أخبار اليوم - في اليوم 428 للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، لا تزال قوات الاحتلال الإسرائيلي تضع نصب أعينها محاربة المستشفيات والمؤسسات الصحية، سيما تلك المستشفيات التي بقيت صامدة في شمال قطاع غزة كمستشفى كمال عدوان.
ويوم أمس الجمعة، استشهد أربعة أطباء في مستشفى كمال عدوان في شمال غزة المحاصر، بعد أن دخلت قوات الاحتلال الإسرائيلي المجمع، فيما أسفر الاقتحام عن استشهاد وإصابة عشرات المواطنين في المناطق المحيطة بالمستشفى.
وذكر الدكتور حسام أبو صفية، مدير المستشفى، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال عمليتها أجبرت العاملين في مجال الرعاية الصحية والمرضى على مغادرة المنشأة، ودمرت الإمدادات الطبية الحيوية.
وأضاف أبو صفية أنه في الساعات الأولى من صباح الجمعة، أرسل جيش الاحتلال الإسرائيلي شخصين بملابس مدنية إلى المستشفى، وطلبا من الناس عبر مكبر صوت إخلاءه.
نيران بشكل مباشر
وأوضح أن الجيش احتجز "عددا كبيرا" من الشباب خلال المداهمة التي استمرت ساعتين، بينهم عاملون في مجال الصحة وفلسطينيون لجأوا للمستشفى.
وقال أبو صفية إن قوات الاحتلال الإسرائيلي أطلقت نيرانها بشكل مكثف ومباشر، بينما كانت المركبات العسكرية تحاصر المستشفى، قبل أن تحاصر المرضى والنازحين والعاملين الصحيين في الساحة واقتادتهم بالقوة إلى نقطة تفتيش تقع إلى الجنوب باتجاه مدينة غزة.
وأضاف "في البداية، كانت هناك سلسلة غارات جوية على الجانبين الشمالي والغربي للمستشفى، رافقتها نيران مكثفة ومباشرة، اقتربوا مني وأمروني بإجلاء جميع المرضى والنازحين والطاقم الطبي، ونقل الجميع في ساحة المستشفى واقتادوهم بالقوة إلى نقطة التفتيش.
وقال أبو صفية إن أعضاء الوفد الطبي الإندونيسي، وهم الفريق الوحيد الذي يجري عمليات جراحية في كمال عدوان، كانوا من بين الذين أُجبروا على المغادرة ولم يُسمح بعودتهم.
وبعد ساعات، انسحبت قوات الاحتلال الإسرائيلية من المستشفى التي تُعتبر أحد آخر المرافق العاملة المتبقية في شمال غزة.
أضرار بالغة
وأضاف أبو صفية أن موظفي المستشفى والمرضى غادروا المنشأة فوجدوا مئات القتلى والجرحى في الشوارع المحيطة.
وأظهرت صورة نشرها الدكتور أبو صفية على وسائل التواصل الاجتماعي ما لا يقل عن 17 جثة بفناء المستشفى.
وقال إن 20 شخصا آخرين أُصيبوا بجروح "وهم بحاجة إلى رعاية عاجلة"، مضيفا أن جيش الاحتلال الإسرائيلي ألحق أضرارا بالغة بقدرات توليد الأكسجين، وأنه لا يوجد الآن سوى جراحين اثنين "مبتدئين" في المستشفى.
من جهته قال مدير المستشفيات الميدانية في وزارة الصحة بغزة "مروان الهمص"، إن اقتحام الاحتلال لمستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة، يهدف إلى إخراج المستشفى عن الخدمة والضغط على أبناء شعبنا للنزوح إلى جنوب القطاع.
القضاء على المنظومة
وأوضح الهمص في تصريح صحفي أن المنظومة الصحية تعد أحد أهم عوامل صمود أبناء الشعب الفلسطيني في شمال القطاع، لذا يسعى الاحتلال للقضاء عليها بصورة كاملة لتهجير المواطنين.
وأعرب عن أسفه من أن الجرحى منتشرين في شوارع شمال القطاع ولا يوجد مركبة اسعاف واحدة قادرة على نقلهم للمستشفى، وفي حال وصولهم إلى هناك فإنه لا يمكن تقديم لهم سوى الإسعافات الأولية.
وتابع الهمص، أي جريح حالته فوق المتوسطة في شمال غزة، للأسف ينتظر دوره للاستشهاد، معربا عن أسفه من أن شوارع شمال القطاع ممتلئة بالشهداء والجرحى.
وذكر مدير المستشفيات الميدانية أن جيش الاحتلال يواصل حتى الآن الاستهدافات في محيط المستشفى، ويراقب محيطه بالقناصة والطائرات المسيرة التي تمنع حركة المواطنين في المنطقة.
ولم يكن استهداف مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة منعزلا عن سياسة استهدف ممنهجة ومستمرة تجاه المنظومة الصحية في قطاع غزة، إذ اقترف جيش الاحتلال مجازر لا تحصى تجاهها، وأخرج 25 من أصل 35 عن الخدمة.
وفي محافظة شمال قطاع غزة، يقول توجد 3 مستشفيات: أحدها خاص وهو مستشفى العودة، ومستشفيان حكوميان هما كمال عدوان والإندونيسي، لم يزل منهما قيد العمل البسيط بسبب قيود وحصار الاحتلال هو مستشفى كمال عدوان والبقية غير فاعلة وخارجة عن الخدمة، فقد انهار العمل في "الإندونيسي" بعد أن قصفه الاحتلال وحاصره مع بداية العملية البرية ضد مخيم جباليا.
ووفق مؤسسات رسمية ودولية تواجه مستشفيات شمالي القطاع ومنظومة الإسعاف والدفاع المدني استهدافا ممنهجا من الاحتلال الذي يشن منذ 6 أكتوبر/تشرين الأول الماضي هجوما عنيفا على مخيم جباليا ومناطق الشمال موقعا أكثر من ألفي شهيد وأكثر من 6 آلاف جريح، ودمارا هائلا في الأبنية السكنية.
ويأتي ذلك في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، مخلفة نحو 148 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة متفاقمة تخيم على القطاع المحاصر.