وصول ترامب للرئاسة يهدد مستقبل الملاكمة الجزائرية إيمان خليف

mainThumb
وصول ترامب للرئاسة يهدد مستقبل الملاكمة الجزائرية إيمان خليف

11-02-2025 01:36 PM

printIcon

أخبار اليوم - بدأت التحرشات سريعا ضد الملاكمة الجزائرية إيمان خليف، بعد وصول دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة والذي كان قد هدّد عدة مرات بمنعها من المشاركة في منافسات النساء بسبب تشكيكه في هويتها الجنسية. واستقواءً بمواقف ترامب، قرّر الاتحاد الدولي للملاكمة، أبرز هيئة مناوئة للبطلة الجزائرية، رفع دعوى قضائية ضد اللجنة الأولمبية التي سمحت لإيمان خليف بالمشاركة في أولمبياد باريس.

ووفق ما ذكره في بيان، يعتزم الاتحاد الدولي للملاكمة، التوجه للقضاء لرفع دعوى ضد اللجنة الأولمبية الدولية على خلفية مشاركة الجزائرية إيمان خليف، والتايوانية يو-تينغ لين في أولمبياد باريس 2024. وقررت هذه الهيئة برئاسة الروسي عمر كريمليف “التقدم بشكوى إلى النائب العام السويسري (ستيفان بلاتر)”، كما تستعد لتقديم “شكاوى مماثلة” إلى النائبين العامين الفرنسي والأمريكي وفق ما أفادت الاثنين.

ويأتي هذا القرار من الاتحاد الذي لم يهضم فوز الجزائرية بذهبية باريس، بعد أن أصبح يشعر بأن موقفه أصبح معززا أكثر من أي وقت مضى بعد المرسوم الذي وقّعه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأربعاء الماضي، في محاولة لمنع الرياضيات المتحولات جنسيا من ممارسة الرياضة النسائية.

وكان ترامب وهو يوقّع القرار محاطا بمجموعة من الفتيات الصغيرات، قد صرح قائلا: “من الآن فصاعدا، ستكون الرياضات النسائية للنساء فقط”، مضيفا: “بهذا الأمر التنفيذي تنتهي الحرب على الرياضات النسائية”. وتعهد ترامب وسط تصفيق الحضور بالدفاع عن الرياضيات، قائلا: “لن نسمح للرجال بضرب وإيذاء وخداع نسائنا وفتياتنا”.

ويحيل كلام ترامب إلى الحرب النفسية والدعائية التي شنها ضد الملاكمة الجزائرية إيمان خليف في أولمبياد باريس وخلال الحملة الانتخابية للرئاسيات الأمريكية. ففي خضم المنافسات من أجل اللقب الأولمبي شهر أغسطس/ آب الماضي، شنّ ترامب هجوما ضاريا على الملاكمة إيمان خليف بدأه برسالة على منصته “تروث سوشال” وعد فيها بأنه “سيستبعد الرجال من منافسات النساء” إذا تم انتخابه، مرفقا كلامه بمقطع فيديو للنزال بين إيمان خليف وأنجيلا كاريني الإيطالية. وكان هذا النزال قد استمر 46 ثانية فقط، حيث تعمدت منافسة خليف الانسحاب ورفضت المصافحة، وحاولت أن تظهر نفسها في صورة الضحية التي واجهت “لكمات رجل” ووجدت في ذلك مساندة من أكبر الشخصيات السياسية في بلادها والعالم.

وعاد ترامب ليهاجم من جديد الملاكمة الجزائرية في خطاب له أمام أنصاره في سياق الانتخابات الأمريكية، قائلا إن الملاكمة الإيطالية التي وصفها بالبطلة، “تعرضت لضربة قوية لدرجة أنها لم تكن تعلم ما الذي أصابها”. وأضاف ساخرا من الملاكمة الجزائرية: “لقد كان (منافسها) شخصا عابرا جنسيا.. كان ملاكما رجلا جيدا”. وتابع: “لكنها (الإيطالية) لم تستسلم حتى ضربها ضربتين قويتين فقالت سأنسحب”.

