أخبار اليوم - كشف تقرير جديد صادر عن منظمة «أطباء لحقوق الإنسان في إسرائيل» (PHRI) التي تدافع عن حقوق الإنسان الفلسطينية أن العاملين في المجال الطبي في غزة الذين اعتقلتهم القوات الإسرائيلية واحتجزتهم في السجون الإسرائيلية أثناء الحرب مع «حماس» تعرضوا لانتهاكات واسعة النطاق وشديدة، بما في ذلك الضرب وأشكال مختلفة من التعذيب، والإيذاء النفسي، والإهمال الطبي، وتوفير حصص غذائية غير كافية.
ونفى جيش الدفاع الإسرائيلي ومصلحة السجون هذه المعلومات، وذلك وفقاً لتقرير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل».
شهادات مروّعة
يستند التقرير إلى شهادات أدلى بها 24 معتقلاً لمحامين في منظمة «أطباء لأجل حقوق الإنسان في إسرائيل» الذين تمكنوا من زيارة هؤلاء الأفراد في مراكز الاحتجاز العسكرية أو مرافق مصلحة السجون الإسرائيلية حيث كانوا محتجزين.
وتحدثت إحدى المعتقلات عن تعليقها من معصميها لساعات، وقال آخرون إنهم تعرضوا للضرب المبرح أثناء الاستجواب، ولموسيقى عالية الصوت لفترات طويلة، فضلاً عن قيام الكلاب بالتغوط عليهم، وغير ذلك من الانتهاكات.
كما اشتكى المعتقلون من الظروف القاسية في مرافق الاحتجاز، مع تفشي الأمراض المعدية مثل الجرب، وسوء التغذية بسبب النظام الغذائي غير السليم الذي يضعف مناعتهم ويجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض، والفشل في علاج الإصابات الناجمة عن الضرب والإساءة بشكل صحيح.
واشتكى المعتقلون من تعرضهم للإذلال على يد حراس مراكز الاحتجاز بطرق مختلفة، وتقييدهم بالأصفاد لفترات طويلة - في إحدى الحالات لمدة أربعة أشهر.
ووصف من أجريت معهم المقابلات العمليات القانونية الإشكالية التي تستخدمها السلطات الإسرائيلية، بما في ذلك المخاوف من أن الاعتقالات كانت تعسفية، فضلاً عن حرمانهم من الوصول إلى محامٍ، واضطرارهم إلى التوقيع على وثائق باللغة العبرية، وهو ما لم يفهمه المعتقلون.
وأشارت منظمة «أطباء لحقوق الإنسان» إلى أن الاحتجاز المطول للعاملين في المجال الطبي في غزة، بما في ذلك الممرضون والمسعفون وأطباء العناية المركزة والجراحون وأطباء النساء والأطفال وغيرهم، يعني أنهم غير متاحين لتقديم الرعاية الطبية التي يحتاجها سكان القطاع بشدة.
احتجاز حوالي 339 عاملاً
وأصيب آلاف المدنيين الفلسطينيين بإصابات بالغة خلال الحرب بغزة، وعانوا من تفشي الأمراض وغيرها من العلل الناجمة عن التشريد الجماعي للغالبية العظمى من سكان القطاع.
وأكدت منظمة «مراقبة العاملين في مجال الرعاية الصحية»، وهي منظمة غير حكومية فلسطينية تأسست بعد الفظائع التي وقعت بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) وسط اندلاع الحرب، واستشهدت بها دراسة منظمة «أطباء لأجل حقوق الإنسان»، أن حوالي 339 عاملاً في مجال الرعاية الصحية احتجزتهم القوات الإسرائيلية في قطاع غزة منذ بدء العمليات العسكرية، ولا يزال ما لا يقل عن 180 منهم قيد الاحتجاز.
نفذت القوات الإسرائيلية غارات واسعة النطاق على مستشفيات غزة، كما عرضت إسرائيل مقطع فيديو لرهائن محتجزين في مستشفيات القطاع.
وذكر كثير من العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين قابلهم محامو منظمة أطباء لأجل حقوق الإنسان أن زملاءهم المعتقلين تعرضوا للضرب المبرح حتى ماتوا متأثرين بجراحهم.
تهم الاعتداء
كشفت السلطات الإسرائيلية لمنظمة «أطباء لحقوق الإنسان»، في أعقاب طلب حرية المعلومات الذي تقدمت به المنظمة، أن 44 معتقلاً فلسطينياً لقوا حتفهم في الحجز العسكري الإسرائيلي، وحتى سبتمبر (أيلول) 2024، توفي 21 معتقلاً في حجز مصلحة السجون الإسرائيلية.
يأتي تقرير «منظمة أطباء لحقوق الإنسان» بعد أسبوع من توجيه مكتب المدعي العام العسكري اتهامات إلى خمسة جنود احتياطيين في الجيش الإسرائيلي بتهمة الاعتداء والتسبب في إصابة في ظروف مشددة بشأن حادثة زُعم أنهم ضربوا فيها بشدة وطعنوا وأصابوا سجيناً أمنياً فلسطينياً في مركز الاحتجاز العسكري سيئ السمعة سدي تيمان.
تعكس شهادة المعتقلين الذين قابلهم محامو منظمة «أطباء لأجل حقوق الإنسان» شهادات أدلى بها معتقلون آخرون غير طبيين من غزة والضفة الغربية.
وقال مؤلفو تقرير «أطباء لأجل حقوق الإنسان» إن «التجاهل المتعمد لضمان المعاملة الإنسانية والحماية القانونية» الذي وصفه لهم المعتقلون ينتهك القانون الدولي، كما أظهر أن السلطات الإسرائيلية غير راغبة في وقف مثل هذه الانتهاكات، وبالتالي فهي متواطئة فيها.
وأوضح الجيش الإسرائيلي رداً على ذلك أن «كثيراً من الادعاءات غير دقيقة، أو تفتقر إلى الأساس، وتردد صدى المعلومات المضللة التي ينشرها نشطاء (حماس)».
وقد أظهرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» تفاصيل عن ادعاءات مماثلة قدمها معتقلون أُطلق سراحهم في أغسطس (آب) 2024 لتلك الواردة في تقرير «أطباء لأجل حقوق الإنسان» في إسرائيل، كما فعلت منظمة «بتسيلم لحقوق الإنسان» في تقريرها الصادر في أغسطس 2024، في حين رسمت الشهادات التي جمعتها منظمة لمراقبة العاملين في مجال الرعاية الصحية، ونشرت في أكتوبر 2024 صورة مماثلة.