أخبار اليوم - دعا اتحاد مزارعي وادي الأردن إلى إعلان حالة الجفاف على وقع مخاوف المزارعين هناك، من استمرار ضعف الموسم المطري وانعكاساته الخطيرة على الإنتاج الزراعي، موضحين أن أضرارا حصلت بالفعل، مع تزايد الكلف وانخفاض أسعار البيع نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وقلة الهطل المطري.
ووفق الخبير الزراعي المهندس عبد الكريم الشهاب، "منذ عقود طويلة لم نشهد مثل هذا الجفاف، ففي المواسم الماضية كانت نسب الهطول المطري أفضل بكثير مما هي عليه الآن"، مضيفا، "أن غالبية المحاصيل الزراعية تضررت نتيجة انتشار الآفات الزراعية وارتفاع كلف مكافحتها وتناقص عمر الموسم الزراعي نتيجة نقص الري وانخفاض أسعار بيع المنتوجات لمستويات متدنية".
وأضاف، "أن تراجع الهطول المطري عادة ما يكون له تأثيرات طويلة المدى تتمثل الآثار في وصول مخزون السدود إلى مستويات حرجة، وتراجع طاقة المصادر المائية الإنتاجية وتملحها، خصوصا الآبار الجوفية التي تعد البديل الوحيد لمياه السدود"، مؤكدا في الوقت ذاته، "أن مشكلة مياه الري باتت تشكل تحديا جديدا يضاف إلى التحديات التي يعانيها القطاع، والتي تنعكس سلبا بشكل كبير على المزارعين وأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، ويزيد من نسب الفقر والبطالة المرتفعة".
وأشار الشهاب، إلى "أن نقص مياه الري سيزيد من حالة عدم الاستقرار والخوف التي يعيشها مزارعو وادي الأردن"، موضحا، "أن الخطر الأكبر يكمن في عزوف المزارع عن زراعة أرضه وبالتالي تراجع الإنتاج الزراعي ما قد يهدد أمن الأردن الغذائي".
وبحسب دراسة أجراها باحثون في موقع "طقس العرب"، "فإن المنطقة تشهد ضعفا واضحا في كميات الهطولات المطرية منذ بداية الموسم الحالي، حيث تسجل كميات الأمطار أرقاما أقل بكثير من المعدلات المعتادة، في حين تشير البيانات إلى أن الأداء المطري للموسم ضعيف جدا".
وتعزو الدراسة، ضعف الموسم المطري إلى "سيطرة أنظمة جوية غير مواتية، إذ تسود أنظمة جوية تؤدي إلى استقرار الأجواء، مع غياب أي تغييرات جذرية تدفع بنشاط مطري قوي في المنطقة، وكذلك اندفاع الهواء الدافئ نحو شرق البحر المتوسط مما يؤدي إلى تعزيز استقرار الغلاف الجوي فوق الأردن وبلاد الشام ويقلل من فرص تشكل السحب الممطرة، إضافة إلى بعد مراكز المنخفضات الجوية عن المنطقة والتي يتركز نشاط معظمها فوق تركيا، مما يحرم المملكة وبلاد الشام من تأثيرها المباشر".
ويرى مزارعون، "أن الوضع الحالي ليس الأول ولن يكون الأخير في ظل التغيرات المناخية، إذ شهد العام 2021 جفاف بعض السدود نتيجة ضعف الهطول المطري"، موضحين، "أن ضعف الهطول المطري في المواسم الأخيرة أثر سلبا على مستوى إنتاج المملكة من الحبوب وزاد من كلفة إنتاج الدونم الواحد".
ويؤكد المزارع عواد البليلات، "أن المزارعين يعتمدون بشكل كبير على مياه الأمطار لتوفير حاجتهم من مياه الري للأراضي الزراعية، لكن إلى الآن لم تكن كمية الهطول كالمعتاد ما ينعكس على الزراعة بشكل عام وكمية المياه المسالة للأراضي الزراعية بشكل خاص"، لافتا إلى"أن مياه سد الملك طلال تغذي أكثر من 60 % من المساحات الزراعية في وادي الأردن".
