ريشة العكور تجسد ملامح الوجوه بانسيابية وواقعية

mainThumb
الفنانة التشكيلية الأردنية منار بلاب العكور

27-11-2024 09:15 AM

printIcon

أخبار اليوم - تعتمد الفنانة التشكيلية الأردنية منار بلاب العكور في أعمالها على أرضية فكرية وعلمية، تسعى من خلالها إلى الوصول إلى مفاهيم تتجاوز الدلالات العامة. إذ تتميز أعمالها باستنباط المعاني والرموز التشكيلية، في محاولة لكسر قيود الرتابة والجمود. ويتجلى ذلك في أسلوبها الذي يتراوح بين الواقعية التعبيرية والبورتريه، حيث توظف العلم للتعبير عن الجمال بخطوط سلسة وإبداعية.
تعمل العكور ضمن ورشها الفنية في أجواء هادئة، بعيدة عن الصخب، حيث تعكس في لوحاتها حبها للحياة. وتسعى إلى الدمج بين العلم والفن، مقدمة أعمالا تعكس شغفها.
تتميز أعمالها بالنضوج الفكري والبصري، وترى أن البورتريه نافذة لقراءة دواخل الإنسان، وتعتمد الانسيابية في الخطوط والنتوءات، مع استثمار لتأثيرات الضوء والظل، مما يثري المحتوى الجمالي لأعمالها ويبرز احترافية أداءها.
العكور ما تزال طالبة تصميم جرافيكي ووسائط متعددة في جامعة عمان الأهلية، وأظهرت تميزا لافتا في أسلوبها الفني.
وفقًا لما ذكرته في حديثها لـ"الغد"، فإنها تعتمد في أعمالها على استخدام الفرشاة واللون الزيتي لإبراز الملامح الواقعية للوجوه التي ترسمها. وأوضحت أنها ما تزال توثق الحالات المختلفة بأساليب فنية متعددة، مشيرة إلى أن الصورة الوجهية تظل الأداة الأهم للتعبير عن هذه الحالات وغيرها.
وترى العكور، أن الوجه يشبه كتابا مفتوحا يمكن قراءة ملامح صاحبه الآنية من خلاله، واستخلاص حالته النفسية والقضايا التي تحيط به. وتؤكد أن الصورة ليست مجرد وسيلة بصرية، بل هي جسر يتيح الوصول إلى أعماق الإنسان.
والعكور، تبين أن الوجه الإنساني هو الوسيلة الأهم للتواصل مع العالم، وأكثر المفردات قدرة على نقل الحالات الانفعالية والتفاعل بين الناس. تعتبر الوجه مرآة صادقة تعكس الحياة الداخلية للشخص، وتظهر تفاعله مع محيطه وما يمر به من تجارب عبر مراحل العمر المختلفة.
تؤكد العكور أن الوجه الإنساني لا يقتصر على تحديد هوية الشخص وإعطائه صورته وماهيته، بل يشكل أيضا عنصرا تشكيليا غنيا، قادرا على حمل الكثير من المعاني والدلالات. من هنا، جاء اهتمامها برسم الوجوه الإنسانية، وسيلة تعبيرية ذات عمق جمالي وفكري.
تشير الفنانة العكور، التي شاركت في معارض فنية دولية عدة، منها The Golden Brush في أنقرة بتركيا، ومعرضي أجيال 3 وهمسة ألوان في البحرين، إضافة إلى مشاركتها في معارض الفن ثقافة وتاريخ الشعوب بمواسمه الثلاثة (2022، 2023، 2024) في عمان، إلى أن أعمالها تعتمد بشكل أساسي على عناصر الوجه.
تسعى العكور إلى تقديم تعبير مختلف عن الوجه الإنساني في أغلب لوحاتها، حيث تغوص في أعماق الإنسان والطبيعة، مستخرجة ما تخفيه تلك الأعماق في صور جمالية جذابة وقابلة للتأمل والقراءة.
وترى العكور، أن العلاقة مع اللوحة متبادلة؛ "اللوحة تقرأني وأقرؤها"، مؤكدة أنها تكتشف الكثير من التفاصيل غير المرئية عند التفاعل مع اللون والخطوط. وبالتركيز على جوهر الفكرة، تتمكن من صياغة أعمالها بأسلوب يستفز شغف المتلقي، ويدعوه للتأمل في المعاني والدلالات الرمزية التي تحملها اللوحة.
تؤمن العكور، التي صممت غلاف كتاب "ستة" للكاتب أيمن العتوم، بأهمية حضور الفنان التشكيلي في مختلف القضايا التي تمس مجتمعه والمحيط الذي يعيش فيه. وترى أن الفنان يجب أن يتأثر بما يدور حوله من ظروف حياتية لتكون مصدر إلهام لمواضيع أعماله الفنية.
وتؤكد العكور أن الفن التشكيلي لا يقتصر على الإقناع البصري فقط، بل يجب أن يحمل رسالة فكرية وهدفا يعبر عن قضايا ذات أبعاد إنسانية واجتماعية.
وتطرقت العكور، الحائزة جائزة الحوراني للفنون والتصميم عن لوحتها الزيتية "أحلام أطفال غزة في مستقبلهم ونصرهم بينما هم يجلسون على ركام منازلهم"، إلى ميلها للتعبير عن المشاعر والقصص الإنسانية من خلال رسم البورتريه. تستعين بالتعابير الضرورية في ملامح الوجوه، ولا سيما في رسم المرأة وانفعالاتها العاطفية، لتبرز جمالها وبراءتها وعالمها الغني.
وعن أسلوبها الفني، تقول: "أميل إلى رسم المواضيع التي تحمل تعابير عميقة تنقلني إلى عوالم النفس والمشاعر، مما يلامس إحساس المتلقي مباشرة ويخلق حالة تأثيرية. هذا ما أسعى إلى تحقيقه في الكثير من أعمالي".
تكرس العكور جهدها لتوظيف أعمالها الفنية في خدمة القضايا الإنسانية، وبخاصة ما يتعلق بمعاناة الشعب الفلسطيني من تنكيل وقتل وتدمير، ولا سيما في غزة والمدن الفلسطينية. تسعى إلى تسليط الضوء على هذه المعاناة من خلال الرسم، معتبرة أن الفن التشكيلي وسيلة لنقل تلك المعاناة إلى العالم، كونه لغة عالمية مشتركة يفهمها الجميع.
وتختتم حديثها قائلة: "أحاول أن أكون أسلوبي الخاص في تقديم شكل مميز من الفن التشكيلي، لأفرغ طاقتي وأعبر عن أفكاري باستخدام الفرشاة واللون".

"الغد"