أخبار اليوم - بعد الجدل الذي أثارته مقترحات سابقة كان بدئ تداولها قبل سنوات عدة بضرورة هدم مدرسة كفرنجة الثانوية للبنين واستبدالها بمبنى آخر، ومعارضة الأهالي لتوجه كهذا، استقر الأمر أخيرا ببدء تنفيذ قرار إجراء أعمال صيانة وترميم شاملة للمدرسة التي يبلغ عمر بنائها نحو 74 عاما.
ويرى ناشطون ومواطنون، أن هذه المدرسة تعد من المدارس التراثية القديمة التي ينبغي المحافظة على طابعها المعماري، مؤكدين أن قرار وزارة التربية بإبقائها والاكتفاء بأعمال الصيانة والتقوية لمبناها القائم هو القرار الصائب الذي يجمع عليه غالبية السكان.
ووفق المواطن خالد عنانبة، فإن "مدرسة كفرنجة الثانوية بمبناها القائم حاليا تعد من أقدم مدارس المملكة، وتشكل لدى آلاف الذين تخرجوا منها والذين عملوا فيها معلما علميا وتراثيا ومرتبطا بذاكرتهم، ما يستدعي الإبقاء عليها".
أما المواطن محمد الخطاطبة، فيشير، من جهته، إلى أن "المدرسة لها أهمية تاريخية وتحمل إرثا كبيرا لأبناء مدينة كفرنجة الذين تتلمذوا في هذه المدرسة، حيث خرجت أجيالا متعلمة"، مؤكدا أن وزارة التربية والتعليم أصابت بالتراجع عن هدمها وبدء العمل بإعادة تأهيلها وصيانتها للحفاظ على طابعها المعماري.
ويقول المواطن إيهاب فريحات، إنه يجب الحفاظ على المدرسة بوضعها الحالي وتدعيمها وترميمها، مؤكدا أنها تعد من الأبنية التراثية المحمية بموجب أحكام القانون، ما يعني منع هدمها، لا سيما أنها خرجت عشرات الأجيال.
ومن وجهة نظر المواطن عبد الله العسولي، فإن "المدرسة التي تأسست قبل أكثر من سبعة عقود، تستحق منا جميعا كل الرعاية والاهتمام للحفاظ على طابعها المعماري، فقد ترسخت ذكرياتها لدى كل من تخرج فيها، فهم يتذكرون كل غرفها ومرافقها وساحاتها التي أمضوا فيها جزءا من أعمارهم، وتخرجوا في هذا الصرح العلمي الشامخ".
وأضاف العسولي: "أنت يا مدرستي منهل العلم والمجد، تتلمذ فيك علماء، وبقيت آثارهم عالقة على جدرانك، وبصمات أيديهم شاهدة على قداسة المكان، فتهفو النفس كلما مر أحد من جانب طريقك الذي فيه تاريخ وذكريات خالدة، ويختلج القلب شوقا كلما شاهد شموخك الباهي، فقد كبرت مدينتي وتغيرت الحياة بمن فيها وتغيرت معالمها وأماكنها، وبقيت أنت يا مدرستي قابعة على مرتفعات كفرنجة شاهدة على عظمة المكان، وكأنها تقول لنا قد تتغيرون أنتم، أما أنا فلن أتغير ما دامت راية الوطن ترفرف على هامتي، وسأبقى أزجي إليكم أبناء متعلمين ترفعون بهم رؤوسكم متسلحين بعلم وفكر، فمني العلم ومنكم العمل، فكلكم أبنائي أبقى أذكركم ما تعاقب الليل والنهار، فأنا حصن العلم المنيع وأنا أمكم الولود".
وبحسب رئيس مجلس التطوير التربوي في المحافظة علي القضاة، فإن مدرسة كفرنجة الثانوية تعد من أقدم المدارس الثانوية على مستوى المملكة، فهي ذات بناء متميز وتحمل طابعا تراثيا جميلا، ما يستدعي الحفاظ عليها وإجراء أعمال صيانة وتقوية بحيث تكفل لها ديمومتها ومواصلة العملية التدريسية فيها.
