الكهرباء تُغير قواعد اللعبة .. محطات الوقود تضيف خدمات شحن المركبات الكهربائية

mainThumb
الكهرباء تُغير قواعد اللعبة.. محطات الوقود تضيف خدمات شحن المركبات الكهربائية

14-01-2025 11:51 AM

printIcon


واقع جديد يفرض نفسه

أخبار اليوم - تالا الفقيه - مع الزيادة الملحوظة في أعداد المركبات الكهربائية على الطرق الأردنية، لم يعد بإمكان محطات الوقود الاعتماد فقط على خدماتها التقليدية المتمثلة في بيع البنزين بنوعيه (90 و95)، الديزل، والكاز.

هذا الواقع المتغير دفع المحطات إلى إعادة النظر في استراتيجياتها التشغيلية لتواكب الطلب المتزايد على شحن المركبات الكهربائية، في خطوة تسعى من خلالها إلى الحفاظ على وجودها في السوق وضمان استمرار الإيرادات.

التحديات الاقتصادية: استثمارات ضخمة مقابل مستقبل واعد

إضافة خدمات شحن المركبات الكهربائية ليست مجرد قرار عادي، بل تتطلب استثمارات مالية كبيرة. يتطلب تركيب أجهزة الشحن تجهيزات تقنية متطورة، تحديث شبكات الطاقة الكهربائية في المحطات، وتدريب العاملين على تشغيل هذه الأنظمة وصيانتها.

وفقاً لتقارير مختصة، يمكن أن تصل تكلفة تجهيز محطة واحدة بخدمات الشحن إلى 50 ألف دينار أردني، ما يمثل تحدياً كبيراً للمحطات الصغيرة التي تعمل بهوامش ربح محدودة.

رغم ذلك، يرى خبراء أن هذه الاستثمارات ستؤتي ثمارها في المستقبل القريب مع ازدياد الطلب على الشحن الكهربائي، حيث ستتحول هذه الخدمة إلى مصدر إيرادات رئيسي مع تزايد عدد السيارات الكهربائية على الطرق.

موازنة بين الوقود التقليدي والكهربائي

على الرغم من تنامي الطلب على الشحن الكهربائي، لا تزال شريحة واسعة من السائقين تعتمد على الوقود التقليدي، خاصة في المناطق الريفية والضواحي التي تفتقر إلى خدمات الشحن الكهربائي.

هذا الوضع يضع المحطات أمام تحدٍ مزدوج: ضمان توفير خدمات الوقود التقليدي للسائقين الحاليين، مع تطوير خدمات الشحن الكهربائي لتلبية الطلب المستقبلي.

يقول أحد العاملين في قطاع المحروقات: "التغير في طبيعة الطلب أصبح واقعاً ملموساً. لذلك قررنا أن نكون من أوائل المحطات التي تستثمر في الشحن الكهربائي لتلبية احتياجات الزبائن الجدد دون الإخلال بخدماتنا التقليدية".

تحول وطني: تقليل فاتورة الطاقة وتعزيز الاقتصاد

لا يقتصر تأثير التحول نحو السيارات الكهربائية على قطاع المحروقات فحسب، بل يمتد ليشمل الاقتصاد الوطني ككل.

فمع ارتفاع أسعار الوقود التقليدي وزيادة الضغط على ميزانية استيراد الطاقة، تمثل المركبات الكهربائية بديلاً استراتيجياً يقلل من الاعتماد على المشتقات النفطية.

إضافة إلى ذلك، فإن تطوير البنية التحتية للشحن الكهربائي يفتح المجال أمام استثمارات جديدة، لا سيما في قطاع الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والتي يمكن استخدامها لتغذية نقاط الشحن وتقليل الضغط على الشبكة الكهربائية الوطنية.

نظرة مستقبلية: التكيف من أجل البقاء

تشير التوقعات إلى أن التحول نحو السيارات الكهربائية في الأردن سيصبح شبه كامل على المدى البعيد. في هذا السياق، تصبح إضافة خدمات شحن المركبات الكهربائية ضرورة استراتيجية وليست خياراً، حيث تسعى المحطات للحفاظ على وجودها في سوق سريع التغير.

ولكن، يبقى السؤال: كيف ستتمكن المحطات الصغيرة التي تعاني قيوداً مالية من التكيف مع هذه التحولات؟ وهل ستتدخل الجهات الحكومية لتقديم دعم مالي أو تسهيلات تشجيعية تساعد هذه المحطات على الاستمرار في تقديم خدماتها التقليدية والكهربائية معاً؟

استثمار في المستقبل

إضافة خدمات شحن المركبات الكهربائية ليست مجرد استجابة آنية للتغيرات في السوق، بل استثمار طويل الأمد يعكس تحولاً أوسع نحو اقتصاد أكثر استدامة.

