ترامب وملف تهجير الفلسطينيين من غزة: بين الضغوط الدولية والمصالح الإقليمية ومكاسب إسرائيل، ومآلات الإصرار .. الأردن يقود أخطر مرحلة من تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي

mainThumb
صالح الشراب العبادي

09-02-2025 11:22 AM

printIcon

صالح الشراب العبادي
شهدت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة تحولات ملحوظة، حيث انتقل من مواقف متشددة تدعو إلى التهجير القسري نحو دول الجوار، إلى تصريحات تبدو أكثر أقل حدية وتشدداً، لكن جوهر الفكرة بقي ثابتًا، وهو تحقيق مصالح إسرائيل أولًا، هذا التغير في نبرة الخطاب أثار تساؤلات حول دوافعه الحقيقية، خاصة في ظل الرفض الدولي والعربي القاطع لأي مخططات تهدف إلى تغيير الواقع السكاني في غزة.

في البداية، تبنى ترامب موقفًا متطرفًا، داعيًا إلى تهجير سكان غزة إلى الأردن ومصر، باعتبار أن القطاع غير قابل للحياة، مقترحًا إعادة توطينهم في أماكن أخرى تحت رعاية أمريكية، دون الحاجة إلى نشر قوات أمريكية هناك، لاحقًا، طرح فكرة توزيع الفلسطينيين على أكثر من دولة، قبل أن يتحول خطابه إلى مقاربة “إنسانية” مضللة، يتحدث فيها عن تحويل غزة إلى “ريفييرا الشرق الأوسط” بعد إعادة إعمارها، لكن بشروط غير واقعية تتطلب سنوات طويلة من التنفيذ، ما يعني فعليًا البحث عن حلول مؤقتة تهدف إلى إخراج الفلسطينيين من القطاع تدريجيًا، مقترحاً فاجأ العالم والأمم المتحدة ودول الإقليم رسمياً وشعبياً..

هذا التراجع في اللهجة لا يعني تغييرًا حقيقيًا في نوايا ترامب، بل هو تكتيك سياسي قائمًا على المراوغة وكسب الوقت ووقاية هيكل إسرائيل الداخلي والخارجي بتوجيه إسرائيلي صهيوني، حيث يسعى إلى تحييد الضغوط الدولية والعربية، مقابل تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية تصب في مصلحة إسرائيل.

تراجُع ترامب النسبي عن خطابه التهجيري لم يكن نابعًا من قناعة ذاتية، بل نتيجة عوامل عدة، أبرزها:

الرفض الدولي الصارم حيث واجهت مقترحاته انتقادات شديدة من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول العظمى والدول العربية، الذين أكدوا أن التهجير القسري يشكل انتهاكًا للقانون الدولي وجريمة تطهير عرقي كاملة الأركان..

الموقف العربي الحازم لغاية الآن حيث أعلنت دول مثل السعودية، مصر، وبالطبع الأردن ودول عربية أخرى رفضها القاطع لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين، مشددة على التمسك بحل الدولتين وفق قرارات الأمم المتحدة هو الحل الوحيد لإنهاء الصراع..

الضغوط الداخلية في واشنطن: لم تلقَ مقترحات ترامب ترحيبًا واسعًا داخل الكونغرس والمجتمع الأمريكي، حيث رأى كثيرون أنها ستورط الولايات المتحدة في صراع طويل الأمد، مع اقتناعهم أن هذه المقترحات غير قابلة للتطبيق بشكل أو بآخر.

التكاليف المالية للإعمار وإعادة الإعمار، والذي يرغب ترامب تجنب تحميل الولايات المتحدة أو إسرائيل أي أعباء مالية، مفضلًا أن تتحمل الدول العربية الغنية كلفة إعادة إعمار غزة، وهو ما يواجه رفضًا واسعًا حتى هذه اللحظة في توقعات بالقبول حال التراجع.

يدرك ترامب أن إصراره على التهجير قد يُفشل جهوده في تعزيز التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، وهو ملف يضعه في مقدمة أولوياته، ومع أنه حرف البوصلة عن القضية الأسمى (القضية الفلسطينية) إلا أنها بقيت حاضرة في جميع التصريحات المضادة للاقتراحات الغريبة التي أوردها..

