أخبار اليوم - ترقب يتواصل لعودة البعثة الأوروبية للعمل في معبر رفح الحدودي بعد أكثر من 18 عاماً من مغادرتها عقب سيطرة «حماس»، غير أن تساؤلات تثار بشأن إمكانية تجاوز دورها المنوط به حسب اتفاق 2005 بمراقبة حركة الأفراد والبضائع، في ظل أحاديث أوروبية عن إرسال عناصر لديها تسليح.
وقال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، أنور العنوني، لـ«الشرق الأوسط» إن «عمل البعثة الأوروبية في معبر رفح يركز على مراقبة الموظفين الفلسطينيين حتى نهاية المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار».
ووفق العناوين، تبدأ البعثة «العمل أول فبراير (شباط) المقبل، وتشرف على إجراءات مرور مئات عدة من المصابين للعلاج في مصر».
غير أن حديثاً أوروبياً بشأن ضم البعثة عناصر «حماية»، تعدّ، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بنداً إضافياً على مهمة اتفاق 2005 الذي كان يحمل طابعاً مدنياً مصحوباً بالمراقبة فقط.
وأرجعوا ذلك إلى أن «ظروف الحرب تفرض وجود تسليح تحت إشراف السلطة الفلسطينية للسلامة»، غير مستبعدين أن يكون هذا العنصر المسلح بداية لترتيبات أخرى أوسع حال نجاح المراحل الثلاث لاتفاق الهدنة وبدء بحث ترتيبات اليوم التالي للحرب.
وأُنشئت البعثة الأوروبية لأول مرة عام 2005 للمساعدة في ضبط المعبر بطابع مدني في المراقبة، لكنها علقت عملياتها عام 2007 بعد سيطرة «حماس» على غزة؛ رفضاً للتعامل معها، في حين احتلت إسرائيل معبر رفح في جانبه الفلسطيني في مايو (أيار) 2024.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية، الأربعاء، عن مصادر أن حكومة بلادها تخطط لإرسال خبراء في إدارة الحدود إلى معبر رفح بين مصر وقطاع غزة، وتعتزم تعديل قرار حكومي صدر عام 2005، كان يسمح بإرسال أفراد غير مسلحين فقط؛ بهدف أن «يتيح نشر قوات مسلحة؛ نظراً للظروف الأمنية الحالية التي تعدّ خطرة للغاية على الحراس غير المسلحين».
في حين قالت وزارتا الخارجية والدفاع الإيطاليتان، الاثنين، إن روما سترسل 7 أفراد من شرطة كارابينيري للانضمام إلى مهمة رفح، بالإضافة إلى فردين إيطاليين موجودين بالفعل هناك، وستكون «إيطاليا مسؤولة أيضاً عن نقل كامل فرقة قوات الدرك الأوروبية إلى مسرح العمليات»، مضيفتين أن أفراداً من الحرس المدني الإسباني والدرك الفرنسي سينضمون إلى القوة الدولية، بحسب ما نقلت وكالة «رويترز».
وتزامن ذلك مع موافقة وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي على إعادة نشر بعثة لمراقبة معبر رفح، حسبما أعلنت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، مشيرة إلى أن البعثة «يمكن أن تلعب دوراً حاسماً في دعم وقف إطلاق النار»، دون أن توضح إمكانية استمرار البعثة بعد المرحلة الأولى أم لا.
وبتقدير المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، فإن البعثة الأوروبية «ستكون لها مهمتان، الأولى داخل معبر رفح للمراقبة والتأكيد من مرور المسافرين والجرحى، والأخرى تتعلق بحماية الحدود تحت إشراف السلطة الفلسطينية بالمرحلة الأولى»، لافتاً إلى أن «هذا التواجد مختلف عن إطار اتفاق 2005 ويعدّ إضافة لأن الظروف الحالية تحتاج إلى حماية آمنة، لكن ذلك بإشراف السلطة الفلسطينية».
ويعتقد الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، أن مهمة البعثة الأوروبية ستكون معقدة وأكبر وأهم مما كان في 2005، لافتاً إلى هناك بروفة تمت في «محور نيساريم» من لجنة التفتيش التي أقرَّها «اتفاق الهدنة»، وعاد النازحون منذ الاثنين، إلى شمال غزة دون أي مشاكل، وقد يتكرر هذا السيناريو مع البعثة الأوروبية أياً كان شكلها الجديد.
ولا يزال معبر رفح يواصل عمله من الجانب المصري، باتجاه معبري كرم أبو سالم والعوجة، بحسب إحصاء رسمي من «الهيئة العامة للاستعلامات المصرية»، دخل الأربعاء، 193 شاحنة مساعدات إلى معبرَي العوجة وكرم أبو سالم تمهيداً لدخولهم قطاع غزة، من بينهم 11 شاحنات وقود.
وزارت السفيرة الأميركية في القاهرة، هيرو مصطفى غارغ، الأربعاء، العريش ومعبر رفح الحدودي لمتابعة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار المستمر وفتح معبر رفح كما هو منصوص عليه في الاتفاق، وفق بيان سفارة واشنطن.
وقبل تلك الزيارة، قال محافظ شمال سيناء المصرية، خالد مجاور، في تصريحات صحافية، إن معبر رفح البري من الجانبين «سيفتح قريباً بعد تأهيل الجانب الفلسطيني بعد الأضرار التي لحقت به بسبب الحرب»، لافتاً إلى أن «البعثة ستراقب المعبر من الجانب الفلسطيني بالتنسيق مع الجهات الفلسطينية، بينما سيكون الإشراف في الجانب المصري خالصاً».
وهذا ما أكده قبل أسبوع القيادي بـ«حماس»، باسم نعيم، في مقابلة متلفزة، بالقول إن المعبر سيكون بإدارة السلطة وإشراف أوروبي، في حين تحدث مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وقتها عن «وجود إشراف ورقابة من جهاز الأمن العام والجيش وموافقة مسبقة منه، ضمن المرحلة الأولى».
ولا يستبعد مطاوع أن تكون البعثة ضمن ترتيبات عمل أوسع بغزة، مضيفاً: «لكن هذا يعتمد على تنفيذ المراحل الثلاث من اتفاق وانسحاب إسرائيل وبدء بحث ترتيبات اليوم التالي».
وبحسب المحلل في الشؤون الفلسطينية، إبراهيم المدهون، فإن «أي ترتيبات مستقبلية يجب أن تتم من خلال حوار فلسطيني داخلي وتوافق وطني؛ إذ إن المبدأ الأساسي هو رفض أي وجود أمني غير فلسطيني، لكن في المراحل الانتقالية قد تكون هناك مساحة من المرونة في التعاطي مع مختلف الأطراف».