هل تحولت شوارع دمشق وساحة المرجة إلى أكبر محطة لانتظار أخبار المغيبين قسرياً؟

mainThumb
هل تحولت شوارع دمشق وساحة المرجة إلى أكبر محطة لانتظار أخبار المغيبين قسرياً؟

21-12-2024 01:47 PM

printIcon

أخبار اليوم - في شوارع دمشق، أصبحت صور المعتقلين تملأ الجدران والمعالم الشهيرة، عند محطة الحجاز وعلى جدران الجامع الأموي، وفي ساحة المرجة عند نصب الشهداء الشهير وسط العاصمة السورية، في مشهد شديد الحزن بالنسبة لذوي المعتقلين رغم مظاهر الفرح بالخلاص من النظام التي تنتشر في الطرقات بين الناس.

وعلى الرغم من انخفاض درجات الحرارة لما يقارب الصفر، تنتظر أم محمود (والمئات مثلها) خبراً عن ابنها المغيب قسرياً منذ 11 عاماً في ساحة المرجة، عند "صرح الشهداء" الذي امتلأ بصور المعتقلين والمغيبين والمختفين قسرياً في سجون النظام السوري. تلتجئ أم محمود إلى الله أن يعيد لها ابنها سالماً تسأل كل من يمر بها أن يساعدوا في إيجاده.

صور المعتقلين في كل زاوية
صور آلاف المغيبين على النصب التذكاري وجدران دمشق وضعها ذوو المعتقلين في مشهد مرعب عن أعداد الذين لم يعودوا إلى بيوتهم، رغم تحرير جميع المعتقلين الأحياء من سجون ومعتقلات النظام.

موقع تلفزيون سوريا رصد صور المعتقلين وذويهم في العديد من مناطق دمشق، وغالبيتهم من أبناء الجزيرة السورية (الرقة والحسكة ودير الزور)، الذين لم يعثروا حتى اليوم على خبر مؤكد عن أبنائهم وأقاربهم الذين غُيّبوا على مدار 13 عاماً من دون أي خبر.

وذكرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في أحدث تقاريرها، أن أكثر من 96,321 حالة اختفاء قسري وقعت على يد قوات نظام بشار الأسد، بينهم 2,329 طفلاً و5,742 سيدة. كما سجلت الشبكة مقتل ما لا يقل عن 15,102 شخصاً تحت التعذيب على يد قوات نظام بشار الأسد، بينهم 190 طفلاً و95 سيدة.


وأشار معظم من التقى بهم موقع تلفزيون سوريا إلى أن أبناءهم في سجن صيدنايا، الذي اقتحمته قوات عملية "ردع العدوان" في 8 كانون الأول 2024، وتمكنوا من تحرير المعتقلين رجالاً ونساءً وشيوخاً وأطفالاً.

ويعد سجن صيدنايا أحد أكثر السجون العسكرية للنظام السوري تحصيناً وسمعة سيئة، وأطلق عليه العديد من الأوصاف مثل "المسلخ البشري" و"مقبرة الأحياء"، بسبب التعذيب والحرمان والازدحام داخله. كما شهد أحداثاً دامية خلال عام 2008، إلى جانب أنه أحد أبرز سجون النظام العسكرية التي وضع فيها الجهاديين والمعارضين السياسيين على اختلاف توجهاتهم قبل ثورة عام 2011.

ويُعَد هذا السجن أحد أكثر السجون العسكرية السورية تحصيناً، ويطلق عليه "المسلخ البشري" بسبب التعذيب والحرمان والازدحام داخله، ولُقب بـ"السجن الأحمر" نتيجة للأحداث الدامية التي شهدها خلال عام 2008.

أريد معرفة مصير ابني
وقالت أم محمود القادمة من محافظة الحسكة مفضلة عدم ذكر اسمها كاملاً خوفاً من قوات سوريا الديمقراطية "قسد" في حال علموا أنها تحدثت لتلفزيون سوريا، إن ولدها محمود مفقود منذ عام 2013، وسمعت أنه في سجن المخابرات الجوية ثم نُقل إلى فرع صيدنايا ووضع في السجن الأحمر، ولكن ليس هناك أي معلومة عنه الآن.

وأضافت أم محمود، بدموع باكية، أنها تريد أن تعرف مصير ولدها، هل هو مقتول أم ما زال على قيد الحياة، وهل يوجد سجون سرية أم وصلوا إلى جميع السجون، طالبة من الحكومة السورية الجديدة أن تساعد ذوي المعتقلين بأي شكل.