وقال، "إننا نشهد حاليا شحا واضحا بمياه الري الزراعية، فمخزون السدود ما يزال متدنيا والآبار الزراعية تناقصت كميات مياهها، ناهيك عن تراجع نوعيتها وتملحها كونها تتغذى بشكل مباشر من مياه الأمطار"، لافتا إلى "أن تراجع الهطل المطري رافقه ارتفاع درجات الحرارة بحوالي 7 درجات مئوية وهو أمر بحد ذاته له تأثيرات سلبية كبيرة على القطاع الزراعي سواء بانخفاض أسعار بيع المنتوجات أو ارتفاع كلف مكافحة الأمراض وتناقص عمر الأشتال".
كما لفت البليلات، إلى "أن تأثيرات ضعف الموسم المطري على المحاصيل الصيفية ستكون أكبر خاصة مزارع النخيل التي عادة ما تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه بدءا من شهر حزيران (يونيو) وحتى أيلول (سبتمبر) من كل عام، وهي الفترة التي عادة ما تشهد تناقصا في مياه الري الزراعية"، مؤكدا، "أن الأضرار ستكون كبيرة إذا ما بقي مخزون السدود دون الحدود المأمولة".
من جانبه، يصف رئيس اتحاد مزارعي وادي الأردن عدنان الخدام، ما يشهده الأردن من ضعف في منسوب تساقط الأمطار مع اقتراب انتهاء أربعينية الشتاء بـ"الخطير جدا"، قائلًا، "يجب إعلان حالة الجفاف لأن ضعف الموسم المطري سيكون له تداعيات سلبية على القطاع الزراعي بوادي الأردن الذي يعتمد بشكل شبه كلي على مخزون السدود والمياه الجوفية".
وأضاف، "إذا ما استمر انحباس الأمطار، فإن الوضع سيكون حرجا للغاية لأن انخفاض مخزون السدود سيفاقم معاناة المزارعين خلال الفترة المقبلة وحتى الصيف مع تزايد الحاجة لمياه الري"، مؤكدا في الوقت ذاته، "أن توفير مياه الري لكافة المحاصيل بما فيها مزارع النخيل التي تحتاج لكميات مضاعفة خلال فصل الصيف يشكل هاجسا كبيرا للمزارعين".
وبحسب الخدام، "فإن الأمر يتطلب خطة طوارئ تتضمن المطالبة بحقوق الأردن المائية في طبريا واليرموك خاصة بعد سيطرة إسرائيل على مصادر المياه في سورية وتخفيف القيود على الأنظمة والتعليمات والتشريعات الناظمة لحفر الآبار الارتوازية وضرورة التوسع بمشاريع الحصاد المائي وإعادة النظر بمشروع ناقل البحرين (البحر الأحمر – البحر الميت)، لما له من منافع اقتصادية كبيرة على قطاعات المياه والطاقة".
وأكد أيضا، "أن مخزون السدود الحالي بالكاد يكفي لنهاية الموسم الزراعي، وهذا بحد ذاته يشكل مصدر قلق للمزارعين الذين يحاربون للاستمرار في إنتاج المحاصيل الزراعية التي تشكل ركيزة مهمة للأمن الغذائي الوطني"، موضحا، "أن القطاع الزراعي بوادي الأردن يشكل مصدر رزق لآلاف الأسر ويشغل العديد من القطاعات الاقتصادية الأخرى وأي خلل يعترضه سينعكس سلبا على أوضاعهم الاقتصادية".
وعن الأضرار الآنية لضعف الهطول المطري، بين الخدام، "أن غالبية المحاصيل الزراعية بحاجة مباشرة للأمطار للحد من الآفات الحشرية والفطرية التي تكبد المزارعين أعباء مادية كبيرة لمكافحتها، فضلا عن أن قلة الأمطار عادة ما تتسبب في انخفاض أسعار المنتوجات الزراعية لأن ارتفاع درجات الحرارة يسهم في ارتفاع الإنتاج ما يتسبب بفائض بالإنتاج مقابل الطلب المتواضع محليا وخارجيا".
