‏أهلاً بالخطاب " الركيك" حين يكون أردنياً

mainThumb
‏حسين الرواشدة

03-12-2024 06:58 PM

printIcon

‏حسين الرواشدة
‏تصوّر، خطاب رئيس الوزراء لنيل الثقة من البرلمان" ركيك"، لانه تحدث عن الأردن ، ولم يتطرق لفصائل المقاومة في غزة ، تصور ، أيضاً ، مطلوب من الأردن أن يمنح الإقامة والجنسية للأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين وابنائهن ، تصور ، ثالثا ، لابد من فتح القنوات ، الآن ، مع حماس للدفاع عن الأردن ، تصور، رابعا ، قيمة الأردن ليست في ذاته ولا في تاريخه ولا في قداسة ترابه ودماء شهدائه، وإنما ، فقط، بالجغرافيا التي وضعته في هذا المكان ( وفهمكم كفاية).


هذا جزء من خطابات بعض النواب تحت قبة البرلمان الأردني ، ( وهو امتداد لخطابهم بالشارع) ، لاحظ التوقيت ، حيث تداهمنا أشباح الوطن البديل وسيناريوهات التجنيس ، وبنادق المليشيات التي لا تؤمن بالدولة، لاحظ المكان ؛ البرلمان الأردني وليس اجتماعا للفصائل والتنظيمات ، لاحظ الخلط بين أجندتين، احداهما وطنية -أو هكذا يفترض - تتعلق بالأردن ، في مناسبة دستورية تقدم فيها الحكومة بيانها لنيل الثقة من النواب ، فيما الأجندة الأخرى لا ترى في الأردن إلى "دِرعاً " او "تُرساً" أو "أرض حشدٍ ورباط" ، مهمته الانتحار لإيجاد حل لقضايا الآخرين على حسابه.


‏تصوّر ، في المقابل ، أبناء المفرق ( حسب احد النواب) يدرسون في كرفانات واللاجئين هناك يدرسون في مدارس نموذجية ، تصور أيضا أكثر من ‫13‬ سكان الأردن من اللاجئين (3.8 مليون)، حيث أن واحداً من كل ثلاثة من سكان الأردن لاجيء ، وتبلغ نسبة مشاركتهم في سوق العمل نحو 60% ، ومقابل وجود مليون عامل وافد من ذوي المهارات المتدنيه ، يوجد مليون أردني مهاجر في الخارج ، معظمهم من أصحاب الكفاءات، ويعاني 50% من الشباب الأردني ، ممن هم في سن العمل ، من البطالة.


تصوّر ، ايضاً ، كميات المياه المتوفرة في الأردن – حسب الناطق الرسمي باسم الوزارة – لا تكفي إلا لـ ” 3″ ملايين نسمة فقط ، هذا يعني أن نحو "8" ملايين من سكان الأردن لا نصيب لهم من المياه،فيما تشير الإحصائيات إلى أن عدد سكان الأردن تضاعف في السنوات العشر الأخيرة ، حيث بلغ (حزيران 2012) نحو “6” مليون، ثم اصبح (2023) اكثر من “,11,5” مليون نسمة، وفي العام الماضي ،فقط ، بلغت الزيادة السكانية 280,000 نسمة


‏صحيح ، الأردنيون منذورون لخدمة أمتهم، نفهم ذلك ونقُدّره، وجاهزون دائما لدفع استحقاقاته عن طيب خاطر ، لكن الأردنيين ، أيضا ، يجب أن يكونوا منذورين لخدمة بلدهم أولا ، كما يجب أن يكون من يمثلهم، سواء في البرلمان أو غيرهم، منذورين للدفاع عن مصالحه وهويته الأردنية ، وأن لا يتقمصوا أي قضية خارج السياق الوطني للإساءة إلى بلدنا ، أو الإنتقاص من دوره وتاريخه، لا يجوز ، أبدا ، أن نتجاوز سيرورة التاريخ أو نغرق فيه، الدولة الأردنية هي الإطار الأول والأهم ، ولا يحق لطرف أن يقايضها او يستبدلها بتنظيم مهما كان اسمه، لا على صعيد الانتماء أو الاحتماء، ولا بتحشيد الشارع ورفع الرايات، أو إشهار الهتافات والتغني بالرموز.


‏معقول أن يُصنّف بعض السادة النواب ، وغيرهم أيضا، خطاب رئيس الحكومة بالركيك لانه تحدث باسم الأردن ومصالحه، أو لانه قال بصراحة :"إن حل القضية الفلسطينية في فلسطين وليس في الأردن "، ( اهلاً ومرحبا بالركاكة إذا كانت تتحدث عن الأردن وباسمه) ، معقول أن يمارس بعض الذين صعدوا فوق شجرة المقاومة تصنيف الأردنيين خارج الملة الدينية والوطنية والقومية لمجرد أنهم قالوا: لنا قضية أردنية هي الدولة ومصالحها ، أو لنا بلد نصر على أن يصمد ويبقى قويا ، لكي نعيش فيه بكرامة، أو لأنهم رفضوا تيارات الوطن البديل والتجنيس والكونفدرالية ، وغيرها من الوصفات ذات الدمغة الصهيونية التي يُراد لنا أن نبتلعها كالسم ، كل هذا لنثبت أننا منذورون لأمتنا وقضاياها العادلة؟


‏كفى مقايضات ، حان الوقت لكي نرفع أصواتنا أمام الجميع بلا خوف ولا تردد ، هذا الأردن دولة لا تتقمص هوية أي دولة أخرى أو أي تنظيم ، لها هوية واحدة، وشعب واحد، ومصالح معرّفة ، وحدود مرسومة ، تلتقي مع أمتها في إطار ديني وقومي وحضاري، وتساند قضاياها العادلة ، لكنها ترفض أن يساومها بعض الذين يتحدثون باسمها على وجودها ومصالحها وخياراتها ، ترفض أن تنخرط في سوق المزاودات التي يُروج لها من لا يراها إلا من ثقب أجنداته ومصالحه.


باختصار أوضح ، الأردن أولا لمن يريدها دولته وقضيته وأولويته، ومن يراها غير ذلك لا يجوز أن يتحدث باسمها.