اخبار اليوم - ينظر الكثيرون إلى الذكاء الاصطناعي على أنه مصدر غني بالمعلومات المختلفة مشيدين بقدرته الكبيرة على تبسيط المهام المعقدة.
ومع ذلك، فإن واحدة من أكثر سماته إثارة للجدل هو ميل نماذج اللغة الكبيرة إلى «الهلوسة»، أو ما يطلق عليه العلماء مصطلح «هلاوس الذكاء الاصطناعي».
ويعني ذلك اختلاق الذكاء الاصطناعي لمعلومات تبدو حقيقية وواقعية، إلا أنها في الحقيقة تكون تخمينات غير مؤكدة أو غير صحيحة على الإطلاق.
ويرى بعض العلماء أن هذه الهلاوس قد تكون مفيدة، على عكس المتوقع، حيث يمكن أن تساعد في تغذية الابتكار وفي تطوير أدوية وعلاجات جديدة، حسب موقع «سايكولوجي توداي».
ونقل الموقع عن جون نوستا، الخبير الأميركي في عالم التكنولوجيا والعلوم والطب والابتكار، قوله إن «هلاوس الذكاء الاصطناعي» قد تكون في بعض الأحيان ميزة أكثر من كونها عيباً، مؤكداً أن الأبحاث الجديدة تقدم أدلة دامغة لدعم هذا الرأي، وتوضح كيف تعمل تخمينات الذكاء الاصطناعي غير المؤكدة على دفع التقدم في المجالات التي تتطلب الإبداع والخيال.
الهلوسة كمحفز للإبداع
يتطلب تطوير أدوية جديدة تحديد مركبات علاجية وهياكل كيميائية معروفة وتجربتها لمعرفة تأثيرها على أمراض معينة.
وغالباً ما تحدث الاختراقات في مجال تطوير الأدوية عندما يستكشف الباحثون أفكاراً أو تخمينات غير تقليدية أو غير متوقعة. وهذا هو بالضبط ما يمكن أن تحدثه «هلاوس الذكاء الاصطناعي».
وقد أثبتت دراسة جديدة أن الهلوسة في نماذج مختلفة من نماذج اللغات الكبيرة LLM، وهي أنظمة ذكاء اصطناعي متقدمة مصممة لمعالجة وفهم وإنشاء النصوص، يمكن أن تنتج «هياكل كيميائية جزيئية جديدة» خارج حدود البيانات المعروفة والمتاحة. على سبيل المثال، عندما يتم تكليف نماذج LLM بالبحث عن أفكار بشأن الجزيئات المرشحة لإنتاج دواء ما، فإنها تقترح أحياناً مركبات تبدو غير معقولة أو غير ذات صلة بالكيمياء المعروفة. ومع ذلك، عند الفحص الدقيق، يتبين أن بعض هذه الاقتراحات، التي يُنظر إليها كهلاوس، تُظهِر خصائص واعدة للغاية لتطوير العلاجات.
ويقول نوستا إن هلاوس الذكاء الاصطناعي وسعت نطاق الاحتمالات للمركبات الجديدة الخاصة بالأدوية، مما يشير إلى أن ما تبدو في البداية وكأنها «تخمينات» يمكن أن تصبح فيما بعد بذرة لاختراق ما في مجال الأدوية، مؤكداً أنها تشبه التفكير خارج الصندوق.
ولا تقتصر الفائدة المحتملة لهلوسة الذكاء الاصطناعي على اكتشاف العقاقير. فيمكن لهذا النهج أن يحدث ثورة في أي مجال يتطلب الابتكار، من الهندسة إلى الفن، وفقاً لنوستا.
مخاوف أخلاقية
في حين أن هلاوس الذكاء الاصطناعي قد تؤدي إلى فوائد عظيمة، فإنها تثير أيضاً مخاوف أخلاقية وعملية كبيرة.
وبطبيعتها، تكون الهلوسة غير متوقعة وتتطلب التحقق الشامل لضمان فائدتها وسلامتها، وخاصة في المجالات الحساسة مثل الطب. ومن ثم، تظل الرقابة البشرية ضرورية للتمييز بين الهلوسة المفيدة التي تساعد في الإبداع والهلوسة الضارة، وهنا يكمن التحدي.