التراجع عن مشروع التهجير القسري لا يعني تخلي ترامب عن تحقيق مكاسب لإسرائيل، بل يسعى إلى استبدال ذلك بمقترحات أخرى تخدم أهدافه، أهمها:

مآلات التهجير:
التفكير العميق جداً لمآلات الإصرار على تنفيذ المقترحات ونتائجها على إسرائيل تحديداً، وعلى المنطقة بشكل عام، ففي حال الإصرار على هذه المقترحات الغير مشروعة وغير القابلة للتنفيذ، فإن أمن إسرائيل سيكون مهدداً وعلى المحك، ففي حال تم التهجير القصري، فذلك يعني اشتعال المنطقة وبداية الشرارة لحرب من المحتمل أن تكون وبالاً على إسرائيل والمنطقة ككل في الدخول بحرب وعبور الحدود البرية والبحرية عنوة وفتح كل جبهات المساندة، الضفة، غزة، جنوب لبنان، الأردن، مصر، سوريا، وفصائل العراق ومن المحتمل دخول إيران من خلال الصواريخ وكذلك اليمن.. لذلك من أسباب التراجع هو احتمال انهيار، بل انزلاق المنطقة في أتون حرب لا يعرف ولا يحمد عقباها..

تعي إسرائيل مخاطر هذه المغامرات، وتحسب مخاطرها على الأمن القومي الإسرائيلي حيث تواجه مقترحات ترامب معارضة بنسبة عالية لغير منطقيتها وخطورتها على الشعب الإسرائيلي والأمن الإسرائيلي، خاصة أن ترامب له مدة محددة وهي أربع سنوات وخطورة هذه المقترحات سيتبقى آثارها قائمة لسنوات …

حماية القادة الإسرائيليين من الملاحقات الدولية قد يطالب ترامب بوقف التحقيقات في جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل في غزة والضفة الغربية.

شرعنة المستوطنات في الضفة الغربية: مقابل عدم المضي قدمًا في تهجير سكان غزة، قد يدعم ترامب ضم المستوطنات الكبرى إلى إسرائيل بشكل رسمي وتاريخي، طرحت بعض الأطراف الإسرائيلية أفكارًا تتعلق بمقايضة أراضٍ بين الضفة الغربية وقطاع غزة، بهدف تعزيز المستوطنات الإسرائيلية وضمان أمن تل أبيب، في ظل إدارة ترامب، قد يتم إحياء هذه الأفكار، حيث يمكن أن يُضَمّ أجزاء من الضفة الغربية رسميًا إلى إسرائيل مقابل منع التهجير وإعادة الإعمار..

تعزيز التطبيع العربي الإسرائيلي: يسعى ترامب إلى توسيع رقعة التطبيع، خاصة مع السعودية، مقابل تقديم ضمانات اقتصادية لإسرائيل، فالسعودية أعلنت رفضها المطلق للتهجير خارج غزة ولا علاقات أو تطبيع بدون حل الدولتين..

تقليص النفوذ الإيراني وحصار المقاومة: من المرجح أن يضغط على الدول العربية لتوقيع اتفاقيات أمنية شاملة مع إسرائيل مقابل التراجع عن أفكاره المتطرفة ، تستهدف تقليص دعم الفصائل الفلسطينية وحماس تحديداً في غزة وحزب الله في لبنان .

السيطرة على الممرات المائية الاستراتيجية: قد يطالب بضمان النفوذ الأمريكي والإسرائيلي في مضيق هرمز وباب المندب، لمنع إيران من استخدامهما كورقة ضغط، وهذا يتطلب جهوداً مكثفة مع الحوثيين الرافضين قطعاً للتهجير، والذين لا زالوا يساندون غزة في حربها ومستعدين للاستمرار بذلك..

رغم محاولات ترامب تقديم مقترحاته بصيغ تبدو أكثر إنسانية، إلا أنها مضللة للرأي العام وهي حتماً مزيفة وغير إنسانية البتة، وجوهر الفكرة يظل مرفوضًا دوليًا وعربيًا، مما يجعل تحقيقها أمرًا مستحيلاً في ظل المعطيات الحالية، ومع ذلك، فإن نهج ترامب القائم على الصفقات والمساومات قد يجعله يبحث عن بدائل تضمن لإسرائيل مكاسب استراتيجية، سواء عبر تعزيز سيطرتها على الضفة الغربية، أو فرض حلول اقتصادية تدمجها في المنطقة العربية بشكل أوسع.

الأردن يقود المرحلة الخطرة …
تأتي زيارة الملك عبد الله الثاني إلى الولايات المتحدة في هذه الفترة الحرجة في سياق بالغ الحساسية، والتي تعتبر المرحلة الأخطر في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، خاصة مع تصريحات ترامب حول تهجير سكان غزة إلى الأردن ومصر ودول أخرى كما صرح ترامب.

الأردن، بقيادة الملك، تبنى موقفًا واضحًا وحاسمًا ضد أي محاولة لفرض حل على حسابه أو حساب الفلسطينيين أو أي قطر عربي، وهو ما أكده الملك في عدة مناسبات.

