أخبار اليوم - تالا الفقيه - تُعد أسعار الخضار والفواكه واحدة من القضايا المثيرة للجدل في الأسواق المحلية، حيث يتكرر الحديث عن تفاوت الأسعار الكبير بين ما يحصل عليه المزارع وما يدفعه المستهلك النهائي. المزارع يشتكي من تدني أسعار البيع التي لا تغطي تكاليف الإنتاج، في حين يئن المواطن تحت وطأة أسعار مرتفعة تُثقل ميزانيته. وبين الاثنين، تبقى الحلقة المفقودة لغزًا حول الجهة المستفيدة من هذا الفارق الكبير.
في حديث مع أحد المزارعين، أشار إلى أن الأسعار التي يحصل عليها مقابل إنتاجه بالكاد تغطي التكاليف، مؤكدًا أن العمل في الزراعة أصبح غير مربح، وبدل أن يحصد ثمار تعبه، يواجه خسائر مستمرة.
هذا التفاوت في الأسعار يُجبر المزارعين على بيع منتجاتهم بأسعار زهيدة لتجار الجملة أو السماسرة، الذين يستفيدون من الفائض الكبير في الإنتاج، أو من ضعف قدرة المزارعين على الاحتفاظ بمنتجاتهم لفترة أطول.
تجار الجملة والسماسرة يشكلون حلقة أساسية في سلسلة التوزيع، حيث يشترون المنتجات بأسعار منخفضة جدًا من المزارعين ويبيعونها بأسعار أعلى لتجار التجزئة. ورغم أن دورهم في توفير المنتجات للسوق ضروري، إلا أن هناك اتهامات بوجود استغلال لهذه المرحلة لصالحهم.
أحد المواطنين يرى أن السماسرة هم السبب الرئيسي في ارتفاع الأسعار، معتبرًا أنهم يشترون كميات كبيرة بأسعار زهيدة، ويعيدون بيعها بأرباح مبالغ فيها، دون أن تعود الفوائد على المزارع أو أن تُبرر بالزيادة في التكاليف.
تجار التجزئة، الذين يُعدون الحلقة الأخيرة قبل وصول المنتج إلى المستهلك، يدافعون عن أنفسهم بأن الأسعار المرتفعة تُفرض عليهم من تجار الجملة، إلى جانب التكاليف الإضافية مثل النقل والتخزين.
يقول أحدهم إنهم يُجبرون على شراء المنتجات بأسعار مرتفعة من تجار الجملة، وعند إضافة تكاليف النقل والكهرباء والعمالة، يجدون أنفسهم مضطرين لزيادة السعر على المستهلك لضمان هامش ربح معقول.
المستهلك هو الطرف الأكثر تضررًا في هذه السلسلة، حيث يدفع ثمنًا مرتفعًا قد يعادل أضعاف السعر الذي حصل عليه المزارع
يشكو مواطن من شراء الكيلوغرام من البندورة بنفس سعر بكسة كاملة عند المزارع، متسائلًا عن سبب هذا الفارق الكبير، ومن المسؤول عن هذه الفوضى في السوق، وتتكرر هذه الشكاوى يوميًا، حيث يشعر المواطن أن هناك غيابًا للرقابة وضعفًا في تنظيم عملية التوزيع، مما يؤدي إلى هذا التباين الكبير في الأسعار.
يتساءل الجميع عن الأسباب الحقيقية وراء هذا التباين، ويُجمع كثيرون على أن المشكلة تتعلق بعدة عوامل متشابكة
غياب الرقابة الفعالة يزيد فرص الاستغلال، ووجود عدد محدود من السماسرة أو التجار الذين يتحكمون بالسوق يجعل الأسعار خاضعة لمصالحهم فقط. التكاليف الإضافية مثل النقل، التخزين، والضرائب غير المباشرة تزيد العبء على المنتج النهائي، في حين أن عدم وجود تنظيم فعال في الأسواق المركزية يُسهم في زيادة التفاوت بين الأسعار.
بينما يشتكي المزارع من الخسائر، والمستهلك من ارتفاع الأسعار، يبقى السؤال: من يستفيد من هذا الفارق الكبير؟ أحد المزارعين عبّر عن استيائه بأنهم يتحملون التكاليف والمخاطر، لكن الفوائد تذهب لوسطاء لا يعملون إلا على رفع الأسعار. في المقابل، يرى مواطن أن الحل يكمن في كسر احتكار السماسرة وتنظيم السوق.
لحل هذه المشكلة المعقدة، يجب اتخاذ خطوات عملية لتحقيق التوازن بين الأطراف المختلفة. يمكن إنشاء جمعيات تعاونية للمزارعين تتيح لهم بيع منتجاتهم مباشرة للمستهلك دون الحاجة إلى وسطاء.
يجب تعزيز الرقابة الحكومية على الأسواق المركزية وضبط الأسعار بين الحلقات المختلفة، وتحسين البنية التحتية للنقل والتخزين لتقليل التكاليف الإضافية التي يتحملها المنتج النهائي، كما يجب زيادة التوعية لدى المستهلكين حول أهمية دعم المنتجات المحلية وشرائها من مصادر موثوقة.
التفاوت الكبير بين أسعار المزارعين وأسعار المستهلكين هو مشكلة تؤثر على الاقتصاد الوطني والعدالة الاجتماعية
لتحقيق توازن بين الأطراف المختلفة، يجب أن يكون هناك نظام أكثر شفافية وتنظيمًا لسلسلة التوزيع. المزارع والمستهلك هما الأساس في هذه العملية، ويجب حماية حقوقهما لضمان سوق أكثر عدالة وكفاءة تخدم الجميع.
أكد رئيس اتحاد مزارعي وادي الأردن عدنان الخدام أن تجار التجزئة يمثلون العنصر الأساسي الذي يربط بين المزرعة والمستهلك، مشددًا على أهمية وجود أسواق موازية حقيقية لتسهيل هذه العملية.
وأشار إلى أن الحكومة بادرت إلى إنشاء أسواق موازية في المناطق الشعبية، مثل المخيمات، إلا أن ارتفاع تكلفة إيجار المواقع داخل هذه الأسواق دفع التجار إلى رفع الأسعار، مما أفقدها الغاية المرجوة من إنشائها.
ودعا الخدام إلى ضرورة توفير أسواق مباشرة لبيع الخضار والفواكه من المزارع إلى المستهلك، مؤكدًا أهمية وضع حد أدنى وأقصى لأسعار هذه المنتجات بما يضمن التوازن بين ظروف المزارعين واحتياجات المستهلكين.