فرحة منقوصة .. الطِّفلة الجريحة "لمار" تنتظر وقف العدوان بشللٍ نصفي

mainThumb
فرحة منقوصة.. الطِّفلة الجريحة "لمار" تنتظر وقف العدوان بشللٍ نصفي

18-01-2025 10:27 AM

printIcon

أخبار اليوم - ممددة بلا حول ولا قوة على سرير المستشفى، سرقت منها رصاصة إسرائيلية غادرة قدرتها على تحريك النصف الأسفل من جسدها، وهي التي لم تتجاوز 12 عاماً من عمرها، كانت تحب الحياة وتتمسك بها.

لمار طوطح، الطفلة الجريحة التي خدشت براءتها تلك الرصاصة الوحشية وأحالتها مبكراً إلى العجز، ترددت إليها أنباء وقف مرتقب للعدوان على قطاع غزة، فاختلطت لديها المشاعر بين فرح وحزن.

"كنت قاعدة في الخيمة بقُطعة لحم معلبة، وفجأة جاني طلقة (رصاصة) من طائرة كوادكوبتر..."، بنظرات تنطلق منها معاني الحسرة، تروي لمار مأساتها لـ "فلسطين أون لاين".

كان ذلك صباح 17 نوفمبر/تشرين الثاني، حيث انشغلت الطفلة بتجهيز إفطارها في خيمة النزوح القسري بالنصيرات، بعدما توفرت لها حفنة من الخبز الشحيح. وفي لحظة لم تكن تتوقعها، اخترقت رصاصة إسرائيلية ظهرها.

ظنت لمار في البداية أن أنبوبة غاز كانت إلى جوارها قد انفجرت، فشرعت بالبكاء والصراخ ومناداة والدتها، حتى انحبست أنفاسها. كشفت الأم عن ظهر ابنتها فصدمتها الدماء التي غطته، ونادت بدورها على زوجها الذي لم يسعفه هول الموقف في حملها ونقلها إلى المستشفى، وهو ما فعله الجيران النازحون.

عن هذا الحدث الجلل في حياتها، تقول إيمان طوطح، والدة الطفلة، لـ "فلسطين أون لاين": "استيقظت لمار وأرادت تجهيز ساندويتش، وفجأة سمعت صوت شيء ضرب الخيمة، وقد كنت خارجها. نظر إلي زوجي بينما بدأت هي بالصراخ، هرولنا إليها وظننت أن أنبوبة الغاز سقطت عليها".

سارعت الأم إلى تفقد طفلتها حتى وجدت الرصاصة وقد اخترقت جسدها. في المستشفى، أخرج الأطباء الرصاصة من جسد لمار، حيث أصابتها في منطقة العمود الفقري، لكن الطفلة ظلت عاجزة عن تحريك النصف السفلي من جسدها، قائلة لأمها: "مش حاسة برجليا، كأنهم طايرين".

وبعد إجراء فحص مقطعي، تبين أن ثمة كسراً في العمود الفقري سبب للطفلة شللاً نصفياً. ألقى ذلك بأعباء تفوق طاقة والديها على التحمل، وسط تداعيات حرب الإبادة الجماعية المستمرة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ورعايتهم لطفلين مريضين، أحدهما مصاب بشلل دماغي والآخر بمشكلات في الكليتين.

وبدأت معاناة لمار وأسرتها بالنزوح القسري من منزلهم في حي الزيتون جنوب مدينة غزة قبل عام، مع اشتداد الغارات الجوية التي تنفذها طائرات الاحتلال والقصف المدفعي المكثف. انتقلت الأسرة إلى خيمة في مخيم النصيرات، حيث زعم الاحتلال أنه ضمن "المناطق الآمنة"، لكنها وجدت نفسها مجبرة مجدداً بسبب العدوان على النزوح إلى رفح، التي اجتاحها الاحتلال أيضاً، ما دفعها إلى العودة إلى النصيرات مع ضيق خياراتها في إيجاد مأوى أو مكان آمن.

وباتت الأم حالياً مشتتة بين خيمة النزوح لرعاية أطفالها، وأصغرهم يبلغ عاماً، وبين متابعة حالة لمار في المستشفى.

ويسعى والد لمار من خلال فرن مصنوع من الطين إلى توفير لقمة عيش أبنائه، بينما كانت لمار تحمص المعكرونة لبيعها للأطفال مع شح المسليات، لتجمع بعضاً من المال وصل إلى 32 شيكلاً يوم إصابتها.

وحرمت حرب الإبادة الجماعية لمار من مواصلة دراستها في الصف الخامس الابتدائي، مع تدمير الاحتلال للبنية التحتية والمؤسسات التعليمية والصحية وغيرها. لكنها تتشوق إلى التعليم رغم إصابتها، وقد طلبت من أمها دفتراً وقلماً لتكتب عليه، وهي تدرك أن العودة للدراسة هي السبيل لتحقيق حلمها بدراسة الطب.

وتتكالب عليها المواجع أيضاً بعد استشهاد أعز الناس إلى قلبها، ومن بينهم جدها (والد أمها)، وخالتها، وابن خالها، وعمتها، وزوج عمتها وأبناؤهما.

وتحتاج لمار للعلاج الطبيعي، وقد تستدعي حالتها خضوعها لعملية جراحية، تتخوف الأم من خطورتها على مستقبل طفلتها.
وفي المرة الأخيرة التي زارت فيها لمار إخوتها بخيمة النزوح، انهمرت منها الدموع، قائلة لأمها: "نفسي أرجع زي ما كنت".

يتسلل الآن إلى لمار شيء من الفرح بقرب وقف العدوان على غزة بموجب صفقة أرغمت الاحتلال على ذلك، لكن هذا الفرح يصطدم بواقع باتت فيه أمام مستقبل مجهول.

المصدر / فلسطين أون لاين