سهم محمد العبادي
يا معاذ، يا ابن الكرك الشامخة، يا ابن خشم العقاب، يا زهرةً نبتت في أرض الشراه الطيبة، يا نسرًا حلق في سماء المجد، وكتب بحروف من نور حكاية وطنٍ لا ينحني.
أنتَ يا معاذ، سليلُ الجبال الصامدة، ابنُ التاريخ الذي بدأ بمسلة ميشع، واستمرّ بصوت الكرامة يعلو من جبال البلقاء إلى أودية السلط. أنتَ عنوان الفخر، رمز التضحية، وأيقونة الأردن الذي لا يساوم على عزته وكرامته.
في حضن الكرك، تربيت على أن العزة لا تُشترى، وأن الأردني يولد شامخًا كما جباله، لا ينحني إلا لله.
في لحظة استشهادك، كنتَ أنتَ القصيدة، كنتَ الشموخ ذاته. رفعتَ رأسك أمام الموت، وكأنك تقول للعالم: "أنا من وطنٍ لا يُطأطئ رأسه، من شعبٍ إذا قال فعل، وإذا نطق صدق واسألوا عنا التاريخ."
في بيتك الكبير، رأيت في ذلك اليوم العم صافي الكساسبة، والدك، صورة حية للأردني الذي يصبر على الجمر ولا يتراجع. حمل وجعك في قلبه كأنه يحمل همَّ الأمة بأكملها، لكن جبينه ظل مرفوعًا كجبال الكرك. لم يتحدث كثيرًا، لأن صمته كان أقوى من كل الكلمات، وكان حضوره درسًا وطنيًا في الصبر والعزة.
أما عمتنا والدتك، تلك المرأة التي وُلدت من صلابة الشراه، فقد كانت نموذجًا للأم الأردنية التي تصنع من الحزن صلابة، ومن الدموع عهدًا لا يُنكث. وأشقاؤك، كانوا انعكاسًا للعائلة الأردنية التي تحمل الوطن في روحها، يروون للعالم أن الأردني لا يُهزم، وأن الدماء التي تسقي تراب هذا الوطن ليست إلا بذورًا للحياة والعزة، وكان الفخر يفخر بهم، ويزداد عزة وكرامة، أنهم الأردن بكل تفاصيله وعزته.
معاذ، يا نسر الأردن، لم تكن مجرد طيار، بل كنتَ قصيدة فداء، كتبتها جبال الشراه وزيتون مأدبا وكروم عجلون. كنتَ روح معركة الكرامة التي رفعت اسم الأردن عاليًا، وصدى تلك الكلمات المحفورة في مسلة ميشع: "أنا الملك المنتصر." وأغنية المعانية أهل الجردا وصوت الشهيد خضر شكري يعقوب.
الأردن العظيم، يا وطنًا صامدًا كالصخر، يا وطن الكرامة والمجد، سيبقى كما عهدته الأجيال، صخرةً لا تُكسر، وسنديانةً لا تميل. فيا معاذ، يا أيقونة العزة، ستبقى في قلب كل أردنيٍ وأردنية، وفي كل شجرةٍ زرعت على هذه الأرض المباركة من عقربا إلى العقبة.
يا أردن الكرامة، ويا معاذ الكبرياء، دماؤك أزهرت راياتٍ خفاقة، وكتبت على جبين هذا الوطن: "هنا شعبٌ يموت واقفًا، ويبقى شامخًا كالشموخ ذاته." فنحن الأردن العظيم.
رحمك الله رحمة واسعة، وأسكنك فسيح جناته سيدي وأبن وطني وأخي وابن عمي الشهيد.