أخبار اليوم - ينتظر الشارع الأردني ترجمة شعارات الحملات الانتخابية الماضية إلى أرض الواقع، حيث لا تزال «حبرًا على ورق»، وتراوح مكانها دون وجود أي شيء ملموس من الأحزاب وكتلها التي تشكل الأغلبية الواضحة في مجلس النواب الـ 20.
ولا شك في أن التغيير الحقيقي المفترض في الأداء النيابي الجديد، بوجود المكون الحزبي، يعوَّل عليه بالكثير، والذي يفترض أن يحمل في ملفاته حلولًا وبرامج لقضايا العامة وهمومها، وليس فقط توجيه أسئلة ومقترحات، بل يجب أن يمارس دوره «الرقابي والتشريعي» بكل فاعلية.
وظهر واضحًا أن العمل الحزبي تحت القبة بحاجة إلى الكثير من العمل الجماعي وليس الفردي، ولا يتطلب فقط توجيه كم كبير من الأسئلة التي تجاوزت لغاية كتابة هذا التقرير الـ 600 سؤال، فهذا لا يُعد إنجازًا، بل يراه بعض المتابعين أنه هدرٌ للوقت، خاصة أن الدورة العادية التي مدتها 6 أشهر تقترب من نهايتها، وتحديدًا في أيار المقبل.
الرأي سلطت الضوء على أبرز ما أنجزته الأحزاب تحت القبة خلال الفترة الماضية، وتوجهت بالأسئلة للمختصين: ماذا أنجزت الأحزاب السياسية تحت قبة البرلمان؟ متى سيلمس المواطن الأردني التغيير الحقيقي لأداء مجلس النواب، عبر قرارات وحلول لمشاكلهم؟
العماوي: ضرورة التشبيك والتشاركية مع الحكومة
وبهذا الشأن، أكد رئيس اللجنة القانونية النيابية، الدكتور مصطفى العماوي، أن المواطن الأردني سيلمس بفاعلية الأحزاب تحت القبة، عبر قرارات ملموسة تهم المواطن مثل: الملف الاقتصادي، الفقر، البطالة، الطاقة، التعليم، الصحة. وأضاف أن ذلك مرتبط بالتشبيك والتشاركية مع الحكومة، وبعكس ذلك لن يكون للأحزاب أي أثر في المواطن.
وبين أن الفترة ما زالت قليلة، ويجب إعطاء الأحزاب الفرصة لغاية انتهاء الدورة العادية لمجلس الأمة ومدتها 6 أشهر، والتي تنتهي في 18 أيار المقبل.
وطالب العماوي، الحكومة بالانفتاح على الأحزاب والاجتماع معهم بحيث تعرض الأحزاب برامجها على الحكومة، وأخذ المناسب منها في القطاعات عدة مثل: الزراعة، الصحة، التعليم، الاستثمار، التربية، مبينًا أن الحكومة لم تأخذ بأي من البرامج التي وضعتها الأحزاب في القطاعات المذكورة.
«راصد»: أكثر من 600 سؤال للحكومة
بدوره، قال الدكتور عامر بني عامر، مدير مركز الحياة «راصد»، إن الأحزاب بدأت تتفاعل تدريجيًا مع العمل التشريعي والرقابي، لكن الطريق طويل للتحول من تشكيلات حزبية جديدة إلى كتل سياسية مؤثرة تملك رؤية واضحة وبرامج عملية.
وأشار إلى أن بعض الأحزاب برزت بنشاطها من خلال تقديم مقترحات ومداخلات في القضايا السياسية والاقتصادية، بينما لا تزال بعض الأحزاب الأخرى في مرحلة التأقلم مع بيئة العمل البرلماني.
وبين أنه بالرغم من وجود ممثلين حزبيين، فإن عدد المشاريع والمقترحات القانونية لم يرتقِ بعد إلى مستوى التوقعات، ما يشير إلى ضرورة المزيد من الابتكار والمبادرة، كما برز دور بعض الأحزاب في مساءلة الحكومة وطرح الأسئلة التي وصل تعدادها إلى أكثر من 600 سؤال حتى الآن، لكن هذا التفاعل لم يتحول بعد إلى ضغوط سياسية حقيقية تؤدي إلى تغييرات جذرية في السياسات.
ويُلاحظ بني عامر أن العديد من الأحزاب تعمل بشكل منفرد، مما يقلل من قدرتها على التأثير في القرارات المهمة للمجلس، ولا بد في هذا السياق أن يكون للأحزاب خطط مرتبطة بآليات الحشد وكسب التأييد داخل البرلمان لتبيان أثرها الحقيقي.
وبين بني عامر أن المواطن الأردني سيشعر بفاعلية الأحزاب عبر قرارات ملموسة، خاصة في الملفات الحيوية مثل الاقتصاد والطاقة، موضحًا أن ذلك يعتمد على عدة عوامل: تكمن الأحزاب من التنسيق والتعاون لتقديم مشاريع اقتصادية واضحة، وهذا سيزيد تأثيرها بشكل واضح. على الأحزاب تقديم خطط واضحة وشاملة في مجالات الطاقة والأسعار والاستثمار والحلول الاستراتيجية، بدلاً من الاكتفاء بالانتقادات العامة.
وختم: «ممكن أن تلعب الأحزاب دورًا مهمًا في الضغط على الحكومة لتبني سياسات فعالة تعمل على تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، وفقًا لرؤى التحديث الشامل». مؤكدًا على أهمية العمل الميداني والزيارات الميدانية للأحزاب، وأن لا يكون التأثير داخل المجلس فقط؛ بل يجب أن تمتد الأنشطة الحزبية إلى الشارع من خلال حملات توعوية ومبادرات مجتمعية وتواصل فعّال مع المواطنين.
الحجاج: «لا يختلف عن المجالس السابقة»
بدوره، قال الأمين العام لحزب البناء والعمل، إن نتائج الانتخابات انعكست على أداء المجلس حيث أن النواب الذين نجحوا من خلال الأحزاب لم يقدموا البرامج الاقتصادية أو السياسية أو الإدارية والحلول للقضايا التي تهم الوطن والمواطن من فقر وبطالة وطاقة وتعليم.
وأضاف الحجاج: «المجلس الحالي لا يختلف عن المجالس السابقة إلا باختلاف قانون الانتخاب، وأعتقد أن الفترة لم تكن كافية بالإضافة إلى وجود أحداث كبيرة على الساحة السياسية والاقتصادية وما تمر به المنطقة من صراعات وحرب غزة ألقت بظلالها على الواقع».
وختم: «لم نجد أي أثر للأحزاب في مجلس النواب، ولم يرتقِ الأداء لتحقيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية والإدارية المطلوبة، ونأمل قادم الأيام أن يتحسن الأداء، ونجد برامج حزبية حقيقية وواقعية يتبناها نائب الحزب، ويتمسك بطرحها وتطبيقها حتى يلمس المواطن دورًا حقيقيًا للأحزاب، وأن تعزز مسيرة الإصلاح. ولدينا القناعة بفاعلية الأحزاب وأهميتها من خلال إثبات وجودها على الساحة الأردنية بالأداء الجيد والتغيير الإيجابي الملموس والمشاركة الفعالة في الإصلاحات المطلوبة».