وفي فيديو دعائي لحملة ترامب يحاول ضرب سياسات بايدن- هاريس، تم إظهار لقطات لإيمان خليف وهي ترفع يدها بعد فوزها في إحدى نزالات أولمبياد باريس. وجاء عرض صورة خليف، في سياق سرد أمثلة عن الانهيار الذي شهدته حقبة “بادين- هاريس”. وقد أثار هذا الفيديو انتقادات كثيرة، خاصة مع تكرار التعليق الذي يقول فيه الراوي: “يمكن للرجال أن يهزموا النساء ويفوزوا بميداليات”، في تكريس للنظرة التي يحاول ترامب صناعتها حول إيمان خليف.

ولم يتوقف الرئيس الأمريكي عند هذا الحد، فقد ظهر بعد ذلك في بودكاست المصارع “أندرتيكر”، متحدثا عدة مرات عن إيمان خليف باعتبارها “رجلا”. وبكلام استفزازي، قال ترامب لمحاوره: “هل رأيت مباراة الملاكمة تلك في الألعاب الأولمبية؟ هل رأيت تلك الفتاة الإيطالية الجميلة؟ يفترض أنها ملاكمة جيدة. لقد تلقت ضربة يسارية فقط. الرجل يصدر صوتا قويا. مثل لكمة دفاعية”. وأضاف: “لم أر شيئًا كهذا من قبل. لم تسقط، بل عادت إلى ركنها وقالت لقد تلقيت ضربة أقوى من أي ضربة تلقيتها من قبل”.

واتخذ ترامب من قضية الملاكمة إيمان خليف، مطية لضرب منافسته في الانتخابات الرئاسية كامالا هاريس، على اعتبار أن الحزب الديمقراطي يدعم مسائل التحول الجنسي ويروج للنظريات الجندرية التي يعتبرها المحافظون انحطاطا أخلاقيا. لكن الإشكال أن خليف كانت ضحية في صراع لا علاقة لها به، كون هذه القضايا المتعلقة بالعبور الجنسي وإزالة الفروق بين المرأة والرجل، هي نقاش غربي خالص، ليس موجودا على الإطلاق في الجزائر وباقي الدول الإسلامية، ما يجعل الادعاء بأن إيمان خليف متحولة جنسيا، أمرا مثيرا للسخرية.

وبعد تحقيق خليف للقب الأولمبي، أكد محامون أن البطلة تعتزم مقاضاة كل من حاول النيل منها والتشكيك في هويتها الجنسية، مثل ترامب والملياردير إيلون ماسك والعديد من السياسيين الفرنسيين والإيطاليين. لكن المفاجأة، كانت في أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، قد تدخل شخصيا، لمنع رفع دعوى قضائية ترامب، لتجنب إقحام الجزائر كطرف في حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وفق ما كشفه حينها مصطفى بيراف، رئيس رابطة اللجان الأولمبية الوطنية الإفريقية، في حوار مع موقع “لاباتري نيوز” المحلي في الجزائر.

واللافت أن ترامب لم يكن الوحيد من أقوياء العالم الذين يهاجمون خليف. فعلى شاكلته، أدلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يتخذ من نقطة الانحطاط الأخلاقي مادة للمواجهة مع الغرب، بتصريحات مستفزة تشكك في أنوثة خليف، معتبرا فوزها بالميدالية الذهبية في أولمبياد باريس، “غير عادل” و”هراء”. وأدى ذلك إلى اشتباك لفظي بين ممثلي الجزائر وروسيا في مجلس الأمن، حيث رد السفير الجزائر بكلام قوي على ممثل موسكو، حول أنوثة إيمان خليف ورفض الجزائر إقحامها في مثل هذه الصراعات.

وتتدرب إيمان خليف بشكل طبيعي تحسبا لمنافسات مقبلة. ورغم تأثرها بما قيل حولها في السابق، إلا أنها وفق ما تظهره في حواراتها، أصبحت أقوى من ذي قبل، وتعملت كيفية المواجهة على ميادين الإعلام والسوشال ميديا تماما مثلما تتقن ذلك على الحلبة.

وباتت البطلة الأولمبية اليوم تتصدر كبريات مجلات الموضة العالمية، في وقت تتسابق شركات إنتاج عالمية، للظفر بحقوق إنتاج فيلم عن مسيرتها الملهمة من بائعة خبز على قارعة الطريق إلى بطلة أولمبية وحديث لأقوياء العالم.