أخبار اليوم - أفادت صحيفة واشنطن بوست أن (إسرائيل) حولت على مدى سنوات وحدة الاستخبارات العسكرية التابعة لها إلى ساحة اختبار لتقنيات الذكاء الاصطناعي، مما أدى إلى نقاش داخلي بين كبار القادة العسكريين حول ما إذا كان العنصر البشري لا يزال متحكماً بما يكفي في العمليات العسكرية الحساسة.
وقالت الصحيفة في تقرير لها اليوم الأحد إن هذه التطورات برزت في سياق حرب الإبادة الجماعية الحالية في غزة، حيث تستخدم قوات جيش الاحتلال التكنولوجيا المتطورة لاستهداف ما تصفه بـ"البنية التحتية" لحركة حماس.
وأشارت إلى أنه في أعقاب عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر 2023، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي حملة قصف مكثفة على قطاع غزة. وقد اعتمد جيش الاحتلال في هذه الهجمات على قاعدة بيانات تم إعدادها على مدار سنوات، شملت تفاصيل دقيقة عن منازل أعضاء المقاومة، الأنفاق المستخدمة للتنقل والاختباء، بالإضافة إلى مواقع استراتيجية أخرى تابعة للحركة، على حد قول الصحيفة.
ومع ذلك، ذكرت الصحيفة أن هذه القاعدة، المعروفة باسم "بنك الأهداف"، بدأت تنفد في ظل الحملة الجوية المكثفة. وهنا ظهر دور أداة ذكاء اصطناعي متقدمة طورتها (إسرائيل) وتُعرف باسم "هَبْسُورا" أو "البشارة". وأوضحت صحيفة واشنطن بوست أن هذه الأداة قادرة على تحليل البيانات بسرعة هائلة وتوليد مئات الأهداف الجديدة، مما يسمح لقوات جيش الاحتلال بمواصلة حملتها العسكرية بوتيرة عالية.
وتُعد "هَبْسُورا" جزءاً مما وصفته الصحيفة بـ"مصنع الذكاء الاصطناعي"، وهو نظام متكامل يدمج الذكاء الاصطناعي في جميع جوانب العمل العسكري. ويتم تدريب هذا النظام على تحليل بيانات ضخمة تشمل معلومات استخباراتية، صوراً من الأقمار الصناعية، وبيانات الاتصالات، ليتمكن من تقديم توصيات فورية للقادة الميدانيين بشأن الأهداف والعمليات.
وأشار التقرير إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية يثير تساؤلات حول تأثير التكنولوجيا على اتخاذ القرارات الحاسمة في ساحة المعركة. وقد عبر بعض القادة العسكريين عن قلقهم من أن الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي قد يقلل من دور العنصر البشري في التحكم بالقرارات العسكرية الحساسة، وهو ما يُعرف بمفهوم "بقاء البشر في دائرة اتخاذ القرار".
وأضافت الصحيفة أن الجدل حول هذه المسألة بدأ منذ سنوات داخل صفوف الجيش، حيث تساءل قادة عسكريون كبار عما إذا كان دمج الذكاء الاصطناعي في العمليات يضمن تحسين الأداء العسكري أم أنه قد يفتح المجال لأخطاء قاتلة بسبب الاعتماد الكامل على الخوارزميات.
وفي سياق متصل، أوضحت الصحيفة أن استخدام "هَبْسُورا" في الحرب الحالية يعكس تغيراً كبيراً في طبيعة العمليات العسكرية الحديثة، حيث باتت التكنولوجيا تلعب دوراً مركزياً. ويُنظر إلى هذا التطور على أنه جزء من استراتيجية (إسرائيل) للحفاظ على تفوقها العسكري في المنطقة.
وخلص تقرير صحيفة واشنطن بوست إلى أن الحرب في غزة تُعتبر أول اختبار كبير لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المتقدمة في ساحة المعركة، مما قد يشكل سابقة لمستقبل الحروب في العالم. ومع ذلك، يبقى السؤال الرئيسي حول مدى كفاءة هذه التكنولوجيا وما إذا كانت قادرة على العمل دون التسبب في عواقب غير مقصودة تؤدي إلى تصعيد الصراعات بشكل أكبر.