أخبار اليوم - "حلم أخشى أن أنام فيوقظني أحد منه"، هكذا وصف الأسير المحرر علاء الدين فرحات من مدينة جنين "نعيم الحرية" الذي يرفل فيه للأسبوع الثاني على التوالي، بعد تحرره ضمن الدفعة الرابعة من تبادل الأسرى بين المقاومة في غزة والاحتلال الإسرائيلي.
وتقف الكلمات عاجزة في حلق فرحات عن تقديم الامتنان والشكر لأهل قطاع غزة، الذين وهبوه هو وعددًا كبيرًا من الأسرى ذوي المحكوميات العالية حرية كان ثمنها دماء الشهداء وآهات الجرحى، "أفتخر بشعبي في غزة، التي طالما جاد أهلها بالغالي والنفيس في سبيل الوطن وثوابته، فعطاء أهل غزة تنحني له جباهنا وجباه الأمتين العربية والإسلامية".
قضى المحرر فرحات ثلاثًا وعشرين عامًا في سجون الاحتلال (وكان محكومًا بالسجن مدى الحياة)، حيث اعتُقل وهو في الخامسة والعشرين من عمره. "ما في حد بيتأقلم مع حياة السجن، لكننا نواجه تلك الظروف الصعبة بالرضا عن أقدار الله، وبأن نكون بقدر ما قدمناه لهذا الوطن من تضحية".
وحاول فرحات اغتنام حياة الأسر بالمطالعة، وممارسة الرياضة، والدراسة، حيث حصل على درجة البكالوريوس في الخدمة الاجتماعية. فالوقت الطويل يكسره الأسير بما يمكن أن ينفعه في بقية حياته.
ولكن البعد عن الأهل وفقدان بعضهم أثناء الاعتقال أمر ليس بالهين أبدًا، فقد توفي والد فرحات قبل سبع سنوات، ووالدته قبل قرابة أربع سنوات، "كنت بتمنى يوم التحرر أشوفهم، لكن ماتوا دون حتى ما أودعهم".
وفي موكب الفرح البهيج بالتحرر، وجد فرحات "ريحة أبوه وأمه" ممثلة في أشقائه السبعة، الذين حملوه على الأكتاف، وأقاموا له مراسم فرح أنعشت روحه وزادت سعادته بالحرية.
ومنذ صفقة وفاء الأحرار عام 2011، ورؤية فرحات للأسرى المحكومين بالمؤبدات يتحررون بأمر المقاومة، دبّ الأمل في قلبه بأن باب السجن سيُكسر يومًا. "لم تشملني الصفقة وقتها، فقد كنت حديث العهد بالسجن مقارنةً بما يزيد عن أربعمئة أسير أمضوا سنوات طوالًا فيه، لكنها أعطتني دفعة أمل بأنني قد أكون من المفرج عنهم في صفقات لاحقة".
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، حينما تنامى إلى مسامع الأسرى في سجون الاحتلال أن المقاومة في غزة أسرت العشرات من المستوطنين والجنود، دبّ الأمل في نفوسهم بأن الحرية قد تكون قريبة.
ولكن، كعادة هذا الاحتلال الظالم، فقد عزل الأسرى بعد ذلك بساعات عن العالم الخارجي تمامًا، وعرضهم للتعذيب والتنكيل والمعاملة اللاإنسانية، ليعيشوا خمسة عشر شهرًا كأنها دهر كامل لا يعرفون ماذا يحدث في الخارج.
وعندما بدأ الاحتلال بالإفراج عن الأسرى ضمن المرحلة الأولى من صفقة التبادل الحالية، تمنّى فرحات أن يكون ضمن المفرج عنهم، إلى أن أخبره جنود الاحتلال في الثامن والعشرين من يناير بأنه تم نقله وعليه تجهيز أغراضه، "علمت حينها أنني سأُفرج عني، فانتابني شعور من الفرح الغامر ممزوج بالألم لما دفعه أبناء شعبنا في غزة من ثمن لكي يفرج عني وعن زملائي من الأسرى".
ورغم أن حلم الحرية أصبح حقيقة، إلا أن فرحات عاجز حتى اللحظة عن وصف شعوره بالحرية، فهو ما زال غير قادر على استيعابها، متمنيًا أن يتم تبييض السجون بالكامل، وأن يتنعم الأسرى جميعًا بالحرية.