د. منيرة جرادات
يحتفل العالم بيوم المرأة العالمي والذي يصادف الثامن من اذار من كل عام، حيث يأتي هذه اليوم من كل عام ليذكّرنا بأن المجتمعات لا تنهض إلا بنهوض نساءها، ولا تتقدم إلاعندما تُعطى لهنّ حقوقهنّ وتتوفر لهنّ الفرص المتساوية للإبداع والإنجاز والعطاء. فقد أصدرت الامم المتحدة بمناسبة هذا اليوم بيانا جاء فيه: اليوم، ونحن نحتفل باليوم الدولي للمرأة 2025، وتحت شعار “لجميع النساء والفتيات: الحقوق والمساواة والتمكين”.
حيث يدعوهذا الشعارالى اتخاذ إجراءات كفيلة بإطلاق العنان للمساواة في الحقوق وإعطاء الفرص للجميع وبناء مستقبل نسوي قوي. إن جوهرهذا الشعاريتمثل في تمكين الجيل القادم ــ جيل الشباب، وخاصة الشابات والفتيات المراهقات ــ باعتبارهم محفزين للتغييرالدائم.
وإننا في الأردن، نستذكر في يوم المرأة العالمي انجازات المرأة الاردنية ونجاحاتها وتضحياتها، هذه المرأة التي كانت وما زالت رمزا للقوة والعزيمة والاصرار، فمنذ عقود وهي تناضل وتكافح من اجل تحقيق المساواة الكاملة في الحقوق والواجبات وتعزيز مكانتها وتمكينها على مختلف الاصعدة. والحمد لله ان نضال المرأة الاردنية شهد في السنوات الأخيرة تحولات جذرية و مفصلية بفضل الإصلاحات التشريعية والسياسات التقدمية التي تبناها الأردن، مما عزز من حضور المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. فقد كان للمرأة الاردنية دور حقيقي في مسيرة الوطن التنموية، الذي سيسهم في صنع مستقبل اكثر اشراقا و بناء مجتمع سليم ومزدهرلأجيالنا القادمة.
إن الاجراءات والسياسات الوطنية المؤسسية تعتبر خطوة حاسمة ومحورية للنهوض بالمرأة وان معظم القرارات والخطوات التي تم اتخاذها عبر سنوات انبثقت عن ادراك وطني محلي نابع من ارثنا وثقافتنا، حيث لم يكن تمكين المرأة شعارًا فارغًا، بل كان سياسةً ثابتة ورؤية استراتيجية، تجسدت بفضل الدعم المستمر والتوجية الحقيقي من جلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبدالله للحكومات المتعاقبة لضمان مشاركة المرأة في جميع مجالات الحياة. لقد أكد جلالة الملك في اكثر من مناسبة على دور ومركزية المرأة الاردنية في مجتمعنا بوصفها “عماد مجتمعنا”. و جلالة الملكة ايضا ركزت في اكثر من مناسبة على أهمية تمكين المرأة كمدخلا على تمكين المجتمع بأكمله، حيث وسمت جلالتها المرأة بأنها ” صمام الأمان للمجتمع”.
إن من أبرز ما تحقق للمرأة الأردنية هو تعزيز حقوقها في مختلف المجالات عبر تعديل العديد من التشريعات وتبني السياسات لصالحها، الأمر الذي اسهم في زيادة مشاركة المرأة في مجلس الأمة والمجالس البلدية ومجالس المحافظات. كما شهدنا تعيين سيدات في مناصب قيادية بارزة ومهمة في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاكاديمية والتربوية، علاوة على تطور ملحوظ في نسبة النساء العاملات في القطاع الحكومي والخاص. ولقد اثبتت المرأة الاردنية وجودها و تميزها في المشاريع الريادية التي تستهدف بصورة خاصة المرأة الريفية والمرأة في المجتمعات المهمشة، مما ادى لمساعدتها في تحقيق الاستقلال المالي والاعتماد على الذات والترويج لفكرة أن المرأة قادرة على إدارة المشاريع الريادية، مما زاد من أعداد النساء في ريادة الأعمال.
ولكن وعلى الرغم من كل هذه الإنجازات، لا تزال هناك تحديات تواجه المرأة الأردنية، مثل العوائق الاجتماعية، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، وقلة الفرص المتاحة في بعض القطاعات. ومع ذلك فإنه بإصرار الأردنيات على تحقيق ذاتهن واغتنام الاهتمام الملكي السامي بالمرأة الاردنية، فإن الطريق نحو المساواة الكاملة يبدو الان ممكنا أكثر من أي وقت مضى. واننا على يقين بقدرة المرأة الاردنية كعنصر اساسي من نسيج المجتمع الوطني على المساهمة في بناء مجتمع قوي ومتقدم يسوده العدل والانصاف وتُحترم فيه كرامة الانسان دون تمييز. وندعو الله العزيز الحكيم ان ينير دربنا و يعزز جهودنا في سبيل مصلحة الوطن و رفعته و تقدمه.