أخبار اليوم - يتردد الطالب أحمد حجي، يوميًّا على مدرسة الإمام الشافعي الحكومية وسط مدينة غزة، باحثًا عن فرصة للانضمام إلى الخيام التعليمية التي أقامها مبادرون لتعليم الطلاب في المدرسة والمناطق المجاورة.
لكن أمله يخيب، بسبب نقص الدعم اللازم لافتتاح خيام تعليمية خاصة بطلاب المرحلة الإعدادية، إذ تقتصر هذه المبادرات على طلاب الصفوف الابتدائية لضمان حصولهم على حقهم في التعليم، مع استمرار حرب الإبادة الجماعية للعام الثاني على التوالي.
يقول الطالب حجي لصحيفة "فلسطين": "من المفترض أن أكون الآن أعوّض العام الماضي لي في الصف السابع، وأرغب في اغتنام أي فرصة للتعلم، لكن معظم المبادرات التعليمية تركز على الأطفال الصغار، وطلاب المرحلة الابتدائية".
ويضيف: "أين يمكنني أن أجد حقي في التعلم ومعظم التركيز على الطلاب الصغار؟" مشيرًا إلى أنه يفقد جزءًا من حلمه في دراسة الطب يومًا بعد يوم.
ويعاني طلاب المرحلة الإعدادية من تداعيات حرب الإبادة "الإسرائيلية" المستمرة، حيث حُرموا من حقهم في التعليم المستمر، وتعرضوا لصدمات نفسية كبيرة.
كما يواجهون تحديات كبيرة في اللحاق بزملائهم في الدول الأخرى، حيث فاتهم عام دراسي كامل تقريبًا، ويعانون صعوبة في التركيز والدراسة بسبب القلق والتوتر الناتجين عن الحرب.
يوسف أبو ليلة طالب آخر من المفترض أن يكون في الصف التاسع الإعدادي، يتشارك مع حجي معاناته في ظل عدم وجود أي مبادرات تركز على طلبة المرحلة الإعدادية، يقول لـ"فلسطين": "قبل الحرب كنت من الطلبة المتفوقين، وأتحدث اللغة الإنجليزية بمهارة عالية، ولكن انقطاعي عن الدراسة أثر على مستواي الدراسي كثيرًا".
ويضيف: "أنا العام القادم من المفترض أن أدخل المرحلة الثانوية، والتي من خلالها يتقرر مصيري في الدراسة بعد ذلك، مستدركًا: "ولكن لا أعرف ماذا أفعل وقد تغيبت عن الدراسة عامين بسبب الحرب "الإسرائيلية" المستمرة".
وعبَّر أبو ليلة عن أمله في أن ينتبه المبادرون إلى الطلبة في المرحلة الإعدادية، والتي هي بنفس أهمية المرحلة الابتدائي، فهذه المرحلة هي حلقة الوصل للثانوية، والتي تحدد مستقبل الطلبة فيما بعد.
تُعد هذه القصص مثالًا على التحديات التي يواجهها الطلاب في غزة، حيث أدى العدوان "الإسرائيلي" إلى تدمير واسع للبنية التحتية التعليمية، مما حرم العديد من الطلاب من حقهم الأساسي في التعليم.
ووفقًا لتقارير الأمم المتحدة، فإن الهجمات المستمرة على البنية التحتية التعليمية في غزة لها تأثير مدمر طويل الأمد على حقوق السكان الأساسية، بما في ذلك الحق في التعليم.
ومن جهتها، أوضحت الأخصائية النفسية ومديرة إحدى المبادرات التعليمية إيمان الكاشف، أنه في خضم الحرب "الإسرائيلية" المتواصلة على قطاع غزة، يواجه الأطفال، وخصوصًا طلاب المرحلة الإعدادية، أزمة مركبة تجمع بين الآثار النفسية والتعليمية المدمرة.
وسلطت الضوء على حجم الكارثة التي خلفتها الحرب على هذا الجيل، موضحة أن الحرب لم تكتفِ بتدمير البنية التحتية، بل امتدت إلى تدمير أحلام جيل كامل من الطلبة، ففقدان الطلاب لعام دراسي كامل، وثلاثة أشهر إضافية، وهو ما يعد صدمة نفسية ومجتمعية تعليمية.
وقالت الكاشف لـ"فلسطين": "إن معظم الطلبة في هذه المرحلة يعانون القلق والتوتر وصدمات نفسية بسبب الانفجارات والدمار وفقدان الأحبة، بالإضافة إلى الشعور بالعجز وعدم القدرة على تغيير واقعهم، ما يعزز مشاعر العزلة والاغتراب".
وأضافت: "أما الآثار التعليمية فبرزت من خلال تعرض المدارس للتدمير، وتعطل التعليم، والتغيرات التي طرأت على نمط التدريس، يضاف إلى ذلك نقص المواد التعليمية ما أثر سلبًا على التحصيل الأكاديمي".
وبينت أن الحرب زادت عند الطلبة في هذه المرحلة من ضعف الثقة ويشعرون بعدم اليقين بشأن فرصهم في التعليم والحصول على وظائف في المستقبل"، لافتةً إلى أن إغلاق المدارس وتقليص ساعات الدراسة يجعل الطلبة يعانون صعوبة في متابعة تعليمهم بمستوى عالٍ، ما يعيق تطورهم الدراسي والأكاديمي بعد ذلك.
وأكدت الكاشف أن الانقطاع الطويل للطلبة عن الدراسة يعرضهم لفجوات معرفية كبيرة تؤثر على مستقبلهم الأكاديمي والمهني، مشيرةً إلى أن "التعليم الطارئ هو ضرورة لا غنى عنها في ظل الظروف الحالية".
وشددت على أهمية توفير برامج دعم نفسي واجتماعي موجهة خصيصًا للطلاب، منبهةً على أن هذه الفئة العمرية بحاجة ماسة إلى دعم متخصص يساعدهم على تجاوز الصدمات، وإعادة بناء حياتهم الدراسية.
ودعت الكاشف إلى ضرورة توفير بيئة تعليمية آمنة ومستقرة، إلى جانب تقديم أدوات تعليمية متطورة وبرامج الدعم النفسي للطلاب، من خلال الاستشارات النفسية وبرامج التأهيل النفسي لمساعدتهم في التعامل مع صدمات الحرب.
المصدر / فلسطين اون لاين