أخبار اليوم - في تكرار لسيناريو 2023، رفض الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون المشاركة في القمة العربية المرتقبة بالقاهرة، بناء على “موقف” يتعلق بعد إشراك بلاده في المسار التحضيري المتعلق بمخرجاتها خاصة حول القضية الفلسطينية.
ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن مصدر مطلع، أن الرئيس عبد المجيد تبون، قرر عدم المشاركة شخصيا في أشغال القمة العربية الطارئة التي تستضيفها جمهورية مصر العربية يوم 4 آذار/مارس المقبل بغرض بحث تطورات القضية الفلسطينية، حيث قام بتكليف وزير الشؤون الخارجية أحمد عطاف، لتمثيل الجزائر.
ويأتي هذا القرار، وفق الوكالة، على خلفية “الاختلالات والنقائص التي شابت المسار التحضيري لهذه القمة، حيث تم احتكار هذا المسار من قبل مجموعة محدودة وضيقة من الدول العربية التي استأثرت وحدها بإعداد مخرجات القمة المرتقبة بالقاهرة دون أدنى تنسيق مع بقية الدول العربية المعنية كلها بالقضية الفلسطينية”.
وفي تبرير الأسباب، قال المصدر الرسمي، إن “رئيس الجمهورية (تبون)، قد حزّت في نفسه طريقة العمل هذه، التي تقوم على إشراك دول وإقصاء أخرى، وكأن نصرة القضية الفلسطينية أصبحت اليوم حكرا على البعض دون سواهم”. وأضاف “في حين أن منطق الأمور كان ولا يزال يحتم تعزيز وحدة الصف العربي وتقوية التفاف جميع الدول العربية حول قضيتهم المركزية، القضية الفلسطينية، لاسيما وهي تواجه ما تواجهه من تحديات وجودية تستهدف ضرب المشروع الوطني الفلسطيني في الصميم”.
وأنهت الوكالة التي تعبر عن التوجه الرسمي برقيتها، بعبارات متحسرة تقول: “هذه هي المقاربة التي طالما نادت الجزائر بالاحتكام إليها والاهتداء بها، وبلادنا تواصل تكريس عهدتها بمجلس الأمن للمرافعة من أجل القضية الفلسطينية، صوتا عربيا يصدح بالحق، وصوتا عربيا يدافع عن حقوق المظلومين، وصوتا عربيا لا ينتظر من أشقائه جزاء ولا شكورا، ولكن يتحسر ويتأسف على ما آلت إليه أوضاع وأحوال الأمة العربية”.
ويشير المصدر الجزائري، إلى انزعاج الرئيس تبون من عدم إشراك بلاده في القمة المصغّرة غير رسمية التي انعقدت في السعودية في شباط/فيفري الماضي في سياق المساعي العربية لتقديم خطة مضادة لمقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب القاضي بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة. وجرت تلك القمة، بدعوة من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وضمّت بعض قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وملك الأردن عبد الله الثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
ويعيد الموقف الجزائري للأذهان، ما حدث قبيل القمة العربية في السعودية لسنة 2023، والتي غاب عنها الرئيس عبد المجيد تبون، لعدة أسباب من بينها التحضيرات التي سبقت القمة. وما سيق عن رفض الرئيس الجزائري الحضور آنذاك، إقصاء الجزائر من اجتماع جدة الشهير الذي ناقشت فيه عدة دول مسألة عودة سوريا للجامعة العربية، على الرغم من أن الجزائر كانت رئيس دورة الجامعة على مستوى القمة آنذاك. إلى جانب ذلك، تعاملت الجزائر، وفق ما نقلته وسائل إعلام مقربة من السلطة، بمبدأ المعاملة بالمثل، حيث كان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من الغائبين قمة الجزائر لسنة 2022.
وسبق للجزائر على مدار العشريات الماضية، أن عبّرت عن عدم رضاها عن الطريقة التي تدار بها الجامعة العربية، واحتكار القرار فيها بيد مجموعة من الدول. وسبق للوزير الأول السابق عبد العزيز بلخادم، أن اقترح تدوير منصب الأمين العام للجامعة العربية، وهو ما لاقى اعتراضا واسعا، خاصة من جانب مصر التي يؤول إليها المنصب. وتسعى الجزائر، حاليا، للعب دور أكثر فاعلية في محيطها العربي والإقليمي، خاصة فيما يتعلق بدعم القضية الفلسطينية، وهو ما أظهرته الدبلوماسية الجزائرية من خلال عدة مبادرات، من بينها الإشراف على المصالحة الفلسطينية سنة 2022 وجعل مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية القضية الرئيسية للقمة العربية التي استضافتها الجزائر لسنة 2022.
وخلال عهدتها الحالية في مجلس الأمن، جعلت الجزائر من القضية الفلسطينية شغلها الشاغل، عبر عدة مشاريع قرارات لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة كانت تصطدم بالفيتو الأمريكي في غالب الأحيان. وقادت الجزائر هذه التحركات في مجلس الأمن، باسم المجموعة العربية وبالتنسيق مع السلطة الفلسطينية، وهو ما جعل من مسألة استبعادها من التحضير للقمة العربية خاصة فيما يتعلق بالشأن الفلسطيني، مصدر انزعاج رسمي، عبّرت عنه وكالة الأنباء الرسمية.
القدس العربي