وبين القضاة، أن مساحة المبنى الذي كان مقترحا كبديل عن المدرسة لن يحدث فرقا لأبناء اللواء، ولا يراعي تزايد أعداد الطلاب سنويا، مشيرا إلى أنه يتم تسجيل نحو 12 شعبة للذكور سنويا للطلاب في الصف الأول الابتدائي.
إلى ذلك، أكد المهندس المشرف على أعمال الصيانة للمدرسة المهندس أنس الخطابي، أنها ستشتمل على صيانة إنشائية للمبنى الحجري القديم، وتتضمن معالجة سطح المبنى من خلال عمل مدة ميلان وعزل باستعمال الرولات الخاصة، وعمل رصيف مسلح حول المبنى مع بلاط من الجهة الخارجية ودعم وتقوية جزء من المبنى من خلال طريقة التغليف الجانبي والخارجي بالخرسانة المسلحة، وإضافة رصيف جديد فوق الجزء المعالج، وإزالة وإصلاح الأجزاء الرخوة من سقف وأعمدة المبنى، وعمل جسور من الداخل، ومعالجة التشققات في الجدران باستعمال المواد الخاصة، وصيانة عامة للأبواب والنوافذ وشبك الحماية وجلي البلاط وإعادة الدهان الداخلي والخارجي، وإعادة تكحيل الواجهات الحجرية وصيانة وحدات الإنارة.
يذكر أن الأمطار الغزيرة التي تشهدها المنطقة كانت تتسبب في سنوات سابقة بسقوط قصارة سقوف بعض صفوف المدرسة وتعرضها للدلف، ما اضطر مديرية تربية المحافظة في إحدى السنوات إلى إخلاء بعض الغرف الصفية احترازيا للحفاظ على سلامة الطلاب والمعلمين من سقوط أي كتل إسمنتية أثناء تواجدهم داخلها.
وكانت "التربية" أكدت قبل 6 سنوات، أنه وفي حال هدم المدرسة، فإنه سيتم إلزام المقاول باستخدام الحجارة على جدران المدرسة الحالية، ليصار إلى إعادة استخدامها في البناء الحديث في محاولة للحفاظ على الطابع التراثي والمعماري للمدرسة، مشيرة إلى أن الجمعية العلمية الملكية سبق أن قامت بالكشف على المبنى الذي يزيد عمره على أكثر من 70 عاما، وأوصت حينها بالعمل على إزالته نظرا لقدمه.
إلا أن سكان المنطقة حينها كانوا أعربوا عن معارضتهم لقرار وزارة التربية والتعليم قبل سنوات عدة باستبدال مبنى مدرسة كفرنجة الثانوية للذكور ذي الطابع التراثي القديم، بمبنى آخر صغير تحكمه المساحة المحدودة، مؤكدين أنه لا يراعي النمو السكاني المتزايد أو يعوض عن خسارة مدرسة تاريخية.
وأوضحوا، حينها، أن حجم البناء الذي كان مقترحا بمساحة 600 متر مربع، وفي حالة إزالة المبنى القديم والتراثي الذي يزيد على 800 متر مربع، فإنه لم يأخذ بعين الاعتبار الزيادة الطبيعية في أعداد السكان والضغط المتزايد على المدارس، ما يستدعي الإبقاء على المدرسة.
ورأى معارضون لقرار إزالتها أن المدرسة التي يزيد عمرها على 7 عقود، تعد إرثا تاريخيا لا يجوز التخلي عنه، وينبغي الاكتفاء بإعادة ترميمها وصيانتها مع الحفاظ على طابعها المعماري.
يشار إلى أنه، ووفق معلومات موثقة، فإن تاريخ بناء المدرسة بدأ في العام 1948 بإنشاء عدد من الغرف، وتم الانتهاء منها بوضعها الحالي في العام 1952.
الغد