أخبار اليوم - تالا الفقيه - أشعلت مشاعر الحزن والغضب في الشارع الأردني، إثر اندلاع حريق في أحد دور رعاية المسنين بمنطقة الجويدة في العاصمة عمّان، ما أسفر عن وفاة 6 أشخاص وإصابات متفاوتة.
الحادثة التي وقعت في ساعة مبكرة من الصباح أثارت موجة واسعة من ردود الفعل، حيث طالب المواطنون بمحاسبة المسؤولين، وتحسين إجراءات السلامة في هذه المؤسسات التي يُفترض أن توفر ملاذًا آمنًا لفئة هي الأكثر حاجة إلى الرعاية والاهتمام.
تفاصيل الحادثة
وفقًا للتقارير الرسمية، اندلع الحريق في الطابق الأرضي من دار المسنين؛ بسبب ماس كهربائي في أحد الأجهزة، وسرعان ما امتدت النيران إلى غرف النزلاء الذين كانوا يغطّون في النوم. على الرغم من سرعة استجابة فرق الدفاع المدني، إلا أن الحريق أسفر عن خسائر بشرية مؤلمة وأضرار مادية كبيرة.
حزن وغضب في الشارع الأردني
تفاوتت ردود فعل الأردنيين بين الحزن على الأرواح التي أزهقت، والغضب بسبب ما وصفوه بالإهمال الذي أدى إلى وقوع الحادث.
في أحد التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، قال المواطن أحمد الدهام: "كيف يمكن أن يحدث مثل هذا الحريق في مكان يُفترض أنه مجهز بكل وسائل الحماية؟ هؤلاء كبار السن كانوا بحاجة إلى الأمان، ولكنهم فقدوا حياتهم بسبب إهمال واضح."
من جانبها، قالت فاطمة الخلايلة، وهي أم لأربعة أبناء: "هذا الحادث يكشف عن مشكلة أعمق تتعلق بغياب الرقابة على دور الرعاية. يجب محاسبة كل من كان مسؤولًا عن سلامة هؤلاء الأشخاص، وإلا فإن هذه الكارثة ستتكرر في أماكن أخرى."
أما الشاب محمد أبو جابر، فقد أعرب عن غضبه قائلاً: "لا يكفي أن نقول إن السبب ماس كهربائي. يجب أن تكون هناك تحقيقات شفافة لمعرفة إن كانت الدار تلتزم بمعايير السلامة. نحن نسمع كثيرًا عن إهمال في هذه المؤسسات، وهذه النتيجة المؤسفة دليل على ذلك."
مطالبات بالمحاسبة والتحقيق
الحادثة أثارت أيضًا دعوات من مؤسسات مجتمع مدني ونشطاء للمطالبة بفتح تحقيق فوري ومحاسبة المسؤولين. وقال المحامي عبد الله نصار: "هناك قوانين واضحة تتعلق بمتطلبات السلامة في دور الرعاية. إذا ثبت أن هناك إهمالًا، فإن المسؤولية لا تقع فقط على إدارة الدار، بل أيضًا على الجهات الرقابية التي منحت التراخيص."
بدوره، دعا الناشط الحقوقي زيد العمري إلى تأسيس لجنة وطنية للتحقيق في الحادث، مضيفًا: "هذه الحادثة ليست مجرد حادث عرضي، بل هي نتيجة لسلسلة من الإهمال المزمن. لا بد من مراجعة شاملة لكل دور الرعاية في المملكة لضمان عدم تكرار هذه الكارثة."
رد فعل الحكومة
وفي أول تعليق رسمي، أكدت وزارة التنمية الاجتماعية أنها بدأت تحقيقًا موسعًا لمعرفة ملابسات الحادث، مشيرة إلى أنها ستتخذ إجراءات صارمة بحق أي جهة يثبت تقصيرها. وقال المتحدث باسم الوزارة: "نحن ملتزمون بضمان سلامة نزلاء دور الرعاية، وسنتخذ كل الإجراءات اللازمة لتصحيح أي خلل في هذا القطاع."
دعوات لتعزيز الرقابة
وفي ظل هذا الحادث المأساوي، طالب كثيرون بتعزيز الرقابة على دور الرعاية في المملكة، مشددين على أهمية توفير تدريب مكثف للعاملين في هذه المؤسسات للتعامل مع حالات الطوارئ. وقال المهندس سامر العتوم، وهو خبير في أنظمة السلامة: "هذه الكارثة تؤكد أن هناك فجوات كبيرة في نظام إدارة السلامة في دور الرعاية. يجب أن تكون هناك تفتيشات دورية صارمة للتأكد من أن هذه المؤسسات مجهزة للتعامل مع أي حادث طارئ."
أمل في التغيير
ورغم الحزن العميق الذي خيم على الشارع الأردني، أعرب البعض عن أملهم بأن تكون هذه الحادثة نقطة تحول لتحسين أوضاع دور الرعاية. وقالت السيدة أمينة شرف، التي تعمل في مجال العمل التطوعي: "لا يمكننا إعادة الذين فقدناهم، لكن يمكننا أن نضمن ألا يعاني أحد آخر مثلهم. هذه مسؤوليتنا جميعًا كمجتمع."
الخاتمة
كارثة حريق دار المسنين في الجويدة لم تكن مجرد حادث عابر، بل صرخة مدوية تكشف الحاجة الماسة إلى مراجعة شاملة للسياسات والإجراءات المتعلقة بدور الرعاية في الأردن. وبينما ينتظر الشارع الأردني نتائج التحقيقات، يبقى الأمل بأن تؤدي هذه الفاجعة إلى تغييرات جذرية تضمن سلامة كبار السن وكرامتهم.