابقة بقيادة الولايات المتحدة إلى حد كبير.
وقال مسؤولون عسكريون إن هذه الهجمات ستضرب مجموعة أوسع من الأهداف الحوثية، وستنفذ على مدى أسابيع. ولم يتحدث ترامب، في رسالته على وسائل التواصل الاجتماعي، عن تفاصيل. مع أنه قال: “كان ردّ جو بايدن ضعيفاً بشكل بائس، لذلك واصل الحوثيون المتهوّرون هجومهم”. وأضاف: “لن يتم التسامح مع هجوم الحوثيين على السفن الأمريكية، سنستخدم القوة المميتة الساحقة حتى نحقق هدفنا”.
ترامب: إلى جميع الإرهابيين الحوثيين، انتهى وقتكم، ويجب أن تتوقف هجماتكم، بدءاً من اليوم
وتعلق الصحيفة بأن الحوثيين، الذين طوّروا خبراتهم القتالية خلال حرب استمرت ثماني سنوات مع تحالف قادته السعودية، رحبوا بمنظور حرب مع أمريكا، وينتظر المسؤولون الأمريكيون وفي الشرق الأوسط رداً من الحوثيين.
وأشارت مجلة “بوليتيكو” إلى أن الغارات الجديدة على اليمن، والتي تعتبر الأكبر منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، تمّت بعدما خفّف الرئيس الأمريكي من قواعد إطلاق النار ومنح القادة الميدانيين مساحة واسعة للتصرف.
وقالت إن الغارات جاءت بعد تخفيف القيود التي وضعتها إدارة بايدن على القادة العسكريين بشأن الغارات الجوية ضد أهداف عسكرية. وصار بوسع القادة العسكريين في الشرق الأوسط وأفريقيا شن غارات ضد أهداف عسكرية يرونها مناسبة، وبدون العودة إلى البيت الأبيض، وانتظار موافقته.
ونقلت المجلة عن مسؤول طلب عدم الكشف عن هويته قوله إن زيادة الهجمات الأخيرة ضد معاقل “حركة الشباب” في الصومال، وضد تنظيم “الدولة” في سوريا، هي نتيجة لهذه السياسة، مضيفاً أن هناك المزيد من الغارات القادمة في المنطقة عندما يرى القادة العسكريون فرصة لضرب قادة هذه المنظمات.