يشار إلى أن مجلس الوزراء، قرر قبل أيام، استكمال إجراءات تتعلق بتمويل مشروع دعم مصادر المياه في وادي الأردن، وذلك من خلال الموافقة على الاتفاقية بين الحكومة وبنك الاستثمار الأوروبي بقيمة 24.3 مليون يورو.
ويهدف المشروع إلى تحسين إدارة الموارد المائية في وادي الأردن، من خلال إعادة تأهيل شبكات الري، وإنشاء ناقل مياه مغلق ليحل جزئيا محل قناة الملك عبد الله من أجل تقليل خسائر المياه، بالإضافة إلى إنشاء خزَّان لتخزين المياه؛ وذلك لتمكين سلطة وادي الأردن من إمداد المزارعين باحتياجاتهم من المياه في أوقات الجفاف ونقص المياه، وكذلك تقليل فاقد المياه.
وكانت سلطة وادي الأردن وضمن سعيها لإدامة الينابيع وتأمين مصدر مياه إضافي لتزويد المزارعين، أكدت مضيّها في إجراءات بدء وتنفيذ مشروع السدود تحت الأرضية في غضون العام الحالي، وفق ما ذكر لـ"الغد" قبل نحو شهر، أمينها العام هشام الحيصة.
وقال الحيصة، إن السلطة أنهت العام الحالي الدراسة الأولية لمشروع السدود تحت الأرضية، فيما ينتظر الانتهاء من التصميم الأولي للمشروع واختيار الموقع المناسب للتنفيذ، مشيرا إلى أن السلطة ستقوم باختيار أفضل موقع للبدء بتنفيذ المشروع، بناء على مؤشرات التصاميم النهائية المنتظرة، وأن "الخيارات المقترحة لمواقع المشروع هي ثلاثة مواقع؛ وهي وادي الجرم، ووادي الريان، ووادي الهيدان".
وبين أن سلطة وادي الأردن قدمت المقترح اللازم بخصوص إنشاء السدود تحت الأرضية، وحصلت على التمويل اللازم، بينما ما تزال التفاصيل النهائية المتعلقة بتحديد موقع المشروع وتصاميمه والأمور الفنية الأخرى قيد الدراسة.
وتأتي دراسة وتنفيذ مشاريع سدود تحت أرضية، بهدف الاستفادة من الجريان الدائم لمياه السدود، إذ تسعى سلطة وادي الأردن قصارى جهدها لحصد وجمع مياه الأمطار، في وقت قام فيه وفد من وزارة المياه والري – سلطة وادي الأردن، بالاطلاع في وقت سابق، على تجربة السدود تحت الأرضية في إحدى الدول، من أجل تطبيقها في الأردن؛ وذلك بغرض تعزيز الاستفادة من الجريان الدائم للينابيع، ورفع منسوب المياه الجوفية.
وشدد الحيصة، على سعي السلطة لتطوير الخبرات والمهارات في حصد مياه الأمطار والاستفادة المثلى من مياه الأمطار، والتي تتمثل في الأردن بشكل رئيسي، من خلال السدود الرئيسية التي تقع على الأحواض الرئيسية، وفي مواقع الحصاد المائي المتمثلة في الحفائر والسدود الصحراوية والبرك.
ووفق الأرقام الرسمية، فإن مشاريع الحصاد المائي في المملكة ازدادت من 42 مشروعا في العام 1999، وصولا إلى ما يتجاوز 420 موقعا حتى الوقت الراهن، وبسعة تخزينية تبلغ ما يزيد على 122 مليون متر مكعب.
وركزت إستراتيجية قطاع المياه الأردني المحدثة، على التوسع باستخدام المياه غير التقليدية، وتطوير المصادر المائية عبر الحصاد المائي، وتعزيز زيادة تخزين السدود في المملكة.
الغد