أخبار اليوم - النرجسية ليست مجرد مصطلح يستخدم لوصف الأشخاص الذين يبدون اهتماماً زائداً بأنفسهم، بل إنها اضطراب نفسي معقد يتراوح بين سمات طبيعية ومرضية. اضطراب الشخصية النرجسية (Narcissistic Personality Disorder - NPD) هو حالة نفسية خطيرة تؤثر على حياة الأفراد بشكل كبير، كما تؤثر على حياة المحيطين بهم إلى حد قد يعطل الحياة.
مع كثرة الحديث عن الشخصية النرجسية وتداخل السمات المميزة لها، قد تتساءلين إذا كنت شخصية نرجسية أم لا؟ خصوصاً أن الأصحاء قد تكون لديهم بعض السمات المشتركة مع النرجسيين؟!


ما هي النرجسية؟
النرجسية هي شعور مفرط بأهمية الذات والرغبة المستمرة في الحصول على الإعجاب من الآخرين، وفقاً لموقع American Psychiatric Association (APA)، في حين أن وجود بعض السمات النرجسية قد يكون طبيعياً لدى الأصحاء، إلا أن تشخيص الحالة باضطراب الشخصية النرجسية يعني وصول الأعراض إلى مستوى غير صحي، مما يؤثر على حياة الفرد وعلاقاته بالآخرين.
الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية النرجسية تظهر لديهم سلوكيات مثل الإحساس بالعظمة، عدم التعاطف مع الآخرين، يتوقون للإعجاب، وتظهر هذه الصفات بدرجات لا يمكن وصفها بالطبيعية.

أعراض اضطراب الشخصية النرجسية

تحدد "مايو كلينك" الأعراض الأساسية لاضطراب الشخصية النرجسية كالتالي:

الشعور بالعظمة: إحساس غير حقيقي بالتميز والأهمية الذاتية.
الاهتمام بالإعجاب: رغبة ملحّة لتلقي الثناء والإطراء باستمرار.
استغلال الآخرين: استخدام الآخرين لتحقيق أهداف شخصية.
عدم التعاطف: عدم القدرة على احترام مشاعر الآخرين أو فهمها.
رفض النقد: بالرغم من الإحساس بالعظمة، يعاني المصابون من تدني احترام الذات، ما يجعلهم شديدي الحساسية للانتقادات.
قد تكون الصفات السابقة موجودة في أشخاص أصحاء، لكن وفقاً للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5)، يجب أن تكون هذه الصفات ثابتة ومستدامة على مدى فترة طويلة لتُعتبر اضطراباً.

أسباب اضطراب الشخصية النرجسية
الأسباب الدقيقة لاضطراب الشخصية النرجسية غير معروفة، ولكن الأبحاث تشير إلى وجود مجموعة من العوامل المرجحة على أنها تسبب هذا الاضطراب، مثل:

الوراثة
يبدو أن الجينات قد تلعب دوراً كبيراً في الإصابة باضطراب الشخصية النرجسية. ذكرت أبحاث من National Institutes of Health (NIH) أن الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي من اضطرابات الشخصية أكثر عرضة للإصابة باضطراب الشخصية النرجسية NPD.

التنشئة والبيئة
أساليب التربية، مثل المبالغة في التدليل أو النقد الشديد، قد تُسهم في تطوير الشخصية النرجسية.

التغييرات الدماغية
أظهرت دراسات، اعتمدت على استخدام التصوير بالرنين المغناطيسي، أن الأشخاص المصابين باضطراب الشخصية النرجسية لديهم اختلافات في تركيبة الدماغ المرتبطة بالتعاطف وتنظيم المشاعر.


هل أنتِ شخصية نرجسية؟
التأكد من أن الشخص لديه اضطراب حقيقي يشير إلى شخصية نرجسية يتطلب تقييماً دقيقاً من قِبل متخصص في الصحة النفسية. وفقاً لـ Cleveland Clinic. يشمل التشخيص الآتي:

مقابلات مكثفة مع المريض.
استبيانات نفسية، مثل اختبار الشخصية النرجسية.
مراجعة السجل الطبي والعائلي للتأكد من العوامل الوراثية أو البيئية المؤثرة.
هل النرجسي مريض نفسي؟
يؤكد خبراء الصحة النفسية في Harvard Medical School أن السمات النرجسية ليست دائماً مرضية، بل إن بعض النرجسية قد تكون طبيعية ويمكن أن تكون مفيدة، مثل تعزيز الثقة بالنفس وتحفيز الطموح. لكن إذا كانت هذه السمات تؤثر سلباً على العلاقات الشخصية أو الحياة والعلاقات بشكل عام، فقد تكون هناك حاجة للحصول على تشخيص مهني وتحديد العلاج.

علاج اضطراب الشخصية النرجسية
الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية النرجسية لا يمكنهم الاعتراف بأنهم مرضى نفسيون، لذلك مهمة العلاج ليست سهلة وتختلف عن أي اضطراب نفسي آخر، ورغم ذلك قد يشمل العلاج عدة سبل مثل:

العلاج النفسي
يُعتبر العلاج بالكلام الطريقة الأكثر فعالية. يركز على تعليم المريض كيفية التعامل مع العلاقات وتطوير مهارات تعاطفية، وفقاً لـ American Psychological Association.

العلاج الدوائي
قد تُستخدم مضادات الاكتئاب أو الأدوية المضادة للقلق لعلاج الأعراض المرتبطة، مثل التوتر أو الاكتئاب.

العلاج السلوكي
تعليم المرضى كيفية التفاعل بشكل صحي مع الآخرين يمكن أن يساعد في تحسين حياتهم.

كيفية التعامل مع شخص نرجسي
إذا كنتِ تتعاملين مع شخص لديه سمات نرجسية، فإن Johns Hopkins Medicine توصي بما يلي:

تحديد حدود واضحة للعلاقة.
تجنب الجدال غير المثمر.
التركيز على تعزيز التواصل الإيجابي.
في النهاية، تشير تقارير إلى أن الحياة العصرية ووسائل التواصل الاجتماعي أسهمت في تعزيز السلوك النرجسي؛ من خلال إيلاء أهمية إلى نيل إعجاب الآخرين، مما يجعل من الصعب التمييز بين النرجسية الطبيعية، واضطراب الشخصية النرجسية.

العربية