أخبار اليوم - محرر الشؤون البرلمانية - في جلسة برلمانية حملت نبرة نقد واضحة، ألقى النائب وسام الربيحات خطابًا شاملاً تحت قبة البرلمان، تناول فيه قضايا متعددة تتعلق بالحريات، العدالة الاجتماعية، الملف الاقتصادي، وحقوق محافظة الطفيلة، مشددًا على ضرورة الانتقال من الشعارات إلى العمل الجاد والحلول الشمولية.
بدأ الربيحات خطابه بتحية خاصة للشعب الأردني العظيم الذي يتحمل الجراح والصعوبات دون أن يفقد ولاءه وحبه للوطن. كما وجه تحية حارة إلى الشعب الفلسطيني الصامد، والمقاومة البطلة، قائلاً: "سلام من حي الطفايلة إلى المجاهدين في غزة... توأمة في الشعور والدعاء والإسناد." وأعلن دعمه الشخصي من مخصصاته البرلمانية لأهالي غزة، داعيًا زملاءه النواب إلى أن يحذوا حذوه.
استذكر الربيحات تاريخ البرلمان الأردني منذ تأسيس الإمارة، مشيرًا إلى أهمية الحفاظ على هذه المؤسسة كأحد أركان الدولة. ودعا زملاءه النواب إلى التصدي لكل المحاولات الرامية إلى إضعاف المؤسسة التشريعية، مشددًا على أن دعم فلسطين يجب أن ينتقل من الشعارات إلى الواجب الفعلي، خصوصًا في ظل السياسات العدوانية التي تنتهجها حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل.
انتقد الربيحات ازدواجية خطاب الحكومة بشأن "تمتين الجبهة الداخلية"، مشيرًا إلى أن الواقع يعكس شيئًا مغايرًا تمامًا. وأوضح: "بدلاً من تعزيز الوحدة الوطنية، نشهد إعلامًا يمارس التشكيك والتخوين وكأنه وصي على الانتماء الوطني." ورفض أن يكون الولاء للوطن مرتبطًا بالمنفعة، قائلاً: "الوطنية ليست صفقة تجارية تُباع وتُشترى."
هاجم الربيحات قانون الجرائم الإلكترونية، واصفًا إياه بأنه "سلاح مسلط على رقاب المواطنين". وأشار إلى أن هذا القانون تسبب في التضييق على الحريات العامة وإثارة الغضب الشعبي، مستشهدًا بقضايا اعتقال الناشطين أحمد حسن الزعبي ونعيم جعابو وآخرين. ودعا الحكومة إلى مراجعة هذا القانون الذي يناقض تطلعات المجتمع المدني.
تناول الربيحات ما وصفه بالإجراءات التعسفية التي اتخذتها الجامعات بحق الطلاب، مستشهدًا بحادثة منع طلاب من جامعة العلوم الإسلامية من إقامة صلاة الغائب على الشهداء. وأضاف أن إدارة الجامعة تجاوزت القيم التربوية بالتعامل مع الطلاب كخصوم، مشيرًا إلى فصل ثلاثة طلاب دون تدرج في العقوبات، رغم وجود أحكام قضائية تدعو إلى تخفيف العقوبة.
واعتبر الربيحات أن هذه السياسات تسهم في خلق جيل يشعر بالظلم منذ نعومة أظفاره، مشيرًا إلى أن جامعات أخرى مثل الأردنية والهاشمية انتهجت سياسات مشابهة تجاه الطلاب المتضامنين مع غزة.
أكد الربيحات أن محافظة الطفيلة تعاني من إهمال حكومي مزمن، مشيرًا إلى أن دراسات عديدة تؤكد أحقية الطفيلة في الحصول على دعم أوفى وأوفر. ودعا الحكومة إلى اعتماد خطة شمولية تعالج مشاكل المحافظات، وتخفف الضغط عن العاصمة.
واقترح الربيحات إعفاء المدينة الصناعية في الطفيلة من فاتورة الكهرباء لتفعيلها، وإعادة النظر في اتفاقيات شركات الطاقة لتقليل الكلفة على السكان، والمساهمة في سداد مديونية جامعة الطفيلة التقنية، وافتتاح كلية علوم طبية في الجامعة، وإصلاح الطريق الصحراوي الممتد من الحسا إلى العيص.
قدم الربيحات وصفة اقتصادية جريئة تتطلب، بحسب قوله، رئيس وزراء يمتلك الولاية العامة. ودعا إلى إعادة فتح ملف التخاصية وتحويله إلى القضاء، مؤكداً أن هذا الملف يمثل نقطة انطلاق لاسترداد الموارد الوطنية ومحاربة الفساد. وأضاف: "أرباح الفوسفات هذا العام وحدها تؤكد أن الخصخصة كانت قرارًا كارثيًا."
لم يغفل الربيحات الحديث عن أمانة عمان، مشيرًا إلى وجود العديد من المشكلات التي تحتاج إلى حلول عاجلة. ودعا إلى فتح إيصال الخدمات للمواطنين وفق شروط متفق عليها، وتعديل نظام العاملين لتحويل المكلفين إلى اختصاصاتهم المناسبة.
اختتم الربيحات خطابه بالدعوة إلى تبني حلول شمولية للأزمات التي تواجه الوطن، مشددًا على أهمية محاربة الفساد وتعزيز العدالة الاجتماعية والحفاظ على حقوق المواطنين. وقال: "النقاش في الموازنة أصبح ترفًا إذا لم يقترن بخطة عملية تنقذ الوطن من أزماته."
بكلماته الحادة ونبرة الصراحة، أثار الربيحات تساؤلات عميقة حول سياسات الحكومة وأداء مؤسسات الدولة، واضعًا تحت الضوء ملفات ملحة تتطلب إجابات وحلولًا عاجلة.