مسؤولة : درجة نزع الصفة الإنسانية عن الغزيين مروعة

mainThumb
مسؤولة : درجة نزع الصفة الإنسانية عن الغزيين مروعة

15-03-2025 01:03 PM

printIcon

أخبار اليوم - في مقابلة مع صحيفة “ليمانيتي” الفرنسية، قدّمت مارا بيرناسكوني، المكلفة بمناصرة فلسطين في منظمة “هانديكاب إنترناشيونال” الدولية غير الحكومية، وصفاً للوضع الإنساني في قطاع غزة.

وأوضحت هذه الأخيرة، العائدة قبل بضعة أيام من مهمة لتقديم المساعدات في قطاع غزة، أن منظمة “هانديكاب إنترناشيونال” تضم أكثر من 300 موظف فلسطيني و6 دوليين، بينهم أطباء نفسيون، أخصائيو أطراف صناعية، خبراء إزالة الألغام، إضافة إلى فرق لوجستية وأمنية.

وتقول: “من الواضح أنهم يعيشون في ظروف غير إنسانية.. بلا كهرباء، مع وصول محدود للمياه، وسط رطوبة وبرد وعواصف رملية. أثناء وجودي هناك، كانت الخيام تتطاير بفعل الرياح، في وقت لم يبقَ للناس شيء. الملاجئ لا توفر إلا الحد الأدنى من الحماية. حجم الدمار لا يمكن تصوره، المباني منهارة، الأنقاض في كل مكان، الطرق مدمرة بسبب القصف، الأسفلت تحول إلى حطام لدرجة أن البعض لم يعد يتعرف على حيه”.

بيرناسكوني: أثناء وجودي هناك، كانت الخيام تتطاير بفعل الرياح، في وقت لم يبقَ للناس شيء. الملاجئ لا توفر إلا الحد الأدنى من الحماية. حجم الدمار لا يمكن تصوره، المباني منهارة، الأنقاض في كل مكان

وتابعت التوضيح أن الناس يعيشون في ظل خوف دائم من القصف القادم، مدركين أنهم قد يكونون الضحايا التاليين في أي لحظة، دون تمييز. (في الأول ديسمبر 2024، قدرت الأمم المتحدة عدد العاملين الإنسانيين الذين قتلوا في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023 بـ 333 شخصًا). كثيرون يتساءلون لماذا لم يُقصف حيّهم بعد، بل إن البعض يذهبون إلى حد القول: “لماذا ليس أنا؟”.

لاتخاذ قرارات من أجل البقاء، تضطر العائلات إلى خيارات مؤلمة: ينقسم أفرادها، يذهب الأب مع بعض الأطفال، والأم مع الآخرين، البعض إلى وسط غزة، وآخرون إلى الجنوب. إنها ظروف مروعة. البعض لا يتناول إلا وجبة واحدة في اليوم حتى يتمكنوا من إطعام أطفالهم.

ورداً على سؤال الصحيفة عن مدى خشيتها ومنظمتها “هانديكاب إنترناشيونال” من حدوث مجاعات في ظل نقص الإمدادات جراء حظر السلطات الإسرائيلية منذ أسبوعين المساعدات الإنسانية وقطع الكهرباء، أوضحت مارا بيرناسكوني أنه خلال وقف إطلاق النار، تمكنت المنظمة من إدخال كميات كبيرة من المساعدات: أطراف صناعية، دعامات طبية، ومستلزمات أساسية. لكن مخزونها سينفد قريبًا.

واعتبرت أن منع دخول المساعدات في بداية الشهر يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الإنساني الدولي. وفقًا للمعاهدات الدولية، تتحمل القوة المحتلة مسؤولية ضمان إمداد السكان بالطعام والمياه والأدوية، وتسهيل وصول فرق الإغاثة (كما تنص اتفاقية جنيف لعام 1949). ونددت باستخدام الإسرائيليين المساعدات الإنسانية كورقة مساومة في المفاوضات. “إنه عقاب جماعي”.

وعبرت العاملة في المجال الإنساني عن قلق وخشية من العواقب الوخيمة لهذا الحصار: المجاعة أصبحت سلاحًا في الحرب. إلى متى سنظل نراقب هذه الانتهاكات، ونعددها، ونتناقش حولها، دون أن نتحرك؟ تقول مارا بيرناسكوني.

ورأت هذه الأخيرة أن الأمر يتعلق بالإرادة السياسية، وهي في أيدي عدد قليل من الدول، لديها هي الأخرى مسؤوليات تجاه القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك حظر تقديم الدعم المادي أو المالي أو العسكري لأي طرف في النزاع، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، وضمان احترام القانون. فالضغوط الدبلوماسية لم تعد كافية.

التنديد بمنع وصول المساعدات الإنسانية شيء، لكن اتخاذ إجراءات ملموسة هو شيء آخر، تشدد مارا بيرناسكوني، مضيفة القول إن إسرائيل قوة احتلال في الأراضي الفلسطينية منذ عقود، وإن الحروب متكررة، لكن منذ 15 شهرًا، أصبحت الأوضاع شديدة الخطورة، مع عدد استثنائي من الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني. ففي مواجهة الفظائع التي تُرتكب أمام أعيننا، فإن تقاعس المجتمع الدولي أمر مرعب، درجة نزع الإنسانية عن الفلسطينيين مروعة، تقول مارا بيرناسكوني.