في الوقت الذي يشهد فيه قطاع المحروقات تغيرات جذرية، تظل المحطات التي تستثمر في الطاقة النظيفة اليوم هي الأكثر قدرة على المنافسة وضمان مكانتها في المستقبل.

نقيب أصحاب محطات المحروقات المهندس نهار سعيدات صرح لـ "أخبار اليوم" أن محطات المحروقات تعاني خسائر كبيرة باستثناء بعض المحطات في العاصمة عمان في ظل التحول التدريجي إلى السيارات الكهربائية وارتفاع الكلف التشغيلية للمحطات.

وفي ذات السياق أشار سعيدات أن 56% من استهلاك المحروقات في المملكة يتركز في العاصمة عمان، فيما تواجه المحطات في المحافظات الأخرى تراجعًا كبيرًا في المبيعات؛ مما ينعكس سلبًا على قدرتها على الاستمرار.

وأوضح أن انتشار السيارات الكهربائية ساهم في تراجع الطلب على الوقود التقليدي مثل البنزين والديزل، وهو ما يهدد مستقبل المحطات التي تعتمد بشكل رئيسي على هذه المبيعات.

وطالب سعيدات الحكومة بوقف ترخيص محطات جديدة لشحن السيارات الكهربائية إلا ضمن محطات الوقود القائمة، لتعويض النقص الناتج عن التحول نحو السيارات الكهربائية وضمان استمرارية المحطات في تقديم خدماتها.

وأكد أن الكلف التشغيلية المرتفعة بما في ذلك أجور العمال تزيد صعوبة الوضع الحالي للمحطات؛ مما يهدد بإغلاق العديد منها، خاصة في المناطق الأقل كثافة سكانية، موضحا أن استمرار هذا التراجع دون حلول عملية قد يؤدي إلى فقدان محطات الوقود لدورها الأساسي في تلبية احتياجات المواطنين الذي يعتمدون على مركبات البنزين والديزل.

ودعا سعيدات إلى تشكيل لجنة وزارية بالتعاون مع نقابة أصحاب محطات المحروقات لإيجاد حلول مستدامة لهذه التحديات.

في تصريح لـ "أخبار اليوم" قال الخبير النفطي هاشم عقل مع تزايد الإقبال على السيارات الكهربائية في الأردن تواجه محطات الوقود تحديًا اقتصاديًا يتمثل في خسارة العملاء الذين يتوقفون عن التزود بالبنزين أو الديزل لصالح السيارات الكهربائية، حيث أن هذا التحول في سوق السيارات بدأ يؤثر بشكل مباشر على إيرادات محطات المحروقات؛ مما دفع أصحاب المحطات إلى البحث عن حلول مبتكرة للحفاظ على استمرارية أعمالهم.

وأشار عقل أن إنشاء نقاط شحن للسيارات الكهربائية في محطات الوقود الحل الأكثر جدوى اقتصاديًا لمواجهة هذا التحول الذي حدث في محطات المحروقات حيث أن هذه الخطوة تتيح للمحطات تقديم خدمات مزدوجة تخدم من خلالها السيارات التقليدية التي تعمل بالبنزين والديزل، إلى جانب السيارات الكهربائية، مما سيساهم في الحفاظ على إيرادات متوازنة.

وأكد أن أرباح نقاط الشحن الكهربائية جيدة، وتشكل فرصة لتوسيع نطاق الخدمات المقدمة للعملاء، مشيرا أن هيئة تنظيم قطاع الطاقة تدعم إنشاء نقاط الشحن في جميع أنحاء المملكة بهدف تغطية مختلف المناطق بما فيها الطرق الخارجية.

وفي ظل ارتفاع أسعار المحروقات وتقلباتها، ولفت عقل أن هذه التوجهات هي التي دفعت الكثير من المواطنين إلى التحول إلى السيارات الكهربائية كخيار اقتصادي يلبي احتياجاتهم اليومية، متوقعا أن تشهد محطات الوقود الصغيرة والكبيرة على حد سواء تحولًا تدريجيًا نحو تقديم خدمات شحن السيارات الكهربائية، بما يتماشى مع التغيرات في احتياجات السوق المحلية.



news image
news image
news image