الملك عبد الله الثاني يعتبر من أبرز القادة العرب الذي لطالما حذر من تداعيات أي خطة ترحيل قسري للفلسطينيين أو خلق نكبة جديدة، لأنها تشكل تهديدًا مباشرًا للأردن من الناحية السياسية والديموغرافية والأمنية، وتهدّد دول الإقليم، كما أن الأردن لديه التزام تاريخي بحماية القضية الفلسطينية، خاصة فيما يتعلق بالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.

سيؤكد جلالة الملك على الموقف الأردني الرسمي والشعبي وكذلك الموقف العربي الرافض كله لأي تهجير أو تصفية للقضية الفلسطينية على حساب الأردن أو أي دولة عربية والضغط من أجل حل سياسي عادل للقضية الفلسطينية، وفق حل الدولتين.

الحصول على دعم أمريكي لموقف الأردن في ظل التحديات الاقتصادية والأمنية المتزايدة كشريك استراتيجي للسلام والأمن ومحاربة الإرهاب..

توضيح خطورة التصعيد الإسرائيلي في غزة وتأثيره في استقرار المنطقة، وعودة القتال أو العبث في حقوق شعب غزة بمثابة إخلال بالمنظومة الأمنية ككل.

التأكيد بخطورة نتائج الإصرار على عملية التهجير على الأمن القومي الإقليمي بشكل عام والأمن الأردني يشكل خاصاً وكذلك خطورة ذلك باحتمال انهيار اتفاقيات السلام برمتها وما ستؤول إليه من تطورات قد تصل إلى حد المواجهة المسلحة.

الملك سيقدم كل ما تلقاه من دول العالم والإقليم من دعم مطلق برفض واستحالة تنفيذ عملية التهجير، ليضعها أمام الإدارة الأمريكية..

السؤال الأهم الآن: هل ستستمع إلى صوت العقل والمنطق إدارة ترامب، وترامب تحديداً وشخصياً إلى ما سيطرحه الأردن بقيادة جلالة الملك من رفض عالمي ودولي وإقليمي رسمي وشعبي، وهل سيؤثر ذلك على سياسات الرئيس الأميركي، ويتراجع عن مواقفه تجاه عملية التهجير، وينصاع إلى إرادة العالم أجمع.. ام سيبقى مقيداً بأوامر نتنياهو وزمرته المتطرفة وهل سيتبنى ترامب نهجًا جديدًا في التعامل مع القضية الفلسطينية، أم سيواصل سياساته المتطرفة، مع تعديلات شكلية لا تمس مصالح إسرائيل الأساسية؟

للأردن من الناحية السياسية والديموغرافية والأمنية، وتهدّد دول الإقليم، كما أن الأردن لديه التزام تاريخي بحماية القضية الفلسطينية، خاصة فيما يتعلق بالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.

سيؤكد جلالة الملك على الموقف الأردني الرسمي والشعبي وكذلك الموقف العربي الرافض كله لأي تهجير أو تصفية للقضية الفلسطينية على حساب الأردن أو أي دولة عربية والضغط من أجل حل سياسي عادل للقضية الفلسطينية، وفق حل الدولتين.

الحصول على دعم أمريكي لموقف الأردن في ظل التحديات الاقتصادية والأمنية المتزايدة كشريك استراتيجي للسلام والأمن ومحاربة الإرهاب..

توضيح خطورة التصعيد الإسرائيلي في غزة وتأثيره في استقرار المنطقة، وعودة القتال أو العبث في حقوق شعب غزة بمثابة إخلال بالمنظومة الأمنية ككل.

التأكيد بخطورة نتائج الإصرار على عملية التهجير على الأمن القومي الإقليمي بشكل عام والأمن الأردني يشكل خاصاً وكذلك خطورة ذلك باحتمال انهيار اتفاقيات السلام برمتها وما ستؤول إليه من تطورات قد تصل إلى حد المواجهة المسلحة.

الملك سيقدم كل ما تلقاه من دول العالم والإقليم من دعم مطلق برفض واستحالة تنفيذ عملية التهجير، ليضعها أمام الإدارة الأمريكية..

السؤال الأهم الآن: هل ستستمع إلى صوت العقل والمنطق إدارة ترامب، وترامب تحديداً وشخصياً إلى ما سيطرحه الأردن بقيادة جلالة الملك من رفض عالمي ودولي وإقليمي رسمي وشعبي، وهل سيؤثر ذلك على سياسات الرئيس الأميركي، ويتراجع عن مواقفه تجاه عملية التهجير، وينصاع إلى إرادة العالم أجمع.. ام سيبقى مقيداً بأوامر نتنياهو وزمرته المتطرفة وهل سيتبنى ترامب نهجًا جديدًا في التعامل مع القضية الفلسطينية، أم سيواصل سياساته المتطرفة، مع تعديلات شكلية لا تمس مصالح إسرائيل الأساسية؟