فلسفة عبور الشوارع بين المواطن والسائق
أخبار اليوم - عواد الفالح - في شوارع الأردن، تبدو إشارات المرور وكأنها مجرد ألوان للزينة أكثر من كونها قواعد تحكم حركة السير، الأحمر والأخضر يتساويان في نظر كثيرين، فالشارع هو ملك للجميع، والجسر مجرد هيكل حديدي شاهق لا جدوى من استخدامه، هذه الظاهرة أصبحت جزءاً من المشهد الحضري، تثير الجدل بين المواطنين والسائقين، وتجعل شوارع المملكة مسرحًا يوميًا لتحديات العبور.
عبور... بلا قوانين
في إحدى زوايا شارع رئيسي في عمان، رصدنا مشهدًا يتكرر يوميًا، مواطن يقف أمام جسر مشاة، يبعد عنه خطوات قليلة، بدلاً من استخدام الجسر، اختار عبور الشارع مباشرة بين السيارات المسرعة، عندما سألناه عن السبب، أجاب بثقة: "الجسر بعيد ومزعج، الطريق أقصر هنا، المهم أن أتجنب السيارات، وأنا ماهر في ذلك".
لكن هل هو الوحيد؟ بالطبع لا. على بعد أمتار، تظهر مجموعة من الطلاب تقطع الطريق معتمدين على الإشارات اليدوية للسائقين، وكأنها لغتهم الخاصة، يقول أحدهم: "الإشارة الحمراء لا تعني لي شيئًا، إذا كانت السيارات متوقفة، أعبر بكل بساطة".
الجسر.. ديكور لا أكثر؟
أما جسور المشاة، فيبدو أنها فقدت وظيفتها الأصلية، يقول أحد سكان منطقة المدينة الرياضية: "الجسور هنا مهملة، ولا يوجد إنارة كافية عليها، بالإضافة إلى أن صعودها مرهق، لذا يفضل الجميع المخاطرة بعبور الشارع بدل استخدامها".
من جهة أخرى، يشير محمد، وهو سائق حافلة صغيرة: "الجسر لا يقترب من مواقف الحافلات، لذلك تجد الركاب يفضلون عبور الشارع، إنه تصميم غير عملي، يجعل الناس يختارون الطريق الأخطر".
السائقون.. بين الحيرة والغضب
السائقون هم الضحية الثانية لهذا المشهد الفوضوي، يقول أحمد، وهو سائق تاكسي: "عندما تكون الإشارة خضراء، أتوقع أن الطريق خالٍ، لكن دائمًا يظهر شخص يعبر فجأة، إنه أمر خطير جدًا، ويعرض الجميع للخطر".
بدوره، يعبر عمر، وهو موظف توصيل، عن غضبه: "أحيانًا تلتزم بالقوانين، ولكن المشاة لا يفعلون ذلك، الإشارة الحمراء بالنسبة لهم فرصة للعبور، لا يمكنك إقناعهم أن الشارع خطير".
أصوات من خبراء المرور
في حديث مع خبير المرور المهندس خالد العمري، أشار إلى أن غياب التوعية المرورية وضعف تطبيق القوانين أسهم في انتشار هذه الظاهرة، يقول: "لدينا إشكالية في التزام المواطنين بالقواعد، وأيضًا هناك قصور في تصميم البنية التحتية مثل جسور المشاة التي لا تأخذ احتياجات المستخدمين بعين الاعتبار".
وأضاف: "الحل لا يقتصر على العقوبات، بل يتطلب حملات توعية شاملة، وتحسين البنية التحتية لتكون أكثر جاذبية وعملية".
رؤية مستقبلية؟
في ظل هذه المشاهد اليومية، يبدو أن الحل لا يزال بعيدًا، المواطنون بحاجة إلى ثقافة مرورية جديدة، والسائقون بحاجة إلى قوانين تُطبق بصرامة، وحتى ذلك الحين، سيبقى الشارع مساحة لتحديات يومية بين الأحمر والأخضر، والعبور الذي لا يتوقف.
نضع هذه المادة الصحفية بين يدي من يهمه الأمر.