وأشارت أم المعتقل إلى أن شقيقها عثمان أيضاً معتقل ولكن ليس لديها أي معلومات عنه، لافتة إلى أنه اختفى في دمشق عام 2014 ومنذ ذلك الحين مصيره مجهول.

نريد معلومة عن أبنائنا
من جانبه، قال محمد البرهو القادم من حلب وبالتحديد من حي الشيخ سعيد، إن لديه ولداً مفقوداً اسمه بشار محمد البرهو، فقد في حي الكلاسة بحلب، وكانت آخر الأخبار عنه أنه توفي بمشفى ابن سينا بدمشق، ولكن لا يوجد أي هوية أو وثيقة تثبت ذلك.

ودار العم الحلبي العديد من الأفرع الأمنية في حلب ودمشق وريفها ووصل إلى فرع فلسطين، ولكن جميع الأخبار كانت تقول إنه توفي وسلم لمشفى ابن النفيس من دون وجود جثمان أو هوية.

وبشار - بحسب والده - مريض نفسي وكان عسكرياً فسُرّح على إثرها، ثم اعتقل من مدينته حلب، ومن ذلك اليوم والده يبحث عنه، وجاء بعد إطلاق إدارة العمليات العسكرية للمعتقلين من الأفرع الأمنية للسؤال عنه هائماً على وجهه وسائلاً كل من يراه في الطريق.
أبو بشار لا يملك صورة لولده ولكن معه إخراج قيد باسمه، ويظهره لكل شخص يراه راجياً من الله أن يكون لديه أي معلومة عن الشاب الذي لم يشفع له مرضه بأن يكون في عداد المغيبين السوريين.

يقول حسام عدنان المظهور القادم من دير الزور، شقيق المعتقل ياسر عدنان المظهور في سجن صيدنايا منذ أواخر عام 2011، وهو طالب كلية طب بشري سنة ثالثة، بحثنا عنه كل السنوات الماضية، وآخر الأخبار أنه في سجن صيدنايا العسكري، وعند سقوط النظام جئت إلى دمشق بحثاً عن أي خبر.


وقال المظهور لموقع "تلفزيون سوريا" إن الأخبار التي تصلنا متناقضة، بحثنا في كل المساجد والمشافي والساحات في دمشق، ولم نجد شيئاً عن أخي. وضعنا رقمنا وصورة المعتقل عند العديد من الأشخاص في دمشق وذهبت لمشفى المواساة بالمزة وجامع السلام وغيرها على أمل أن أجد أي معلومة.

ودعا المظهور الإدارة العسكرية لتنظيم وضع المعتقلين ونشر معلومات دقيقة عنهم سواء أكانوا أحياء أو قُتلوا تحت التعذيب، حتى يطمئن ذووهم. قالوا إنه في درعا أو في اللاذقية ولكن لم نجد أية معلومات.

فديات وابتزاز
نامس القيرط القادم من القامشلي بمحافظة الحسكة، جاء باحثاً عن خاله حمود حسين القيرط المعتقل منذ عام 2018 لدى الأمن العسكري في القامشلي، نقل إلى فرع فلسطين ثم نقل إلى سجن صيدنايا العسكري.

وقال القيرط، إن عائلتي تمكنت من العثور على واسطة عسكرية بعد قرابة سنتين وأخذوا منا 5 آلاف دولار مقابل زيارته مرتين فقط، ثم انقطعت أخباره. حاولنا أن نبحث عن واسطة أخرى، ناس قالت إنه قتل وآخرون قالوا ما زال على قيد الحياة.

وأضاف أنه منذ 6 أشهر طلبت واسطة جديدة قرابة 40 ألف دولار، قالوا إنه موجود في الفرع 248، وهو على قيد الحياة ويريد أن يخرج بأي ثمن. ولكن بعد سقوط النظام لم نعثر عليه. هناك أشخاص خرجوا وظهروا في المقاطع المصورة ولكن إلى الآن لم يصلوا إلى بيوتهم ولم نعثر عليهم.

ودعا نامس الحكومة الجديدة إلى الكشف عن مصير جميع من خرجوا من السجون والمعتقلات بالأسماء والصور، حتى يتمكن ذوو المعتقلين من الوصول إلى ذويهم.

وحذر من استغلال بعض الأشخاص لحالة المعتقلين الذين خرجوا وإمكانية تعرضهم للاختطاف مقابل فدية أو محاولات ابتزاز سواء داخل سوريا أو عبر لبنان.