سهم محمد العبادي
عندما ينادي القائد، لا تُستخدم الألقاب الطويلة، ولا تُرفع الحواجز بينه وبين رجاله، بل هناك نداء واحد يعرفه العسكر في جيشنا العربي الأردني: "هاشم 1". ليس مجرد رمز عسكري، بل هو إعلان أن القائد في الميدان، أن الصوت هو صوت الملك، وأن التوجيهات تصدر مباشرة بلا وسيط ولا تأخير. لكنه أيضًا ليس نداءً يقتصر على أجهزة الاتصال العسكرية، بل هو نبض يتردد في كل بيت أردني، في المدن والقرى، في السهول والبوادي، بين جبال الطفيلة ورُبى الكرك، في هبوب رياح الشمال على الرمثا، وبين زهر الدحنون في أم قيس، حيث يتجذر الأردني في أرضه، وحيث يتردد صدى هذا الاسم في القلوب قبل الأجهزة العسكرية.
لم يكن جلالة الملك عبدالله الثاني يومًا قائدًا بعيدًا عن شعبه، لم يفصل بينه وبين الأردنيين جدار، ولم يترك مسافة بينه وبين همومهم. كان في بيوت البلقاء كما في بيوت الشعر في البادية، سمع الشكوى قبل أن تُكتب، ورأى الحاجة قبل أن تُرفع إلى المسؤولين. لم ينتظر أن يطرق الأردنيون الأبواب ليُوصلوا أصواتهم، بل كان هو الذي يفتح الأبواب، يزور المدن والقرى، يجالس الشيوخ، يحاور الشباب، يربّت على كتف العامل، يستمع للمزارع، يشم رائحة الشيح والقيصوم، يعرف أرضه كما يعرف أبناءها، يتابع التفاصيل دون أن ينتظر تقريرًا أو وسيطًا. في كل بيت زاره، في كل يد صافحها، ترك أثرًا، وأخذ معه نبض الناس، ليكون صوتهم في كل موقف، وحاميهم في كل تحدٍ.
وفي اللحظة التي يتردد فيها نداء "هاشم 1" في السماء، هناك نداء آخر يولد في القلوب، اسمٌ يحمل العزم ذاته، الروح ذاتها، النخوة الهاشمية التي تسري في الدم، الأمير هاشم بن عبدالله الثاني، زينة الشباب، وشقيق ولي عهدنا الأمير الحسين، اللذان يحملان معًا راية المستقبل، ويسيران على درب الآباء والأجداد. وكأن هذا الاسم قد خُطّ ليبقى عنوانًا للقيادة والوفاء، رمزًا لاستمرار العهد الذي لم ولن ينكسر، وكأن القدر شاء أن يظل "هاشم" اسمًا حاضرًا في تاريخنا، من الثورة العربية الكبرى وحتى يومنا هذا وإلى الأبد.
نحتفل بعيد ميلاد قائدنا، ونحتفل أيضًا بميلاد الأمير هاشم بن عبدالله الثاني، الهاشمي الذي كبر في كنف مدرسة والده، ونهل من معين النخوة والشهامة والقيادة والتاريخ المشرف. وكأن القدر يؤكد أن الراية الهاشمية شامخة لا تنحني، وأن العطاء دائم لا ينقطع، بل يستمر مع جيل يحمل حب الوطن في قلبه، والولاء في دمه. وكما بقيت رايات بني هاشم خفّاقة على أسوار القدس، وعلى جبال الشراة، وفي وديان معان، سيبقى هذا الوطن حصينًا بأبنائه، شامخًا بقائده، ماضيًا نحو المستقبل بثبات وإيمان.
"هاشم 1" ليس مجرد نداء، بل هو رسالة أن القيادة هنا ليست كلمات تُقال، بل مواقف تُصنع، وأن الوطن لا يحميه إلا من يؤمن به، ويجعل مستقبله أمانة في عنقه. فكل عام وأنت بخير، جلالة الملك عبدالله الثاني المفدى، قائدًا ومُلهمًا وسندًا لهذا الوطن العظيم وأهله وأمته. وكل عام وأنت بخير، سمو الأمير هاشم، زينة الشباب، ونموذج العز والفروسية الهاشمية، ونحن معكم وبكم ماضون.