سهم محمد العبادي
روسيا، الحليف التاريخي للأنظمة التي تقتات على دماء شعوبها، قررت أخيرًا أن تستقبل الأسد الهارب وعائلته تحت غطاء "اللجوء الإنساني".
نعم، الإنسانية! كلمة تبدو نشازًا حين تقترن باسم بشار الأسد، الذي لا يعرف عن الإنسانية سوى كيفية سحقها بالبراميل المتفجرة والكيميائي والمقابر الجماعية.
أي إنسانية هذه التي تمنحها روسيا لقاتل قتل شعبه بدم بارد؟ الأسد الذي حوّل بلاده إلى أنقاض وشعبه إلى أرقام في قوائم اللاجئين والمفقودين، فجأة يتحول إلى "لاجئ إنساني"!
هل يحتاج التاريخ إلى مزيد من السخرية؟ بشار الذي لم يترك مستشفى أو مدرسة أو حيًا إلا وجعله مقبرة، يجد اليوم مأوى دافئًا تحت جناح بوتين، وكأن الجرائم تُنسى مع أول طائرة خاصة تهبط في موسكو!
منذ أن بدأ هذا النظام المشؤوم، كان بشار الأسد يتقن دور "المنقذ"، لكن إنقاذه الوحيد كان لنفسه وعائلته، تاركًا خلفه شعبًا بأكمله ليواجه المجهول.
هو لم يهرب من معركة، بل هرب من تاريخه، من صور أطفال الغوطة وهم يختنقون، ومن عيون الأمهات اللواتي، ودعن أبناءهن على شواطئ المنافي، ومن شوارع حلب التي ابتلعتها النار والدمار.
والآن، يحاول الاختباء تحت عباءة "اللجوء الإنساني"، ولكن هل يمكن لبشار الأسد أن يتحول إلى "لاجئ إنساني" بينما تلاحقه أرواح مئات الآلاف من الضحايا؟ روسيا التي تتحدث عن الإنسانية، وهي تمده بالأسلحة منذ 2011، تمنحه الآن مأوى، وكأنها تكافئه على عقود من الجرائم.
التاريخ لا ينسى، مهما حاول الطغاة الهروب، وما بين موسكو ودمشق، ستبقى دماء الأبرياء شاهدة على بشار ونظامه، حتى وإن حاول أن يعيد كتابة نهايته على الطريقة الروسية.