أخبار اليوم - محرر الشؤون البرلمانية - افتتحت النائب نور أبو غوش كلمتها تحت قبة البرلمان بكلماتٍ جمعت بين الدعوة للعمل والتذكير بمسؤولية الجميع تجاه الوطن، مستشهدةً بقول النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، بأن العدل أساس العمران. وانطلقت في كلمتها لمناقشة مشروع الموازنة العامة لعام 2025، مؤكدة أن الموازنة جاءت نمطية وخالية من الحلول التنموية التي ينتظرها الأردنيون، مضيفةً أن الواقع الاقتصادي يحتاج إلى معالجة حقيقية تتجاوز الأرقام والمجردات.
موازنة بلا رؤية: الدين العام يتزايد والمشاريع التنموية غائبة
تطرقت أبو غوش إلى تعريف الاقتصاد بأنه "فن تلبية احتياجات الناس من الموارد القليلة"، مشيرة إلى أن هذا "الفن" غاب عن مشروع الموازنة الذي لا يقدم أي حلول جذرية للأزمات المتراكمة. وأوضحت أن الموازنة ليست سوى "جردة محاسبية" تكرس الدين العام والعجز دون خطط واضحة لمعالجتهما.
وأبرزت النائب الأرقام المقلقة المتعلقة بالدين العام، مؤكدة أن مدفوعات فوائد الدين العام لعام 2024 كانت تعادل أضعاف ما أُنفق على قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم، مما يعكس غياب الأولويات التنموية في الموازنة الحالية.
تباين بين رؤية التحديث الاقتصادي وواقع الموازنة
أشارت أبو غوش إلى أن رؤية التحديث الاقتصادي في الأردن تستهدف تحقيق نمو اقتصادي مستدام بنسبة 5.6% سنويًا حتى عام 2033، بينما بُنيت الموازنة على فرضية تحقيق نمو اقتصادي متواضع بنسبة 2.5% فقط. وأكدت أن هذا التباين يعكس فجوة كبيرة بين الطموح والواقع، مما يثير تساؤلات حول جدوى تحقيق الأهداف الاقتصادية الطموحة دون زيادة حقيقية في الإنفاق الرأسمالي والاستثمار في المشاريع التنموية.
البطالة: قنبلة موقوتة وحلول غائبة
وصفت النائب البطالة بأنها "القنبلة الموقوتة"، منتقدة غياب أي خطط واضحة في الموازنة لمعالجتها، رغم ما ورد في رؤية التحديث الاقتصادي من استهداف خلق مليون فرصة عمل بحلول 2033. وأكدت أن الأردن يمتلك كفاءات وعقولًا مبدعة تحتاج فقط إلى بيئة حاضنة وفرص ملائمة للإبداع.
وأشارت إلى قصة فريق أردني تمكن من حل مسألة رياضية عالقة منذ عام 1949، في إشارة إلى القدرات الكبيرة التي يمتلكها الأردنيون، والتي يمكن توظيفها لخدمة الوطن إذا توفرت لهم البيئة المناسبة.
ديوان المحاسبة يكشف العيوب: الرقابة الإدارية الغائبة
استعرضت أبو غوش إحدى القضايا التي كشفها ديوان المحاسبة، حيث أظهرت الوثائق موظفة لم تلتحق بعملها سوى أيام معدودة على مدار ثلاث سنوات. وأكدت أن هذه الحالة ليست إلا نموذجًا يعكس ضعف الرقابة الإدارية، التي تعد حجر عثرة أمام أي عملية إصلاح حقيقية.
الأحزاب والتنمية السياسية في صلب الحل
تحدثت أبو غوش عن انتمائها الحزبي، مؤكدةً أن التنمية السياسية لا تقل أهمية عن التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وأشارت إلى ما قدمه حزب جبهة العمل الإسلامي من رؤية اقتصادية شاملة بعنوان "الأردن 2030"، تضمنت حلولًا تطبيقية عبر أهداف استراتيجية تخدم قطاعات مختلفة مثل مكافحة الفقر والبطالة، وتحفيز الاستثمار، وحماية الفئات الأكثر هشاشة.
السياحة والثقافة: موارد مهدورة
أكدت أبو غوش أن الأردن يمتلك مقومات سياحية وثقافية هائلة يمكن أن تكون رافدًا اقتصاديًا رئيسيًا. واقترحت إطلاق مسارات سياحية تاريخية ودينية تحكي قصة الحضارات التي مرت على أرض الأردن، مثل المسار النبطي من معان إلى البتراء، ومسار المياه من وادي الموجب إلى البحر الميت.
كما دعت إلى استثمار الصناعات الثقافية والإبداعية، وتدريب الشباب كسفراء ثقافيين يحملون إرث الأردن وتراثه إلى العالم.
الفقر وتلاشي الطبقة الوسطى: واقع مؤلم
أشارت النائب إلى التقارير الرسمية التي تكشف ارتفاع نسب الفقر في الأردن، حيث يعاني 34% من السكان من الفقر، وسط تزايد التفاوت المادي واختفاء الطبقة الوسطى. وأكدت أن المسؤولية تقع على عاتق الحكومة لضمان توفير خدمات متكافئة في التعليم والصحة والبنية التحتية للمناطق جميعها، دون تمييز بين العاصمة والمحافظات.
رسالة إلى الحكومة والنواب
اختتمت أبو غوش كلمتها بالتأكيد على أن الشعب الأردني هو صمام الأمان، داعيةً الحكومة إلى أن تكون أمينة على آمال الأردنيين، والنواب إلى أن يكونوا صادقين مع وجع الشعب وأوفياء لحقهم في حياة كريمة. وقالت:
"الوطن أمانة حملها أجدادنا بدمائهم، وهي أمانة اليوم في أعناقنا جميعًا".