صفوت الحنيني
لطالما حلم الأردنيون بصرح رياضي يليق بشغفهم الكبير بكرة القدم، ملعب يحمل في مدرجاته أصوات المشجعين وصدى الهتافات الحماسية: "هي هي العب يا أردن!"، حيث يتسع لكل من يرغب في مؤازرة ناديه المفضل أو دعم "النشامى" في مواجهات كروية مصيرية. إلا أن هذا الحلم ظل بعيد المنال، مكتفياً بالبقاء في مخيلة عشاق اللعبة الأكثر شعبية في المملكة.
منذ عقود، ومشهد الملاعب العالمية والعربية المهيبة يثير غصة في قلوب المشجعين الأردنيين، الذين لطالما تساءلوا: "متى سيصبح لدينا ملعب بحجم أحلامنا؟". الأردني الذي نشأ وهو يلعب كرة القدم في الشوارع، المدارس، وحتى في فناء منزله، يطمح لرؤية صرح رياضي يحمل ذكريات طفولته وطموحات المستقبل الكروي لبلاده.
السبب وراء هذا الحلم بسيط وواضح؛ فمن يريد حضور مباراة مهمة لفريقه أو المنتخب الوطني، يضطر للخروج من منزله قبل ساعات طويلة لحجز مقعد في ملاعب صغيرة لا تتسع للجميع. ناهيك عن رحلات المواصلات الشاقة للوصول إلى الملعب، والتي غالباً ما تكون "عالواقف"، فقط ليصل في الوقت المناسب.
أما الحلم الأكبر، فهو رؤية المنتخب الوطني ينافس على أعلى المستويات في ملاعب تليق بتاريخه، مستعيداً ذكريات قريبة حينما كان "النشامى" قريبين من لقب كأس آسيا، لولا خطأ تحكيمي يندب عليه الأردنيون حتى اليوم.
مؤخراً، ظهرت بشائر إيجابية قد تحوّل الحلم إلى حقيقة. الأمينة العامة لاتحاد كرة القدم، سمر نصر، أعلنت عن نية الاتحاد بالتعاون مع الحكومة للعمل على بناء ملعب بمواصفات عالمية، إلى جانب تحسين البنية التحتية للملاعب في مختلف محافظات المملكة. هذه التصريحات أعادت الأمل للمشجع الأردني، الذي بدأ يتخيل كيف يمكن لملاعب بحجم "الكرامة" أن تضيف أبعاداً جديدة للرياضة المحلية وتعزز من مكانة الأردن في المحافل الرياضية الدولية.
أطلقت اسم "الكرامة" على هذا الحلم الرياضي الكبير، تيمناً بمعركة الكرامة التي شكلت علامة فارقة في تاريخ الأردن الحديث. كما انتصر الأردنيون يوماً بالسلاح، يمكنهم الآن أن ينتصروا على مستوى الرياضة، من خلال بناء هذا الصرح الرياضي الذي يُكرّس تطلعات الأجيال القادمة.
ملعب "الكرامة" ليس مجرد حلم؛ إنه طموح رياضي وشغف وطني يتجاوز حدود المستطيل الأخضر. إذا تحققت الوعود، سيصبح هذا الملعب نقطة تحول في تاريخ الرياضة الأردنية، ومكاناً لرسم أجمل اللوحات في حب الوطن والرياضة.