أخبار اليوم - عواد الفالح - في مقابلة أجراها أحمد الشرع مع قناة بي بي سي، ظهر المذيع بوجهه المتحمس وكأنه اكتشف أعظم قضية في التاريخ، ليُسقط كل الأزمات التي تعصف بالعالم العربي جانباً، ويختزل الحوار بسؤال واحد: "ما رأي الشرع في شرب الكحول؟" وكأن مصير الأمة يتوقف على هذه الإجابة المصيرية!
اللقاء الذي لم يتجاوز الثلاثين دقيقة كشف عن مشكلة أعمق بكثير. ليست المشكلة في الكحول أو العري، بل في العقلية التي تجعل هذه القضايا أولويات تُطرح في الإعلام، بينما تتجاهل الكوارث الحقيقية.
180 ألف شهيد مدفونون في ثلاث مقابر جماعية... ولا سؤال.
البنية التحتية المتهالكة، ولا كلمة.
مستقبل الشعوب، ولا اهتمام.
لكن المهم، يا سادة، ماذا عن الخمور؟ وماذا عن العري؟ هذه هي الأسئلة التي اعتبرها المذيع بي بي سي قضايا العصر ومحاور النقاش الأهم!
يا جماعة الخير، نحن نعيش في عالم غريب. تُدفن فيه أحلام الشعوب تحت الركام، وتُنسى أرواح الشهداء في قبور بلا أسماء. لكن الكاميرات وأضواء الاستديو تُسلَّط على كوب من الكحول وقماش ناقص!
هذه ليست مجرد أسئلة إعلامية، بل هي تذكير صارخ بأن هناك من يصرّ على حصر كل معركة في دائرة ضيقة ومفرغة، بدل أن يفتح النقاش على القضايا الكبرى التي تمسّ وجدان الأمة.
كأن الإعلام يعيش في كوكب موازٍ... لا شهداء، لا فقر، لا حروب. فقط الكحول والعري. وكأن هذه هي المعارك الحقيقية التي تستحق كل هذا العناء.
أحمد الشرع واجه الموقف، لكنه لم يُمنح فرصة للحديث عن القضايا الكبرى. كل الأسئلة كانت تدور حول محاور سطحية، لا تعكس الوجع الحقيقي للشعوب.
تُرى، متى سنتوقف عن هذا العبث الإعلامي؟ متى نضع أيدينا على الجروح الحقيقية؟ ومتى ندرك أن معاركنا أعظم وأعمق من مجرد كوب على الطاولة أو قطعة قماش على الجسد؟