اتفاقية الشراكة الشاملة مع الاتحاد الأوروبي، خطوة مهمة في توقيت حرج

mainThumb
المهندس معتز العطين

29-01-2025 09:37 PM

printIcon


المهندس معتز العطين

في الإدارة والاقتصاد وإدارة المخاطر هنالك ما يسمى بخطة تخفيف أو تقليل المخاطر (Risk Mitigation Plan) وهي نهج استراتيجي يهدف إلى تقليل الآثار السلبية لقرار معين أو تغيير في السياسات، من خلال اتخاذ تدابير بديلة أو تعويضية تضمن استمرار الاستقرار والتنمية. تُستخدم هذه الخطة في مجالات مختلفة، مثل الاقتصاد والسياسة والبيئة والأمن، لمواجهة التحديات والتكيف مع الظروف الجديدة بطريقة مستدامة.

عندما تُصدر قرارات تؤثر بشكل مباشر على دولة أو مؤسسة أو قطاع معين، فإن غياب استجابة فعالة قد يؤدي إلى أزمات طويلة الأمد. وهنا تأتي خطة التخفيف لتقديم حلول بديلة تساعد على: تعويض الفجوات المالية أو الاقتصادية الناجمة عن وقف الدعم أو التمويل الخارجي، بالإضافة إلى إعادة توجيه الاستراتيجيات نحو مسارات جديدة أكثر استدامة وأقل اعتمادًا على مصادر غير مستقرة وتقليل التغيرات المفاجئة عبر إجراءات مرحلية تتيح التكيف التدريجي مع الوضع الجديد، مما يعزز الاستقلالية والمرونة بحيث لا يكون التأثر بالقرارات الخارجية حادًا أو طويل الأمد.

اتفاقية الشراكة الشاملة مع الاتحاد الأوروبي يمكن اعتبارها خطوة جيدة في مواجهة وقف المساعدات الأمريكية للأردن واستجابة جيدة ومختلفة وواضح أنها مخطط لها بشكل جيد.

فعندما قررت الولايات المتحدة تجميداً أو إيقافاً مؤقتاً للمساعدات المقدمة للأردن، كان لا بد من إيجاد بدائل لتقليل التأثير السلبي على الاقتصاد والاستقرار الداخلي. وهنا جاءت اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين الأردن والاتحاد الأوروبي كإحدى خطط التخفيف الفعالة، حيث قدمت حزمة دعم مالي واستثماري بقيمة ثلاثة مليارات يورو، مما قد يساهم في تعويض الفجوة المالية، وتنويع مصادر الدعم، وتعزيز الاستثمارات بدلاً من الاعتماد على المساعدات النقدية المباشرة.

إلى جانب خطط التخفيف (Mitigation Plans) التي تعتمد على إيجاد بدائل للمساعدات، فإن النهج التنموي الشمولي يعد عنصرًا أساسيًا في تعزيز الاستقلال الاقتصادي وتقليل الاعتماد على الدعم الخارجي. ويمكننا تعزيز هذا النهج عبر عدة محاور رئيسية:


1. تعزيز الصناعات الوطنية من خلال دعم الإنتاج المحلي، وتقديم الحوافز للصناعات ذات القيمة المضافة العالية؛ مما يساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الاستيراد.

2. زيادة مستوى الصادرات عبر تحسين جودة المنتجات الوطنية، وتبني سياسات تدعم الاختراق الفعّال للأسواق الإقليمية والدولية؛ مما يساهم في رفع العوائد المالية ومعالجة أي اختلال في الميزان التجاري.

3. رفع تنافسية القطاعات الاقتصادية عبر تطوير بيئة الأعمال، ودعم الابتكار والتكنولوجيا وتسهيل إجراءات الاستثمار لفتح أسواق جديدة أمام المنتجات والخدمات الأردنية.

4. تبني خطة تنموية شاملة ترتكز على المشاريع الصغيرة والمتوسطة، باعتبارها المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي من خلال تقديم الدعم الفني والمالي لهذه المشاريع وتمكينها من الوصول إلى التمويل والأسواق المحلية والعالمية.

إن تحقيق اقتصاد قوي ومستدام يتطلب تنويع مصادر الدخل، تعزيز الإنتاج والتصدير، ودعم الابتكار وريادة الأعمال، بعيدًا عن الاعتماد على المساعدات بشكل رئيس والانتقال إلى الإنتاج ضمن خطة شمولية وطنية. ومن خلال خطط التخفيف والاستثمار في الصناعات الوطنية، يمكن للأردن بناء اقتصاد أكثر استقلالية وتنافسية، مما يعزز الاستقرار والنمو المستدام.