الأرض تعود للحياة .. مزارعون يعودون إلى أرضهم شرقيَّ رفح في تحدّ للاحتلال

mainThumb
الأرض تعود للحياة... مزارعون يعودون إلى أرضهم شرقيَّ رفح في تحدّ للاحتلال

30-01-2025 05:48 PM

printIcon

أخبار اليوم - مع الساعات الأولى لدخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، سارع المزارع محمد معمر إلى التوجه نحو أرضه الزراعية الواقعة في منطقة صوفا شرق مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، وبحماس شديد، بدأ بتنظيفها ومد خراطيم المياه وحرثها لتجهيزها للزراعة من جديد، بعد أن اضطر إلى هجرها لمدة عام وثلاثة أشهر بسبب العدوان الإسرائيلي على القطاع.

رغم التحديات الكبيرة التي واجهته، أصر معمر على الوصول إلى أرضه والعمل على إعادة تأهيلها، وكانت أول هذه التحديات غياب المياه وعدم توفرها بسهولة، بالإضافة إلى حاجته إلى خراطيم جديدة وأموال لإعادة ضخ المياه إلى أرضه.

وشكل ارتفاع أسعار البذور في حالة توفرها عائقًا آخر أمامه، إضافة إلى التهديدات الأمنية المستمرة وإطلاق النار المتكرر من قبل جيش الاحتلال.

أكد معمر أن الهدف الرئيسي من إعادة زراعة أرضه هو تعويض النقص الشديد في المنتجات الزراعية الذي تعاني منه أسواق قطاع غزة، خاصة بعد الدمار الهائل الذي ألحقه الاحتلال الإسرائيلي بالأراضي الزراعية، وأهمية الزراعة في توفير الغذاء للسكان الذين عانوا من مجاعة قاسية خلال فترة العدوان.

وفقًا لتقييم نشرته منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، فقد دمر العدوان الإسرائيلي أكثر من ثلثي الأراضي الزراعية في قطاع غزة.

وأوضح التقرير أن 67.6% من الأراضي الزراعية، أي أكثر من 10 آلاف هكتار، تعرضت لأضرار جسيمة، بالإضافة إلى تضرر 71.2% من البساتين والأشجار المثمرة، و67.1% من المحاصيل الحقلية، لا سيما في منطقة خان يونس، و58.5% من محاصيل البساتين.

كما أشار التقرير إلى أن أكثر من نصف آبار المياه المخصصة للاستخدام الزراعي (1188 بئرًا) قد تعرضت للتدمير، إلى جانب 577 هكتارًا من البيوت البلاستيكية الزراعية التي تضررت بشدة، مما زاد من صعوبة استئناف الزراعة والإنتاج.

رغم هذه الصعوبات، أظهر معمر صمودًا كبيرًا من خلال إعادة إحياء أرضه في جنوب قطاع غزة، محاولًا تعويض خسائره وتعزيز الأمن الغذائي في المنطقة.

يقول معمر لصحيفة "فلسطين": "اشتقت لهذه الأرض كاشتياق الأب لأبنائه، فنحن المزارعون نرتبط بعلاقة روحانية عميقة مع أراضينا، فهي ليست مجرد مصدر رزق، بل جزء من هويتنا وذكرياتنا".

وأضاف: "عندما سمعت عن وقف إطلاق النار، كانت خطوتي الأولى هي التوجه إلى الأرض، وخلال اليوم الأول بدأت بتنظيفها وحرثها رغم ارتفاع الأسعار، لكنني مصمم على زراعتها من جديد، والفرحة ستكون عند جني المحصول".

لم يكن معمر الوحيد الذي سارع إلى أرضه، فالمزارع خالد أبو مر قام أيضًا بتنظيف أرضه الزراعية وتجهيزها للزراعة والإنتاج، حيث تشكل مصدر الرزق الوحيد له ولعائلته.

يقول أبو مر: "أرضي الزراعية تقع في واحدة من أخصب مناطق قطاع غزة، لكن المشكلة الأكبر التي نواجهها هي نقص المياه، خاصة بعد استهداف الاحتلال لخزانات المياه وتجريف الآبار الجوفية".

ويضيف أن الحل المؤقت الذي سيلجأ إليه هو شراء المياه من الخزانات الكبيرة التي يمتلكها بعض المزارعين، لكنه يدرك أن هذا ليس حلاً طويل الأمد، مما يجعل زراعة المحاصيل التي تعتمد على مياه الأمطار مثل القمح خيارًا أكثر استدامة.

تعتبر البذور أيضًا من أكبر التحديات التي يواجهها المزارعون، حيث منعت سلطات الاحتلال إدخالها إلى غزة طوال فترة العدوان.

ويؤكد المزارع محمد البشيتي أن هناك بعض البذور المتوفرة لمحاصيل مثل البندورة والقمح، لكنها بكميات محدودة جدًا.

يقول البشيتي لـ"فلسطين": "نجحنا في الاعتماد على أنفسنا في توفير بعض البذور والشتلات، مثل الخيار والقمح والبطاطا، بفضل الخبرة التي يمتلكها بعض المزارعين في استخراج البذور وإعادة زراعتها".

ويلفت البشيتي إلى ضرورة الضغط على سلطات الاحتلال للسماح بإدخال المستلزمات الزراعية، بما في ذلك البذور والأسمدة والمعدات، أو العمل على توفيرها من خلال معبر رفح البري مع مصر.