الواقع يقول ان يلزم «رئيس الوزراء» نفسه وحكومته بجدول زمني محدد لتنفيذ كل ما جاء في بيانه الوزاري فيه نوع من المغامرة والجرأة، فكل الظروف والتحديات تشير الى ان «الرياح العكسية» ستهب عليها ما بين حين وآخر، فهل ينجح الرئيس وفريقه بما التزموا به؟
ان يلزم الرئيس «حكومته» بمثل هذه الظروف بوضع جدول زمني بما تعهدت به امام البرلمان والاردنيين فهو تحد يريد منه الرئيس ثلاثة أمور، اولا رسم خارطة طريق للعلاقة التي ستربط الحكومة بالنواب والتي تقوم على المساءلة والمراقبة حسب هذا الجدول. وثانيا وضع «الحكومة وفريقها» تحت ضغط المسؤولية بعيدا عن الإبطاء والتلكؤ والتحجج. وثالثا ايصال رسالة تفاؤل للمستثمرين وقطاع الاعمال.
الرسالة من الزام الحكومة نفسها بجدول زمني محدد لتنفيذ كل ما ورد ببيان الثقة واضحة وموجهة اولا لمجلس النواب ومفادها ان العلاقة التي ستربط الحكومة بالمجلس من رقابة ومحاسبة تخضع لهذا الالتزام فإن نجحت بالتنفيذ اولا باول ستعبر وبالشراكة مع المجلس لتنفيذ الخطوة التالية، وان اخطأت ايضا فستصوب اخطاءها وبالشراكة مع المجلس بطريقة شفافة وواضحة، وان لم تلتزم فهي تحت المحاسبة واعادة التقييم.
واما الرسالة الثانية فهي موجهة للمواطنين والاعلام على حد سواء، فـ«الجدول» الزمني هو الفيصل في الحكم على اداء الحكومة وفريقها الوزاري، وبانها ستضعهم اولا باول في كل تفاصيل عمل الحكومة وما يتم تنفيذه وما ستقوم به من اجراءات الهدف الاول والاخير منها تحسين «جودة الخدمات» وجذب الاستثمارات ومحاربة البطالة وتحقيق التنمية المستدامة واستغلال ما يمكن استغلاله من فرص وامكانيات.
الاهم في الزام الرئيس لحكومته بمواعيد وجدول زمني للتنفيذ، يكمن بالزام الفريق الوزاري وكوادره بكل وزارة ومؤسسة وهيئة بالتنفيذ واتخاذ القرارات والاجراءات بعيدا عن البيروقراطية، كما يضعهم تحت ضغط المسؤولية امام الرئيس نفسه وأمام كل مرؤوسيهم أيضاً، فالوزير مسؤول امام الرئيس والموظف مسؤول امام الوزير فإما يحاسب ويعاقب او يثني على عمله فيرقى.
خلاصة القول، هذه الحكومة وضعت على نفسها التزاما محددا بجدول زمني لتنفيذ بيانها الوزاري المختلف عن كل ما سمعناه من بيانات، لما فيه من تطلعات ومشاريع كبرى وخدمات ما كانت لتلزم نفسها بها بمثل هذه الظروف، ولذلك علينا ألا نذهب للاحكام المسبقة واعطاء الحكومة فرصتها، فان نجحت نجحنا وان فشلت نحاسبها كما هي تريد.